هدى جاسم، وكالات (بغداد)
قتل 4 متظاهرين وشرطيان عراقيان وأصيب أكثر من 100 في بغداد ومدن أخرى جراء مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، تزامناً مع تصاعدت الاحتجاجات الشعبية وأعمال قطع الطرق والإضرابات وذلك مع انتهاء مهلة حددها المحتجون للطبقة السياسية للاستجابة لمطالبهم وتشكيل الحكومة، فيما قطع متظاهرون في بعقوبة بمحافظة ديالى عدة طرق تضامناً مع الحراك الشعبي، يأتي ذلك فيما خوّل مجلس الأمن الوطني القوات الأمنية باعتقال من يقوم بقطع الطرق وغلق الدوائر الحكومية وحرق الإطارات.
وأقدم المحتجون على قطع العديد من الطرق الحيوية وسط بغداد فضلاً عن قطع الطرق الخارجية التي تربط العديد من محافظات الوسط والجنوب الأمر الذي تسبب بشلل شبه تام في حركة النقل البري والسككي بين المحافظات.
ووفقاً لشهود عيان وناشطين، فقد شهد شارع محمد القاسم الحيوي وسط بغداد عمليات كر وفر بين الأجهزة الامنية والمحتجين الذين حاولوا قطعه منذ ليل أمس الأول. وقتل ثلاثة متظاهرين وأصيب أكثر من 65 آخرين في مصادمات شهدتها المنطقة المحصورة بين جسر محمد القاسم وساحة الطيران ببغداد.وقالت وسائل إعلام محلية إن القتلى سقطوا نتيجة اشتباكات اندلعت بين الطرفين وأسقطت مصابين من الجانبين.
بدورها، أعلنت خلية الإعلام الأمني أمس، عن إصابة 14 ضابطاً بجروح خلال رمي الحجارة عليهم من «مثيري الشغب» حسب وصفها.
وذكر بيان للخلية «أثناء تأدية قواتنا الأمنية واجباتها لحماية المتظاهرين وتأمين مدخل ساحة التحرير من تقاطع قرطبة، أقدمت مجموعة من مثيري العنف على تخريب أرصفة الشوارع واقتلاع الحجر المقرنص ورمي القوات الأمنية به». وأضاف البيان أن «هذه الأفعال أدت إلى جرح 14 ضابطاً، حيث كانت إصابتهم في الرأس، كما تعرض آمر اللواء الثالث في الفرقة الأولى بالشرطة الاتحادية إلى كسر في ساقه اليسرى». وأشار البيان إلى أنه تم نقل الضباط المصابين للمستشفيات القريبة، موضحا أن القوات الأمنية استمرت بضبط النفس ومتابعة واجباتها الأمنية المكلفة بها رغم ما تعرضت له.
وأعلنت قيادة عمليات بغداد القبض على مجموعة حاولت قطع طريق في منطقة «الصليخ»، مشيرة إلى أن القوات الأمنية أعادت فتح الطريق وألقت القبض على المجموعة وأحالتها إلى القضاء. وأكدت قيادة عمليات بغداد التزامها بتوجيهات رئيس الحكومة في حماية المتظاهرين السلميين وتأمين ساحة التظاهر الرئيسة في بغداد والمناطق المحيطة، داعيةً المتظاهرين السلميين إلى الابتعاد عن الاحتكاك مع القوات الأمنية ومنع المجموعات التي تحاول إثارة العنف من التغلغل داخل ساحة التظاهر.
وفي مدينة الناصرية جنوبي العراق، قال مصدر أمني إن المحتجين قطعوا أمس، الطريق الدولي القادم من محافظة البصرة باتجاه محافظات وسط وشمالي البلاد مستخدمين العوارض الحديدية والحجارة. وأشار إلى أن المحتجين رفعوا الأعلام العراقية وصور الضحايا الذين سقطوا في الاحتجاجات الشعبية في الناصرية، مضيفاً أن الشرطة لم تشتبك معهم وهي تحاول التوصل إلى اتفاق لإعادة فتح الطريق.
وفي محافظة الديوانية، وزع المحتجون بياناً أكدوا فيه مضيهم بقطع الطرق التي تربط المحافظة ببقية المحافظات المجاورة فضلاً عن قطع مداخل مركز المحافظة.
أما في محافظة البصرة، قالت مصادر أمنية إن سيارة مدنية دهست شرطيين وقتلتهما أثناء الاحتجاجات. وأضافوا أن السائق كان يحاول تفادي مكان الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن عندما صدم اثنين من أفراد الأمن. كما انتشرت الأجهزة الأمنية منذ فجر أمس، بكثافة في شوارع المحافظة وعند التقاطعات الرئيسة لمنع أي أعمال متوقعة لقطع الطرق.
