الأحد 27 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 35 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كابوس الذكور في ليلة العمر

كابوس الذكور في ليلة العمر
8 نوفمبر 2005
صلاح الحفناوي:
بداية هذه المحاورة حول متاعب الذكور في ليلة الدخلة أو ليلة العمر قصة غريبة، بدأت بسؤال لا يخلو من طرافة رغم أهميته وحجم القلق الذي يعكسه· البداية كانت عندما طلب احد القراء بإلحاح مقابلة عاجلة، للتحدث في مشكلة 'خطيرة جدا'·· ولأنني تصورت أن لديه معلومات مهمة عن مرض أنفلوانزا الطيور مثلا، طلبت مقابلته فورا لتتوالى المفاجآت·
قال فيما يتصبب عرقا ويحاول أن يقاوم خجله، إنه يستعد للزواج وأن ليلة الزفاف ستكون بعد خمسة أيام، وإنه خائف حتى الفزع من الفشل في هذه الليلة·· قال إن أصدقاءه نصحوه بتناول الفياجرا أو السيالس، وبالاقتصار في طعامه طوال الأيام المتبقية، على الروبيان أو الجمبري والحبار وأنواع أخرى من الأسماك 'الجنسية' أو التي يسود اعتقاد بأن لها تأثيرا مؤكدا ومجربا على 'الفحولة'·· نصحه بعضهم بأن يجرب نفسه في علاقة 'عابرة' حتى لا يُفضح في ليلة 'ليلاء' ليس لها نهاية، نصحه آخرون بتناول العسل المحتوي على الغذاء الملكي أو الرويال جيلي، وبتناول كبسولات الجنسنج، ولا مانع من تناول بعض الفيتامينات المركبة والمكملات الغذائية الأخرى· قال محدثي وقد بلغ خجله مداه أن صديقا مقربا نصحه بتناول الخمر ليلة الزفاف حتى ينسى مخاوفه ويقدم على عروسه إقدام الأبطال الفاتحين!!·
محدثي كان شابا في مقتبل العمر، لا يتجاوز عمره الثامنة والعشرين، لا يشكو من أي مرض أو عرض، لا يعاني من السكري ولا ارتفاع ضغط الدم ولا البدانة ولا أي مشاكل أخرى· مشكلته أنه يعتبر اللقاء الزوجي الأول اختبارا لرجولته وفحولته وقدرته وقوته، أن الفشل في هذا الامتحان يعني ضياع هيبته وانهيار مكانته، يعني نهاية أليمة وصدمة عظيمة لقصة الحب الجميلة التي ربطت بينه وبين عروسه، مشكلته انه أسلم أذنيه لأصدقائه الذين تصوروا أنهم يساعدونه فزادوا مخاوفه·
طرحت المشكلة بكل تفاصيلها على أحد الأساتذة المتخصصين في طب الذكورة والعقم··· فكانت المفاجأة أن المشكلة ليست شخصية ولا فردية، بل مشكلة عامة يعاني منها الكثيرون، وكانت المفاجأة أن بعض الخائفين من امتحان ليلة الدخلة يقعون فريسة الإدمان على المواد المخدرة والمسكرة ظنا منهم أن فيها الحل أو أنها 'برشامة' النجاح في الامتحان الصعب·
كابوس الذكور في ليلة العمر كان محور هذه المحاورة التي تتجاوز الخطوط الحمراء وتقترب من المناطق الصعبة في حياة الكثيرين، مع الأستاذ الدكتور خالد محمود عثمان الحاصل على البورد الأمريكي في الصحة الجنسية، وعضو الجمعيات العالمية لأبحاث الضعف الجنسي والأمريكية للعلاج والتعليم الجنسي والدولية للذكورة والعقم، ورئيس وحدة طب الذكورة في مستشفى السلامة بأبوظبي·
قبل··· وبعد
يقول الدكتور خالد عثمان إن فشل اللقاء الحميم الأول بين الزوجين أو ما يعرف بفشل ليلة الدخلة من أهم العوامل التي تحرم الزوجين من إقامة علاقة حميمة بشكل صحي، وقد يؤدي إلى فشل العلاقة الزوجية بكاملها، إذا لم يتم التعامل مع الموقف بحكمة·
ومن الحقائق التي قد تبدو غريبة للكثيرين أن الضعف الجنسي أو الفشل الجنسي ليلة الدخلة يختلف في معظم الحالات من حيث الأسباب والعوامل المساعدة عن الضعف الجنسي الذي يصيب البعض في مراحل من العمر بعد سنوات من علاقة زوجية سليمة وطبيعية·
ومن الحقائق الغريبة أيضا أن هذه المشكلة، مشكلة الفشل الجنسي في اللقاء الزوجي الأول، لم تحظ بما تستحقه من اهتمام علمي ولم تخضع لأي دراسات دقيقة تحدد حجمها في المجتمعات العربية، وتناقش أسبابها وتبحث في أفضل وسائل علاجها، وهو ما دفعني عندما لاحظت كثرة المترددين على عيادات طب الذكورة من ضحايا هذه المشكلة إلى إجراء دراسة بحثية حولها اشتملت على متابعة التاريخ الصحي وإجراء الفحوص التشخيصية وتحديد الأسباب والعوامل المساعدة وتقييم برامج العلاج لحوالي 105 حالات يعاني أصحابها من الفشل الجنسي فى ليلة الزفاف·
قراءة دقيقة
ولتحقيق الهدف من الدراسة تم أخذ التاريخ المرضى كاملا من كلا الزوجين·· وهذه أيضا حقيقة شديدة الأهمية فالمشاكل الجنسية هي مشاكل مشتركة بين الزوجين وعلاجها يتطلب التعامل مع الزوجين معا وليس مع الزوج وحده· وشملت دراسة التاريخ الصحي قراءة دقيقة للتاريخ الشخصي والتاريخ الطبي والجراحي بالإضافة إلى التاريخ الطبي الجنسي· فقد طلب من كل مريض الإجابة على أسئلة استمارة استقصاء لتقييم حالة الانتصاب طبقا للاستفتاء الدولي لوظائف الانتصاب، إلى جانب عمل فحص عام لكل حالة كجزء من عملية التقييم، مع التركيز على الفحص الإكلينيكي للأعضاء التناسلية وغدة البروستاتا لاستبعاد أي خلل أو عيب خلقي أو مستحدث نتيجة إصابة أو مرض ما·· كما تم فحص الإحساس العصبي والانعكاسات العصبية الخاصة بمنطقة الحوض· وتم إخضاع كل حالة لسلسلة الفحوصات المعملية الروتينية والتي اشتملت على قياس معدل السكر بالدم، وتحليل بول وتحليل إفراز غدة البروستاتا وقياس معدل الهرمون الذكرى بالدم، ومن ثم تقييم قدرة الانتصاب بالاختبار الموضعي للعضو الذكري لكل حالة·
حالات مختارة
وبناء على نتائج هذه الفحوص العديدة، تم انتقاء حالات معينة من مجموعة أفراد العينة، لعمل فحوصات أكثر تقدما كقياس، معدلات وقوة الانتصاب الليلي بجهاز الريجيسكان، وكذلك تقييم كفاءة الأوعية الدموية خاصة الشرايين المسؤولة عن الانتصاب عن طريق فحص الجسم الكهفي والشريان الذكري بواسطة جهاز الدوبلاكس· وعند وجود مؤشرات لتسريب بأوردة العضو الذكري يتم عمل اختبار الأشعة الملونة أو أشعة الصبغة على الجسم الكهفي وأوردة العضو الذكري وذلك لتأكيد أو نفى التسريب الوريدي لأوردة وتقييم حجمه·
يضيف الدكتور خالد عثمان: نتائج هذه الدراسة التي أجريت في مصر أظهرت العديد من الحقائق المهمة ومنها على سبيل المثال أن أسباب الضعف الجنسي ليلة الدخلة تختلف كثيرا عن أسباب الضعف الجنسي في مراحل أخرى من العلاقة الزوجية حيث يتصدر العامل النفسي قائمة العوامل المسببة لهذه الحالة·
الضعف النفسي
فقد أظهرت النتائج الإحصائية للدراسة أن الأسباب النفسية كانت السبب الأول والوحيد في 93,3 بالمائة من الحالات موضوع الدراسة، في حين أن العامل الأكثر أهمية كان ارتفاع معدل التوتر والقلق من فشل الأداء والذي شكل 67,62 بالمائة من حالات الدراسة· كما ثبت أن 4,76 بالمائة من الحالات تأثرت بالتجارب الجنسية الفاشلة السابقة، وشكل الجهل الجنسي نسبة 0,95 بالمائة من الحالات، والإحساس بالذنب نتيجة التزمت الديني كان سببا في 1,85 بالمائة من الحالات·
وظهر في بعض الحالات عدد من الأمراض النفسية التي يعتقد أنها السبب المباشر في الفشل مثل الاكتئاب في 0,95 بالمائة من الحالات والوسواس القهري في 0,95 بالمائة من الحالات، والاضطراب الثنائي في 0,95 بالمائة· وكانت قلة أو انعدام الانجذاب الجنسي نحو الزوجة سببا في 1,85 بالمائة من الحالات، وعدم التوافق الجنسي 1,9بالمائة·
وقد عانى 9,52 بالمائة من عينة الدراسة من عدم تعاون الزوجة وأحيانا الرفض الكامل لاستكمال الاتصال الجنسي، ومن العوامل الأخرى المتعلقة بالزوجة كان الانقباض المهبلي التشنجي هو السبب في 3,8% من الحالات· ومثلت العوامل العضوية نسبة 2,85 بالمائة فقط من الحالات موضوع الدراسة·
مشاكل سلوكية
ومن خلال الإحصائيات التي تم اجراؤها تبين أن عامل السن ومستوى التعليم وتباين مستوى المعيشة واختلاف ظروف النشأة كعوامل اجتماعية وسلوكية لها دور محدود في حدوث هذه الشكوى، وتحتاج هذه الجزئية للمزيد من الدراسة لعدد أكبر من الحالات لهذه الأسباب فقط لبيان التأثير الفعلي لها· ومما يؤسف له ـ يقول الدكتور خالد عثمان ـ أنه على الرغم من الارتفاع النسبي في المستوى التعليمي للحالات موضوع الدراسة إلا أن المعتقدات الخاطئة والإيمان بالسحر والشعوذة واللجوء إلى أساليب الدجل كانت مسيطرة على عدد كبير من المرضى موضوع الدراسة مما يشير إلى استمرارها كجزء من ممارسات ومعتقدات المجتمع المصري· ومما يسترعى الانتباه، على الرغم من أنها إحصائيا لم تمثل جزءا من العوامل المسببة، فقد لاحظنا أن مستوى المعرفة الجنسية ومستوى المهارات الجنسية أقل بكثير عما هو متوقع·· ولهذا فنحن نؤمن بأهمية التثقيف الجنسي وزيادة الوعي الجنسي وأن تقييم القدرة الجنسية قبل الزواج من أهم العوامل التي قد تجنب الزوجين فشل ليلة الزفاف·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض