بيروت - دانيال حصري:
دخل صاحب الشوارب والقبعة، مرتدياً شخصية لا تشبهه إطلاقاً وسط أصوات الموسيقى الهادئة والضوء الخافت، وأضفى حالةً من الصمت والرهبة ، وتوجهت أنظار الجمهور إلى المنصة حيث يقف هذا الغريب، وبدأ الكلام، وبدأ يخلع ثيابه التنكريّة· هو، فيني رومي، يتكلم عن الحب، ويروي قصة أسكتت الجميع، وملأت العيون بالدموع، نحن أمام قصة حب حزينة·
هكذا قدم فيني نفسه، في حفل إطلاق عمله الأول الذي يحمل اسمه، ووصلتنا رسالته الأولى: 'ان الحب حقيقة بعيدة عن المظاهر في زمن أصبح المرء لا يشبه نفسه'·
'فيني' عنوان ألبومه الذي يتضمن قصصا وأغنيات تكمّل القصة التي يرويها بشغف لفترة دقائق قصيرة، وتنقل المستمع من عالم الواقع المادي إلى عالم الحب الجميل المليء بالأحلام· فمن يشاهده على محطة 'روتانا موسيقى' وهو ينقل إلينا 'آخر الأخبار' يجهل أن وراء هذا الوجه النشيط المليء بالحركة والتفاعل كما كبيرا من الإحساس والرومانسية· اكتشفنا أنه عاش معظم القصص التي يرويها في العمل، وهي مراحل كثيرة، فالحب بالنسبة له لا يمكن أن يقتصر على حالة واحدة وإنما هو عبارة عن عدة حالات يعيشها الإنسان من الهجرة والاشتياق، التضحية والمسامحة، البكاء والسعادة·
فكرة الألبوم
ويجيب عن كيفة تكوين فكرة 'الألبوم' ولماذا لم يعبّر عن أفكاره بالكتابة قائلا: 'لست شاعراً ولا مغنياً ، وبما أنني أقدم برنامجاً إذاعياً أسبوعياً أروي خلاله قصص حب، قررت أن أقدّم للجمهور ما أتقنه، أقدّم فناً مختلفاً، وأحاكي الحب بطريقة أخرى بعيدة عن الكتابة والموسيقى، ولا تهمني نسبة البيع لأنني لا أجري وراء المال· الحمد لله حدثت الأمور كما خططت لها، سوقت للفكرة ، ووصلت للجيل الجديد الذي اعتبر أنني عدت به إلى مرسى الحب في ظل زحمة الأغنيات والكليبات في السوق الفني، واخترت الأغنيات الجديدة التي تنسجم مع القصة ، مثلاً في قصة عن وجع الحب، اخترت أغنية إليسا 'حبك وجع'، والأغنية تكمّل القصة أو الحالة التي أحاول إيصالها للمستمع'·
ويضيف فيني: 'قالوا لي انني أعدت إحياء وتذكير الجمهور العربي بالمشاعر والأحاسيس، ان الدنيا تحولت إلى دنيا المظاهر والمال والماديات، أصبح المرء يقدر بأملاكه وثيابه ، لهذا السبب دخلت المسرح في يوم الإطلاق متقمصاً ثياب شخص آخر، أود تقديم شيء مختلف للجمهور، انني اكتفيت بدعوة الفنانين الذين شاركت بأغنياتهم في العمل، والباقون اتصلوا بي تعبيراً منهم عن محبتهم لي وانا أقدرهم جداً وأشكر محبتهم لأنهم اتصلوا بي وشرفوني بمجيئهم، وشرفني حضور الفنان مروان خوري الذي كان لأغنيته 'كل القصايد' حصة في الألبوم· وكنت خائفاً من تعليق الفنان ميشال الفتريادس، علماً بأنني ارتديت مثله القبعة فخفت من ردة فعله· وأخبرتني الفنانة ميريام فارس أنها دمعت حين سمعت الرواية ، وكذلك الفنانة أمل حجازي التي تأثرت كثيراً'·
أما عن الفنانين الذين لم ترد أسماؤهم في العمل فقال: 'لن أتحدث عن التفاصيل، علماً بأن بعضهم عاتبني لأن أغنيته تتضمن معاني مرتبطة بالروايات التي قدمتها، ولكن لا بد من التوضيح أنه كان علي الالتزام بالفنانين المتعاقدين مع شركة روتانا ليكون لي حق استعمال الأغنية وانتاجها، بالإضافة إلى أن الموسوعة الفنية لدى الشركة غنية جداً بأجمل الأغاني، مما شجعني على الاكتفاء بها· وضعت الأغنيات إلى جانبي، وكتبت القصة ، ولكل قصة انتقيت أغنية تليق بها، سجّلت القصص بصوتي، واخترت الأغاني، والشركة اهتمت بتسوية المسائل القانونية للأغنية، وتولت عملية تبليغ الفنان بتضمين أغنيته إلى 'الألبوم'· وانني كما قلت لست كاتباً وإنما أملك إحساساً كبيراً عبرت عنه بطريقتي، علماً بأنني أسير في هذا الطريق منذ سبع سنوات مع انطلاقة برنامجي الإذاعي leiC الذي يتمحور حول نفس الموضوع، فأنا أعيش الحالات التي أخبر عنها بصدق ودون تمثيل'· ولقد دعوت رجال الصحافة ، وأشكر كل الذين قدروا هذا العمل ولكن أحياناً يكون هدف البعض توريطي في مشكلة، وهذا ما يحدث مع كل توقيع فني·
الحب هجر وخيانة
يعترف فيني بأنه "repyh" ويميل إلى الرومانسية ويعيش حالة جنون، ولا يعيش دون حب 'صبية سرقت قلبي'، ويرى أن الحب أصلاً عذاب ولكنه عذاب جميل، ولا يجب أن يعتبر المرء نفسه أحب من خلال قصة حب واحدة نجحت ، لأن الحب هو الهجر، والخيانة، والحب من جديد، فهذه مشاعر تولد مع الحب، وهذه قصص كلها تحصل في الحياة، وفي الأغنية تخيلت نفسي أعيش القصة نفسها بالتفاصيل·
وعن عدد المرات التي أحب فيها في حياته يقول: 'أعجز عن عدها، في كل مرة يطرق الحب باب القلب يشعرني أنها المرة الأولى، وفي كل مرة أظن أن ما كان في قبلي ليس حباً، لذا لا يمكنني أن أحدد، الحب يأتي بأشكال مختلفة ، والذي يصمد في النهاية هو الحب الذي يجب أن نعيشه، فليس هناك حب أبدي، وإنما هو الحب الذي يجب أن نعيشه· ولا أدرك إذا كان سيبقى أبدياً·
ويقيّم فيني تجربة مشاركته للفنانة دينا حايك في فيديو كليب 'درب الهوى' بأنها تجربة عشوائية لم يخطط لها، ويستبعد امكانية تكرار التجربة مع فنانة أخرى، وان كان لا يستبعد دخول عالم التمثيل ، ويحرص على أن يقدّم ما يمكنه تقديمه، لذا لم يقرر الغناء لأنه يدرك تماماً مقدرته الصوتية، فقدّم روايات بصوته بعد تجربة إذاعية طويلة من هذا النوع ، وبعد أن ثبتّت ثقته بنفسه·
الجمهور هو الحكم
أنا شخص عادي مثل كل الشباب، بدأ من إذاعة 'صوت الغد' منذ فترة سبع سنوات ، ودخل عالم التلفزيون على شاشة روتانا منذ سنتين في برنامج 'آخر الأخبار'، وأتابع اوبرا وينفري، جورج قرداحي وعماد الدين اديب· ولا يحق لي أن أعطي رأيي بأداء هالة سرحان وتقديمها، فهي بدأت في التلفزيون قبلي، وأعرفها على الصعيد الشخصي، وأدرك أنها تجتهد في عملها، ولا يمكنني القول إذا ما كنت أحب تقديمها نعم أم لا، لأنه في النهاية الجمهور هو الحكم·
الطفولة وقصص المغامرات
يتذكر فيني طفولته ويقول: كنت أنتظر بشغف ساعة القصص، أذكر حين كنت أجلس على الأرض في الصالون أنا وإخوتي أستمع للقصص التي يرويها لنا جدي، أمثال قصص مغامرات النسر وبيضة الذهب· كنت أعشق التركيبات القصصية التي تحمل معنى، لذا كنت دائماً أؤلف أخباراً وأربطها وأسلسلها بالمعنى الصحيح· أنا مستمع جيد منذ صغري·
كلمات القصة
ربما يستمع الجمهور' للألبوم' مرةً واحدة، ويضعونه جانباً· وربما يروق للبعض، ولكنني فوجئت بأنهم حفظوا كلمات القصة، كما لم أفعل أنا· وفي الأردن، حين كنت أوقّع العمل وبعد إطلاقه بيومين، وقفت صبية وسط الحفل ورددت كلمات القصة بحذافيرها، هذا ما أفرحني كثيراً وأكّد ثقتي في العمل أكثر وأكثر·