السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«قصر النظر».. مرض حولته التكنولوجيا إلى وباء

«قصر النظر».. مرض حولته التكنولوجيا إلى وباء
20 يناير 2020 02:10

أبوظبي (الاتحاد)
زاد مرض «قصر النظر»، وهو عبارة عن صعوبة في رؤية الأشياء البعيدة، إلى مستويات خطيرة خلال السنوات الأخيرة في أنحاء متفرقة من العالم، فعلى سبيل المثال وصل في كثير من المدن الصينية إلى أكثر من 90 في المئة بين طلاب الجامعات.
ومن وجهة إحصائية، أضحى هذا المرض من أكبر الأوبئة التي شهدتها البشرية، بل ويتجاوز «وباء السمنة» بفارق كبير، بحسب ديفيد ماكي أستاذ طب العيون في جامعة «غرب أستراليا». وأوضح ماكي لموقع «إي بي سي أستراليا» أنه تم رصد زيادة معدلات الإصابة بقصر النظر في ثمانينيات القرن الماضي في مدن عدد من دول شرق آسيا مثل كوريا وتايوان وسنغافورة، وسرعان ما لحقت بها مدن الصين، لافتاً إلى أنه لوحظ اتجاه مماثل في القارة الأوروبية.
وبالنسبة لكثير من الناس، يعتبر قصر النظر مجرد حالة تستلزم تصحيحاً باستخدام النظارة أو العدسات اللاصقة أو الجراحة التصحيحية.
ومن الملحوظ أن قصر النظر مرتبط بخطر العمى الناتج عن «انفصال الشبكية» و«المياه الزرقاء» و«الضمور البقعي». وزاد خطر العمى نتيجة شيوع قصر النظر الحاد، وبات معضلة صحية عامة وخطيرة.
وبالطبع، يحاول الباحثون وآباء الأطفال الذين يعانون من قصر النظر البحث عن تفسيرات، وأحدث المتهمين هو «استخدام الأجهزة الإلكترونية الشخصية» في عصر التكنولوجيا.
لكن وباء «قصر النظر» انتشر في آسيا قبل صدور الهواتف الذكية بسنوات طويلة (فأول جهاز آيفون صدر في عام 2007).
وألقي اللوم على وسائل التكنولوجيا الجديدة، مثل التلفزيونيات في ستينيات القرن الماضي وأجهزة الكمبيوتر في ثمانينات وأجهزة الكمبيوتر المحمول في التسعينيات، وحالياً الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وأُلقي عليها جميعاً باللوم في قصر النظر.
وحتى في القرن السابع عشر، نسب عالم الفلك الألماني جوهانز كبلر، والذي كان أول من اكتشف أن العدسات المقعرة يمكن أن تصحح قصر النظر، إصابته بهذه الحالة إلى سنوات دراسته المكثفة للجداول الفلكية، غير أنه ألقى أيضاً باللوم على «أحدث الوسائل التكنولوجية في عصره» وهي «الكتب المطبوعة بطريقة جوتنبيرج».
وتوصل الباحثون إلى أن إصابة الآباء بقصر النظر يزيد خطر إصابة الأطفال أيضاً، سواء من خلال اكتساب العادات الخاصة بالآباء، التي تؤدي إلى قصر النظر مثل التركيز على الأشياء عن قرب والدراسة لساعات طويلة، أو من خلال وراثة جيناتهم.
وبعد سنوات من الجدل حول ما إذا كان قصر النظر ينتج عن عوامل جينية أو بيئية مثل القراءة لفترات طويلة أو استخدام الشاشات، بات من المعروف الآن أن الأمر هو مزيج بين الجينات والعوامل البيئية.
فقصر النظر لا ينتج عن جين واحد معيب، وإنما أكثر من 160 جيناً متفاعلاً تساهم جميعها في خطر الإصابة بالمرض. غير أن العوامل البيئية حولت هذا المرض إلى وباء.
وتناولت دراسات كثيرة عوامل الخطر، لكن قليلاً منها توصلت إلى نتائج متسقة في أنحاء العالم فيما يتعلق بعوامل مثل شدة التركيز في العمل على أشياء قريبة وسنوات الدراسة وقلة قضاء الأوقات في الخارج أثناء النهار.
وأشار ماكي إلى أن تحليل التفاعلات يشكل تحدياً لأن هذه العوامل جميعها مترابطة، فالأطفال الذين يدرسون لساعات طويلة أقل قضاء للوقت في الخارج أثناء النهار.
وعلى رغم من عقود من تحذير الآباء لأبنائهم، لم تؤكد أية دراسة أن الجلوس قرب شاشات التلفاز تسبب قصر النظر.
وخلال العامين الماضيين تناولت 5 دراسات العلاقة بين قصر النظر والأجهزة الإلكترونية، ووجدت بعضها، لكن ليس جميعها، ارتباطاً بين الوقت المستغرق في استخدام الشاشات وقصر النظر. وإن كانت نتائجها لا تعني أن الشاشة في حد ذاتها تسبب المرض. فزيادة معدلات قصر النظر مرتبط بسلوكيات التركيز عن قرب، وليس الاستخدام ذاته. كما أن الأطفال يغيرون في الوقت الراهن طريقة استخدامهم للشاشات، ففكرة استخدام الشاشة داخل المنزل فحسب تلاشت مع الهوس بألعاب مثل «بوكيمون جو» والألعاب الأخرى باستخدام الهواتف الذكية والواقع الافتراضي.
وتوصي الجهات الصحية في عدد من الدول بألا يتعرض الأطفال دون العامين إلى أية شاشات على الإطلاق، فيما يمكن السماح للأطفال من عامين وحتى خمسة أعوام باستخدام الشاشات لمدة ساعة يومياً كحد أقصى. وأوصت بساعتين يومياً لمن تتراوح أعمارهم بين خمسة أعوام و17 عاماً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©