وفي كربلاء، أوضح الشهود أن القوات العراقية طاردت المتظاهرين الذين أغلقوا الشوارع وسط المدينة باستخدام الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع، مما تسبب بمقتل متظاهر وإصابة أكثر من 25 آخرين.
وفي محافظة ذي قار، أفادت مصادر محلية بأن المحتجين صعدوا من احتجاجاتهم بعد انتهاء المهلة التي حددوها لتكليف رئيس حكومة انتقالية. وقالت المصادر إن المحتجين قطعوا الطريق الدولي الرابط بين بغداد والمحافظات الجنوبية، مبينةً أن المحتجين أحرقوا الإطارات ووضعوا سرادق اعتصام على الطريق الدولي.
وفي واسط، قامت مجاميع من المعتصمين أمس، بقطع مداخل الطرق الخارجية في جميع الأقضية التابعة للمحافظة.
وقال عضو اللجنة التنسيقية للتظاهرات حازم محمد إن هذا التصعيد في الاحتجاجات الشعبية جاء رداً على التجاهل الحكومي لمطالب المتظاهرين. وأضاف تم منع دخول المركبات القادمة من بغداد والمحافظات المجاورة إلى مركز واسط أو عبورها الى المحافظات الجنوبية، مبيناً أنه في حالة استمرار التجاهل الحكومي سيكون هناك تصعيد آخر يستمر حتى تنفيذ مطالب المتظاهرين.
وفي سياق الاحتجاجات، قطع متظاهرون جسر الجمهورية وسط بعقوبة، مركز محافظة ديالى، بالإطارات المحروقة تضامناً مع الحراك الشعبي في بغداد والمحافظات الأخرى. وتجمع المئات من المتظاهرين في ساحة الفلاحة وسط بعقوبة وقاموا بقطع الجسر الحيوي الذي يربط الأحياء الغربية بالمناطق الشمالية الشرقية للمدينة تضامناً مع مطالب المتظاهرين في بغداد والمحافظات الجنوبية.
إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء الركن عبدالكريم خلف قوله، إن مجلس الأمن الوطني العراقي خول للقوات الأمنية اعتقال من يقوم بقطع الطرق وغلق الدوائر الحكومية. ودعا خلف المتظاهرين إلى الالتزام بساحات التظاهر التي تم تأمينها وعدم الخروج إلى الطرقات وقطعها لتجنب الاعتقالات.
الأمم المتحدة: قادة العراق غير قادرين على الاتفاق
أكدت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جنين بلاسخارت، أمس، أن القادة السياسيين في العراق لا يزالون غير قادرين على الاتفاق على طريق المضي قدماً.
وقالت في بيان صحفي «في الأشهر الأخيرة، خرج مئات الآلاف من العراقيين من جميع مناحي الحياة إلى الشوارع للتعبير عن آمالهم في حياة أفضل، خالية من الفساد والمصالح الحزبية والتدخل الأجنبي، كما أن مقتل وإصابة متظاهرين سلميين إلى جانب سنوات طويلة من الوعود غير المنجزة قد أسفر عن أزمة ثقة كبيرة». وأضافت «وبعد شهرين من إعلان رئيس الوزراء استقالته، لا يزال القادة السياسيون غير قادرين على الاتفاق على طريق المضي قدماً، في حين كان هناك إقرار علني من جميع الجهات الفاعلة بالحاجة إلى إصلاح عاجل، فقد حان الوقت الآن لوضع هذه الكلمات موضع التنفيذ وتجنب المزيد من العرقلة لهذه الاحتجاجات من جانب أولئك الذين يسعون لتحقيق أهدافهم الخاصة، ولا يتمنون الخير لهذا البلد وشعبه». وأشارت بلاسخارت إلى أن «أي خطوات اتخذت حتى الآن لمعالجة شواغل الناس ستبقى جوفاء إذا لم يتم إكمالها». وبينت أن «الوحدة الداخلية والتماسك والتصميم عوامل تتسم بالضرورة العاجلة لبناء القدرة على الصمود في مواجهة المصالح الحزبية الضيقة والتدخل الأجنبي أو العناصر الإجرامية التي تسعى بنشاط إلى عرقلة استقرار العراق». وتابعت «من الواضح أن التصعيد الأخير في التوترات الإقليمية قد أخذ الكثير من الاهتمام بعيدا عن العمل المحلي العاجل غير المنجز».
وشددت على ضرورة ألا «تطغى التطورات الجيوسياسية على المطالب المشروعة للشعب العراقي، فلن يؤدي ذلك إلا إلى المزيد من غضب الرأي العام وانعدام الثقة». وأكدت أهمية بذل قصارى جهد الحكومة لحماية المتظاهرين السلميين، مؤكدة أن القمع العنيف للمتظاهرين السلميين لا يمكن قبوله ويجب تجنبه بأي ثمن.
وختمت بيانها بدعوة المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية، وتجنب العنف الذي يؤدي إلى نتائج عكسية وتدمير للممتلكات.