السبت 2 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوق «حمام التلات» ملتقى المقبلين على الزواج في مصر

سوق «حمام التلات» ملتقى المقبلين على الزواج في مصر
14 ابريل 2013 21:34
سوق «حمام التلات» واحد من أشهر الأسواق الشعبية في القاهرة، تارة لقدمه التاريخي إذ يعود تاريخ إنشاء المكان لزمن حكم المماليك، أي منذ نحو 700 عام، وأخرى لإقبال الناس على زيارته من كافة أنحاء مصر لتميزه كسوق بانتشار محال بيع مستلزمات المقبلين على الزواج من مفروشات وستائر وملابس وعباءات. محمد عبدالحميد (القاهرة) - سوق «حمام التلات»، التي تقع في حي الجمالية بالقرب من سوق الموسكي الشهير بقلب القاهرة الإسلامية، يقدر حجم التجارة المتداولة فيها بنحو مليار جنيه سنويا، وفقا لتقديرات الغرفة التجارية بالقاهرة، وغالبية زبائن السوق من النساء، ومن أبرز سماته عدم الاكتفاء بزيارة واحدة للشراء، وإنما يحرص زبائنها على التردد من حين لآخر لاستكشاف البضائع الجديدة، والسؤال عن الأسعار ورغم ذلك فإن لغة الفصال والمساومة لا تهدأ أبدا بين الباعة والزبائن قبل عملية الشراء، ويعقبها أحيانا «زغرودة» تنطلق من أحد المحال فرحا بالعروس التي اشترت لتوها أحد مستلزمات الزوجية. حركة نشطة يقول أحمد صابر، صاحب أحد محال بيع الستائر والمفروشات «أعمل منذ خمس وعشرين سنة في هذا المكان ورغم انتشار أماكن بيع لوازم العروسين لتأثيث عش الزوجية يبقى لسوق حمام التلات خصوصيتها وتفردها وزبائنها الذين يحرصون على التردد عليها، وهو ما يعني استمرار حركة البيع والشراء وتردد الزبائن على محال السوق على مدار أيام السنة كونها تشتهر أكثر من أي مكان آخر بتنوع مستلزمات العرائس المنزلية، ومناسبة أسعارها لكافة الطبقات فمن يطلب المنتجات الغالية يجدها ومن يطلب المنتج الرخيص يجده». ويشير إلى أن المنافسة بين المحال على جذب الزبائن جعلت لكل محل «قمسيونجي» خاصا به، وهو عامل متخصص في الوقوف أمام باب المحل والمناداة على البضائع، وتشجيع الزبائن على الدخول تارة بكلمات منتقاة مثل: «قربي يا عروسه.. طلبك موجود عندنا.. وأرخص من أي محل.. أو أن يقول: لدى المحل تشكيلة متنوعة لمنتجات لم يرها أحد من قبل، ومنهم من يقول: هناك خصومات هائلة على جميع المنتجات». ويقول صابر إن البائع الموجود داخل المحل تقع عليه مهمة أخرى أكثر صعوبة من مهمة القمسيونجي وهي إقناع الزبون بالأسعار، لاسيما النساء ممن يعشقن الفصال، ولا تمر سلعة واحدة بلا فصال مهما كان سعرها. وعن تجربته، يقول البائع جمال شعراوي «أعمل في السوق منذ كنت طفلا في التاسعة من العمر، وقد تدرجت في كافة الوظائف من تنظيف المحل وترتيب البضائع إلى العمل قمسيونجى، ثم مساعد بائع واستقبال الزبائن إلى إن صرت بائعا رئيسا أتولى مهمة البيع وتحديد الأسعار»، مشيرا إلى أن الأسعار متفاوتة كي تناسب الجميع فمثلا طقم أواني الخزف الصيني يختلف سعره حسب عدد القطع الموجودة به، وتتراوح بين 180 و220 قطعة، وأيضا حسب خامة البورسلين نفسها التي صنع منها الطقم، وهو ما يعني أن الزبون سواء كان فقيرا أو غنيا سيجد ما يريد، وهو ما يحرص عليه كل تاجر. ويضيف يمكن تسمية السوق أيضا باسم سوق الستات لأن معظم الزبائن من السيدات سواء العروس أو قريباتها، ونادرا ما يأتي رجل بمفرده ليشتري والبيع لرجل أفضل بكثير من البيع لامرأة؛ فالرجل لا يفاصل كثيرا عكس المرأة لاسيما أم العروس التي تكون لديها قدرة كبيرة على الاستمرار في الفصال من دون أن تكل أو تشعر بالتعب، وهو ما يرهقنا كثيرا وحركة البيع والشراء تنشط بشكل أكبر خلال الأعياد وفصل الصيف حيث تكثر الأفراح». صدق النصيحة قدمت عفاف عبدالعزيز