محمد المنى (أبوظبي)
مع طلوع فجر يوم أمس، الأحد، بدأت النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الموريتانية تتوالى، مشيرةً إلى تقدم المرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، على خمسة منافسين خاضوا جميعاً السباق الرئاسي المنظم، أول أمس السبت، للظفر بأصوات 1.544 مليون ناخب مسجل، موزعين على 3780 مكتب اقتراع (منها 45 في الخارج).
ووفقاً للنتائج الأولية شبه النهائية، فقد حل زعيم حركة «إيرا» النائب البرلماني بيرام ولد الداه ولد اعبيدي في المرتبة الثانية، بنسبة 19.8% من أصوات الناخبين، يليه في المرتبة الثالثة الوزير الأول السابق سيدي محمد ولد بوبكر الذي نال نسبة 18.2%، بينما حل في المرتبة الأولى مرشح الأغلبية الرئاسية الحاكمة، وزير الدفاع السابق محمد ولد الغزواني، بحصوله على 50.3% من إجمالي أصوات الناخبين، وهي نسبة تشير إلى حدة الاستقطاب الذي عرفته هذه الانتخابات، حيث وقفت وراء عدد من المرشحين فيها قوى سياسية واجتماعية وأيديولوجية، بذلت جهداً تعبوياً كبيراً للغاية، كاد يفضي إلى الدفع نحو تنظيم شوط ثاني من التصويت.
ورغم أن ولد الغزواني حُظي هو أيضاً بدعم قوي من جانب الأغلبية الرئاسية الحاكمة وأحزابها، ومن رجال الأعمال والوجهاء المحليين وقادة الطرق الصوفية وسكان المناطق الريفية في مختلفة أنحاء البلاد وقطاعات من سكان المدن.. فإن النسبة التي فاز بها تشير إلى درجة من النزاهة والشفافية، طبعت هذه الانتخابات وربما ميزتها عن سابقاتها، إذ تعد هذه النسبة الأولى من نوعها في تاريخ الانتخابات الرئاسية الموريتانية، منذ بداية اعتماد التعددية الحزبية والنظام الانتخابي في البلاد عام 1991، في إطار التحول «الديمقراطي» الذي عرفته كثير من دول القارة الأفريقية بضغط من فرنسا، ومن التحولات التي شهدتها أوروبا الشرقية في حينه. ومنذ ذلك الوقت، اعتاد الرئيس معاوية ولد الطايع الذي حكم خلال الفترة بين عامي 1984 و2005 أن يفوز بنسب تتراوح بين 60 و90 في المئة، كما فاز الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز في عامي 2009 و2014، بنسبة تزيد على الـ60 في المئة. وكانت أقل نسبة فوز تلك التي أوصلت سيدي ولد الشيخ عبد الله إلى كرسي الحكم في عام 2007، ليصبح أول رئيس مدني منتخب للبلاد، حيث فاز في الشوط الثاني بحوالي 54%.
ويشير فوز ولد الغزواني في الانتخابات الحالية، إلى الفارق بين النتائج التي يحصدها الرئيس، وهو مرشح من داخل كرسي الحكم لخلافة نفسه، ونتائج مرشح آخر يدعمه الرئيس ويرغب في إيصاله إلى المنصب. وبقدر ما أفاد ولد الغزواني، من وقوف الرئيس عزيز إلى جانبه وتبنيه لترشحه ولجانب كبير من حملته الانتخابية، فإن ذلك الدعم جعل قطاعات واسعة من المجتمع تحسب كل الأخطاء وأوجه القصور خلال عهد ولد عبد العزيز على ولد الغزواني. فهو رفيق سلاحه على مدى أربعين عاماً، وقد أطاحا معاً في انقلاب عسكري عام 2005 بالرئيس معاوية ولد الطايع، كما أطاحا في انقلاب آخر بالرئيس ولد الشيخ عبدالله، ليظل غزواني الرجل الثاني في الحكم كقائد للجيوش ثم كوزير للدفاع، قبل أن يتقاعد ويغادر الحكومة في مارس الماضي، مقدماً نفسه للرأي العام كمرشح لانتخابات الرئاسة لعام 2019.
وفي ساعة متأخرة، من ليل السبت، الأحد أعلن ولد الغزواني فوزه بالانتخابات الرئاسية في شوطها الأول، وقال في كلمة ألقاها في تجمع لأنصاره أمام قصر المؤتمرات القديم، بالعاصمة نواكشوط: إن «الشعب الموريتاني اختار نهج الإصلاح».
وكان المرشح الفائز قد قام خلال حملته الانتخابية على مدى الأسبوعين الماضيين، بجولة داخلية طاف خلالها على جميع عواصم ولايات البلاد الـ12، وقبل ذلك زار عواصم المقاطعات، وعددها 55 مدينة، حيث شارك في مهرجانات انتخابية حاشدة تحدث فيها أمام أنصاره، متعهداً بالعمل على إدخال إصلاحات مهمة تحقق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.