في صالونات الحلاقة الرجالية يتزايد الاهتمام بنظافة أدوات الحلاقة المستخدمة، وذلك نتيجة لتنامي الوعي لاسيما بين الشباب، الذين يحرصون على النظافة من باب ديني وثقافي عملاً بالقول الأثير “النظافة من الإيمان”، وكذلك لمفهوم صحي يحث على الوقاية من الأمراض المعدية سواء الجلدية أو تلك التي تنتقل بالدم.
يحرص شباب، مواطنون ووافدون في الدولة، على اصطحاب أدوات الحلاقة الخاصة بهم لدى ارتيادهم صالونات الحلاقة الرجالية، وذلك لضمان الحصول على نظافة وتعقيم كاملين لهذه الأدوات، وعدم استخدامها من قبل أحد آخر، أما الذين لا يصطحبون أدواتهم الخاصة فيفضلون استخدام أدوات خاصة تستعمل لمرة واحدة قبل أن ترمى في سلة المهملات.
ويتزامن هذا الحرص الفردي، مع حرص عام تقوده جهات حكومية في الدولة من خلال حملات تفتيش دورية وحملات توعية تطال الحلاقين والجمهور من أجل ضمان خدمات أفضل خالية من أي ملوثات صحية أو أمراض معدية.
حقيبة خاصة
وتختلف صالونات الحلاقة الرجالية من صالون إلى آخر من حيث الخدمات التي تقدمها للزبائن، وكذلك من حيث مراعاة أسس النظافة والتعقيم أثناء قص الشعر وحلاقة الذقن أو تحديدها، ومن هنا يلجأ بعض الرجال إلى الحلاقة في المنزل خوفا من إصابتهم بالأمراض الجلدية أو غيرها من الأمراض المعدية، والاعتماد على أنفسهم في موضوع الحلاقة بشكل خاص.
بعض الرجال أثبت أن لديه جرأة أكبر في موضوع ارتياد الصالونات الرجالية، بالرغم من حرصه على موضوع النظافة، ومن هنا فقد ارتأى أن يحمل حقيبة يحفظ فيها أدواته الخاصة بالحلاقة والعناية بالأظافر، لكي يضمن سلامة جلده وصحته من الأمراض.
وقال يوسف ياسر اليعربي، الذي التقته “الاتحاد” في أحد صالونات الحلاقة الرجالية، إنه يحتفظ بحقيبة خاصة يحملها معه لدى التوجه إلى صالون الحلاقة، حيث يستخدمها ثم يعقّمها جيدا ويعيدها إلى المنزل لحين استخدامها في المرة المقبلة. فمن وجهة نظره، تضمن له هذه الحقيبة بما تحتويها من أدوات، كالموس والمقص، سلامة جلده من انتقال الأمراض الجلدية، لا سيما وأن صالونات العاصمة لا تحظى بمستوى رقابة كافية فيما يختص بأدوات الحلاقة.
وأضاف اليعربي بقوله: “إن العناية بالنظافة لها جانب ديني وتراثي لدى الإنسان العربي، إلى ذلك فثمة عناية كبيرة بالمظهر العام، وخاصة فيما يتعلق باللحية أو “الذقن” لدى الشباب الإماراتي، لذلك يصعب منع استخدام “الموس” في الصالونات، رغم أنه من أكثر الأدوات التي تسبب انتقال العدوى في حالة عدم تعقيمها بشكل جيد، وهذه الأمراض قد لا تكون خطيرة بالضرورة وإنما يعتبر الإصابة بها أمر مقلق كالصدفية والقشرة”. لافتا إلى أنه يمكن تلافي هذه الخطورة باستخدام كل شخص لأدواته الخاصة.
أدوات «تعبانة»
من جهته، أوضح خالد حسين خوري، أن اعتماد الرجال على الحلاقة في الصالونات أصبح أمرا شائعا جدا هذه الأيام، وذلك بسبب مشاغل الحياة وعدم وجود الوقت الكافي للحلاقة في المنزل، لذلك يفضل كثيرون، لا سيما من الشباب التوجه إلى الصالونات للحلاقة والعناية بالأظافر وغيرها من الخدمات التي تقدم في الصالونات.
وروى خوري تجربة سابقة له في الحلاقة بأحد الصالونات الرجالية، والذي أدت لإصابته بالحساسية نتيجة عدم تعقيم الأدوات المستخدمة، مشيرا إلى أنه يوجد الكثير من الصالونات التي تستخدم أدوات “تعبانة” تسبب الحساسية للزبائن أو الصلع، نتيجة تعرض هذه الأدوات للصدأ.
من جهة أخرى، قال علي محمد الطنيجي، إنه يحتفظ بأدوات الحلاقة خاصته يجلبها معه كلما ذهب للحلاق، أما في الحالات أو الأيام التي يذهب فيها إلى الحلاق بدون تخطيط بحيث لا تكون معه أدواته، فإنه يضمن أن الصالون الذي يرتاده دائما يستخدم له أدوات لمرة واحدة لم يستخدمها شخص غيره، وهذا الأمر يكفل له راحة نفسية تامة، لا سيما وأن ليس كلّ الصالونات تهتم بمسألة التعقيم.
«كمامة» الحلاقة
بدوره تحدث محمد ديب، حلاق في صالون رجالي شهير، إن موضوع النظافة والتعقيم تعدّ من أكثر المواضيع التي تشغل بال الزبائن ويحرصون على توفرها في الصالون بشكل كبير، لدرجة أن البعض يطلب من الحلاق وضع كمامة على فمه أثناء الحلاقة له، مشيرا أنه يستخدم طريقة في الحلاقة تضمن تعقيما وعدم انتقال للعدوى بين الزبائن، وذلك عن طريق توفير مجموعة من الأدوات التي تستخدم لمرة واحدة ثم يتم التخلص منها، من بينها “موس” الحلاقة، ومناشف صغيرة، وذلك بسبب الخوف من نقل الحساسية بين الزبائن وتجنبا للإصابة بأمراض معدية كالجلدية وأمراض الدم.
ولفت ديب إلى أن الموس هو أكثر الأدوات التي تدعو إلى الخوف من الاستخدام بسبب نقلها العدوى، ثم يأتي بعده المقصّ والمشط، موضحا أن ثمة أجهزة خاصة لتعقيم هذه الأدوات وكذلك محاليل لهذا الغرض، تشترط البلدية توفرها في جميع الصالونات من أجل ضمان النظافة والتعقيم غير أنها لا تضمن التعقيم بشكل كامل. ومن هنا، يضيف ديب فإن موضوع التعقيم يبقى مسألة تتفاوت من صالون لآخر، حيث تقتني بعض الصالونات، أجهزة إضافية من شأنها أن تكفل تعقيم كامل للأدوات.
وأضاف محمد، الذي يمتلك خبرة في صالونات أبوظبي تبلغ أكثر من 17 عاما، إن الشخص الذي يبحث عن رخص الأسعار، لا بد أنه سوف يتنازل عن كثير من الشروط الصحية، فمن يقوم بالحلاقة بخمسة دراهم على سبيل المثال، لن يحظى بالتأكيد بنظافة وتعقيم كاملين كالذي يحظى به في صالونات أخرى تحرص على مراعاة النظافة بشكل أساسي.
من جانبه أوضح سامر ديب، حلاق رجالي، إلى أن موضوع النظافة يصل لدى البعض إلى حد أكبر، حيث يطلب بعض الزبائن من الحلاق وضع الكمامة، وذلك تفاديا لانتقال أمراض معدية، وهو مطلب مبرر بالنسبة للزبون، طالما أنه يكفل له راحة نفسية.
وأضاف سامر أن موضوع التعقيم لا يقتصر فقط على أدوات الحلاقة، وإنما يتعداه إلى أدوات العناية بالأظافر والبشرة، حيث يوجد العديد من الزبائن الذين يقومون بالعناية بأظافرهم في الصالونات الرجالية، وهؤلاء أيضا من حقهم الحصول على خدمات جيدة وصحية من أجل ضمان عدم انتقال الأمراض المعدية إليهم.
خطورة «الموس»
من جهته، أوضح استشاري الأمراض الجلدية الدكتور ثوماس بيرجر، أن انتقال الأمراض الجلدية عبر أدوات الحلاقة أمر وارد، حيث توجد أمراض جلدية معدية كالصدفية والقشرة وغيرها من الأمراض يمكن أن تنتقل من شخص لآخر إثر استعمال نفس الأدوات، مشيرا إلى خطورة استخدام الموس لأكثر من شخص والذي قد يؤدي إلى انتقال أمراض معدية أخرى تفوق خطورتها خطورة الأمراض الجلدية كمرض الإيدز وأمراض الدم المعدية، ما يدعو إلى التشديد على مسألة تعقيم الأدوات بشكل كامل في صالونات الحلاقة الرجالية، مع تفضيله تخصيص أدوات معينة لكل شخص، أو استخدام الأدوات التي تستعمل لمرة واحدة فقط.
حملة توعية في العين
تفقدت إدارة الصحة العامة التابعة لبلدية مدينة العين خلال الأسبوع الماضي أكثر من 969 صالون حلاقة ومركز تجميل في المدينة في حملة نظمتها في إطار جهودها لتوعية العاملين وأصحاب العمل لرفع مستوى السلامة والصحة لدى صالونات الحلاقة ومراكز التجميل النسائية. ولفت الدكتور سالم الكعبي مدير إدارة الصحة العامة إلى أن حملات التفتيش الدورية تركز على توعية أصحاب محلات التجميل وصالونات الحلاقة والعاملين بالممارسات الصحية اللازمة للحفاظ على سلامة زبائنهم، ما ينعكس إيجابا على استثماراتهم وعلى صحة المجتمع ومن خلال توعية مرتادي صالونات التجميل والحلاقة لتحري السلامة من خلال استخدام أدواتهم الشخصية بدل استخدام الأدوات الموجودة في الصالونات. وأشار إلى انه تم مؤخرا تطوير الاشتراطات الصحية الواجب توافرها في مراكز التجميل وصالونات الحلاقة الرجالية والنسائية من خلال فريق عمل مشترك بين بلدية العين وبلدية أبوظبي لمواكبة التطورات والمستجدات بما يتناسب مع مصلحة عملاء المراكز والصالونات لضمان تقديم أفضل الخدمات وبأسلوب صحي مناسب، وتتركز هذه الشروط في الأدوات الواجب توافرها لمزاولة النشاط وأساليب النظافة والتعقيم واستخدام الطرق الآمنة في خدمة الزبائن. إلى ذلك، سعت البلدية إلى توعية العاملين ومرتادي الصالونات من خلال توزيع عدد من الملصقات والكتيبات الإرشادية على الصالونات، تحتوي على معلومات مهمة ونصائح للجمهور مدعمة بأرقام هواتف للتواصل المباشر مع الإدارة.