إلى سوق حمام التلات من محافظة الشرقية بصحبة زوجها وابنتها العروس «سارة»، كي تشتري لها الستائر والمفروشات التي تحتاج إليها في مسكن الزوجية، وقد نصحها الكثيرون من أقاربها بشراء مستلزماتها من هنا لأن الأسعار مناسبة، كما إن السوق تحتوي على كل الأشياء التي تريدها، مشيرة إلى أنها جاءت في زيارة قبل يومين بغرض الفرجة والتعرف على السوق والمحلات والأسعار، وعندما تأكدت من صدق النصيحة عادت مع زوجها وابنتها في سيارة تتولى نقل كل ما تشتريه. وحول جولتها في السوق، تقول «لابد أن أفاصل عند شراء أي سلعة وزوجي لا يجيد فن الفصال، ويريد أن يدفع السعر الذي يخبرنا به البائع من المرة الأولى، ولذا اتفقنا قبل قدومنا على أن يكتفي بالصمت والمشاهدة ويترك لي مهمة الشراء والفصال». وقالت أماني سالم إنها حضرت من حي المطرية بصحبة حماتها منذ الصباح كي تشتري لشقيقة زوجها التي تستعد للزواج قريبا مستلزمات المطبخ من أطقم الحلل التيفال وأكواب الصيني والأكروبال والزجاج والملاعق والشوك وأدوات أخرى مما يحتاج إليها المطبخ. وتوضح «شقيقة زوجي تثق بذوقي وكذلك حماتي بمقدرتي على انتقاء السلع الجيدة بأرخص سعر، ولذا حضرت معها وننتقل من محل لآخر إلى أن نجد غايتنا»، مشيرة إلى أن البيع بسعر الجملة أهم ما يميز سوق حمام التلات، كما يوجد بها جميع المستلزمات من «الإبرة للصاروخ»؛ فهناك منتجات الخزف والصيني وأكواب الزجاج وأواني التيفال والألومنيوم والاستانليس ستيل والأدوات المستوردة، مؤكدة «الست الشاطرة هي التي تقوم أولا بجولة على أكثر من محل للسؤال والتعرف على المنتجات وخاماتها قبل أن تقرر الشراء». نقلة نوعية يعود إنشاء السوق إلى زمن حكم المماليك لمصر قبل نحو 700 سنة حيث كانت مكانا لاستقبال التجار المترددين على القاهرة؛ فكثرت بها أماكن الاستراحة وحمامات شعبية للاسترخاء والتخلص من عناء السفر قبل الدخول إلى قاهرة المعز، كما كان يتردد عليها كثيرا من سكان القاهرة حيث لم تكن حمامات البيوت منتشرة في ذلك الوقت، كما كان يلجأ إليها المقبلون على الزواج لاسيما يوم الثلاثاء؛ حيث كان المصريون ولا يزال غالبيتهم يحرصون على إتمام زيجاتهم يوم الخميس ويكون الأربعاء ليلة الحناء، ويخصص يوم الثلاثاء للاستحمام والاسترخاء والتزين. وصار المكان بعد ذلك سوقا، وهدم كثير من الحمامات الشعبية وبنى مكانها محال كثيرة تخصصت في لوازم العروسين، وان احتفظ المكان باسمة القديم «حمام التلات» وبطابعه التاريخي، الذي جعله مسجلا في الهيئة العامة للآثار ضمن عدد من الحمامات الشعبية الأخرى. وفي السـوق بعض الحمامات الشعبية التي لا تزال تعمل وتستقبل من يريدون الاستمتاع بحمام شعبي متكامل يتماشى مع روح العصر حيث تقدم تلك الحمامات خدمات مراكز التجميل أيضا فإلى جانب حمام بخار هناك التدليك والمساج وكريمات تفتيح البشرة ولكن بأسعار منخفضة. الاستعداد للزفاف تقول جميلة فتحي، إحدى العاملات في الحمامات الشعبية بسوق حمام التلات «غالبية المترددات على الحمام من السيدات المتزوجات، وأحيانا تحضر فتاة مقبلة على الزواج بصحبة صديقتها المتزوجة، وتمضي نحو ساعتين بين الاسترخاء في حمام البخار والتدليك وتنظيف وجهها وجسدها، ووضع أقنعة للبشرة والجلد استعدادا للزفاف». وتشير إلى أن زبائن الحمام من جميع الطبقات، وبعضهن يتعرف على الحمام الشعبي للمرة الأولى خلال التردد على السوق، ويسألن عن الأسعار ومستلزمات العناية ثم تحضر الفتاة في اليوم التالي بمفردها أو بصحبة صديقتها، وسعر جلسات تجهيز العروس زهيده مقارنة بتكلفة هذه الجلسات في مراكز التجميل الراقية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض