مصطفى عبدالعظيم (واشنطن)
كشف معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، عن إنجاز القائمة الأولى من القطاعات والأنشطة التي سيتم تحريرها وفقاً للقواعد والإجراءات التي حددها قانون الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر العام الماضي، مشيراً إلى أن القائمة التي تضم قطاعات وأنشطة اقتصادية عديدة، كالصناعة والتعليم والرعاية الصحية والقطاعات الخدمية، سيتم عرضها قريباً على مجلس الوزراء لاعتمادها، وتتيح تملك المستثمرين الأجانب في هذه الأنشطة بنسب تتراوح بين 75 إلى 100%.
وقال معاليه: إن لجنة الاستثمار الأجنبي المباشر، المسؤولة عن إعداد قائمة القطاعات الإيجابية المتاحة أمام المستثمر الأجنبي بنسبة تملك تصل إلى 100%، تعكف على إعداد قائمة أخرى من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية، متوقعاً أن يتم الانتهاء من الدفعة الثانية من القائمة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وأكد معاليه أمام حفل استقبال نظمته سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن بالتعاون مع مجلس الأعمال الإماراتي الأميركي، بمناسبة مشاركة وفد الدولة في قمة «اختر أميركا للاستثمار 2019»، أن الإجراءات المتميزة التي اتخذتها الدولة لتطوير بيئتها الاستثمارية والارتقاء بالحوافز والمزايا التي تمنحها للمستثمر الأجنبي، أسهمت في تعزيز مكانتها وجاذبيتها الاستثمارية إقليمياً وعالمياً، ولا سيما في ضوء إصدار قانون الاستثمار الأجنبي المباشر الذي قدم إطاراً تشريعياً رائداً وحديثاً في هذا الصدد، والإجراءات الخاصة بمنح تأشيرات ذهبية وطويلة المدى للمستثمرين.
وأفاد معاليه، أنه وفقاً لقانون الاستثمار الأجنبي المباشر توجد قائمتان، إحداهما إيجابية تتعلق بتحرير قطاعات وأنشطة اقتصادية بنسب تصل إلى 100%، والأخرى سلبية تحدد القطاعات غير المتاحة أمام الاستثمار الأجنبي المباشر، لافتاً إلى إمكانية النظر مستقبلاً في أي من القطاعات غير المتاحة أمام الاستثمار الأجنبي لاتخاذ قرار بشأن تحريرها إذا ما كان هناك حاجة لذلك، وهو ما يعكس المرونة التي يوفرها القانون الجديد.
حضر حفل الاستقبال معالي يوسف العتيبة سفير الدولة في واشنطن، وعبد الله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، وداني سبرايت رئيس مجلس الأعمال الأميركي الإماراتي، وجمال الجروان الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، أعضاء وفد الدولة المشارك في قمة «اختر أميركا للاستثمار».
توسيع الاستثمارات
وأشار معالي وزير الاقتصاد، إلى أهمية السوق الأميركي بالنسبة للشركات الاستثمارية الإماراتية التي تتطلع إلى تعزيز وتوسيع استثماراتها في هذا السوق، الذي يشكل أحد أفضل الأسواق ديناميكية في جذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، لافتاً إلى وجود اهتمام كبير من قبل المستثمرين في الإمارات بالفرص الاستثمارية المتاحة في قطاعات النفط والغاز والطاقة المتجددة والزراعة والابتكار والبنية التحتية، منوهاً بالدور الكبير الذي تلعبه الاستثمارات الإماراتية في الخارج في استراتيجية التنويع الاقتصادي التي تنتهجها دولة الإمارات، والتي أسهمت في تراجع مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى أقل من 30%.
وشدد المنصوري، على أهمية استفادة الشركات الأميركية في المقابل من الموقع الاستراتيجي للدولة والبنية التحتية العالمية التي تمتلكها، خاصة في مجال الموانئ والمطارات والخدمات اللوجستية، فضلاً عن بيئة الأعمال التنافسية التي تتميز بها الدولة ومكانتها كمحور رئيسي للتجارة في المنطقة، وذلك لتوسيع صادراتها مع كافة الأسواق في أفريقيا وآسيا وهي الأسواق التي ترتبط معها الإمارات بعلاقات تجارية واقتصادية ممتازة، وخاصة الهند وبلدان وسط آسيا.
وأشار المنصوري إلى قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، وهو ما يعكس حجم التجارة البينية بين البلدين والذي يتراوح متوسطه بين 25 إلى 27 مليار دولار سنوياً، لافتاً إلى أن الدولة ظلت للعام العاشر على التوالي أكبر سوق للصادرات الأميركية في أسواق الشرق الأوسط.
مزايا وحوافز
وأكد المنصوري أن بيئة الأعمال في دولة الإمارات بيئة جاذبة للمستثمر الأجنبي، نظراً لمجموعة من المزايا والحوافز والتسهيلات والأطر التشريعية والتنظيمية التي تتمتع بها تلك البيئة، والتي يأتي في مقدمتها المرسوم بقانون اتحادي رقم 19 لعام 2018 بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يمثل قفزة نوعية في تعزيز الحوافز والمميزات التي توفرها الدولة للمستثمر الأجنبي وتطوير بيئة استثمار آمنة وجاذبة، من أبرزها إمكانية تملك المشاريع بنسبة تصل إلى 100% في قطاعات محددة، وضمانات حماية الاستثمار، وتسهيلات التحويل المالي وإمكانية تعديل الصيغ القانونية للمشروع الاستثماري، وفقاً لمجموعة من الضوابط والمعايير التي تتوافق مع محددات التنمية المستدامة في الدولة وتحقق مصالح جميع الأطراف.
وأشار المنصوري إلى أن الدولة تمتلك مجموعة واسعة من الحوافز والتسهيلات الاستثمارية والتجارية، بوجود 87 اتفاقية لحماية وتشجيع الاستثمار و123 اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي على الدخل مع عدد من دول العالم، لافتاً إلى إطلاق الإمارات مؤخراً حزمة من المبادرات لتحفيز النمو الاقتصادي، تهدف إلى رفع الكفاءة المالية والاقتصادية وتنشيط الاستثمار وتطوير القدرة التنافسية وتشجيع الابتكار، ومن أهمها منح المستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب المواهب التخصصية تأشيرات إقامة طويلة الأمد، إضافة إلى تسهيلات استقدام العمالة وإجراءات الترخيص وتخفيض الرسوم وغيرها.
وجهة جاذبة للاستثمار
واستعرض المنصوري، العديد من المميزات التي تتمتع بها الإمارات والتي أهلتها لأن تأتي ضمن أكبر 20 وجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر، أبرزها الموقع الجغرافي الاستراتيجي، وما تتمتع به من بنى تحتية متطورة وخدمات لوجستية متكاملة، وقطاع طيران مدني عالي الكفاءة وذي مكانة عالمية رائدة، واستقرار سياسي وكفاءة الخدمات الحكومية وفعالية النظام القضائي، وجودة الأنظمة المالية والضريبية والجمركية المحفزة للاستثمار، ومناطق حرة ذات بنى تحتية متطورة وتخصصات متنوعة، ومجتمع منفتح ومتسامح ومتعدد الثقافات يحتضن أكثر من 200 جنسية، ونمط حياة عصري متطور وانتشار واسع للتكنولوجيا والاتصالات.
دور محوري
واستعرض المنصوري الدور المحوري لدولة الإمارات في التجارية العالمية، مشيراً إلى أن الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به الدولة، فضلاً عن الإمكانية اللوجستية الكبيرة أسهمت في تصبح دولة الإمارات الوجهة الأولى لإعادة التصدير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن تصبح بوابة مثالية للوصول إلى سوق يقدر بنحو 2.2 مليار مستهلك.
وأوضح معاليه أن حكومة دولة الإمارات تعمل على بناء أسس اقتصاد المستقبل، عبر تحفيز بيئة الابتكار والتكنولوجيا والبحث العلمي والملكية الفكرية، كمحركات للتنمية والتحول نحو اقتصاد رقمي منافس عالمياً؛ وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية الصديقة للأعمال والجاذبة للاستثمار الأجنبي، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتشجيع ريادة الأعمال من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، ولا سيما تلك القائمة على الابتكار والإبداع، وتنمية رأس المال البشري المواطن، وتمكين المرأة وتعزيز دورها ومساهمتها في النشاط الاقتصادي.
نمو متواصل
وأوضح أن اقتصاد الإمارات يشهد نمواً متواصلاً وتطوراً مستمراً في العديد من القطاعات، كالتجارة والاستثمار وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والقطاع اللوجستي، والخدمات المالية، والنقل والسياحة، والبنية التحتية، والتعليم...
وأشار إلى أن ممكنات النمو الاستراتيجية في الدولة عديدة ومتنوعة، والتي ترتكز على تنويع القاعدة الاقتصادية وتحفيز التوجه نحو الاستدامة والاقتصاد الأخضر، ومواصلة سياسة الانفتاح الإيجابي والارتباط الفعال مع الأسواق العالمية وبناء الشراكات الدولية المثمرة، وتبني الاتجاهات الحديثة في التنمية المستقبلية، ومن أبرزها الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة وبرامج الفضاء.
وأشار إلى أنه بالتوازي مع ذلك تتمتع دولة الإمارات بإطار تشريعي وتنظمي صديق للأعمال وجاذب للاستثمارات الأجنبية، داعم للقطاع الخاص ومشجع لريادة الأعمال من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، خاصة تلك القائمة على الابتكار والإبداع.
تنافسية الاقتصاد الوطني
استعرض معالي سلطان المنصوري، الإنجازات التي سطرتها دولة الإمارات، في تقارير التنافسية العالمية، خلال العام الماضي والجاري، حيث احتلت دولة الإمارات المرتبة الحادية عشر في تقرير سهولة ممارسة الأعمال، الصادر عن البنك الدولي، متصدرةً الدول العربية للعام الخامس على التوالي، فيما جاءت في المرتبة التاسعة عالمياً في مؤشر الحرية الاقتصادية، الصادر عن مؤسسة هيرتيج في العام 2019، كما صعدت الدولة إلى المرتبة الخامسة عالمياً في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية 2019، الصادر في شهر مايو الماضي، عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا، والذي صنف الدولة في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر كفاءة الأعمال، والثانية عالمياً في مؤشر الكفاءة الحكومية، والسابعة عالمياً في مؤشر الأداء الاقتصادي.
وأوضح المنصوري، أنه وفقاً لتقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فقد حلت دولة الإمارات في المرتبة السابعة والعشرين عالمياً بين أكثر الاقتصادات تنافسية، فيما صنف التقرير ذاته دولة الإمارات الأولى عالمياً في مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي، كما حلت في المرتبة 38 عالمياً في مؤشر الابتكار العالمي 2018 الصادر عن الويبو.
مؤشرات النمو
أوضح معالي سلطان المنصوري، وزير الاقتصاد، أن اقتصاد دولة الإمارات شهد، خلال العام الماضي، نمواً في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، بنسبة 1.7% ، لافتاً إلى ارتفاع التجارة الخارجية للدولة، خلال العام 2018، لتصل إلى 443 مليار دولار، مقارنةً مع 439 مليار دولار في العام 2017.
وتصدرت الصين قائمة أكبر الشركاء التجاريين للدولة، خلال العام الماضي، تلتها الهند ثم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، التي جاءت في المركز الرابع، مقدراً حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية، خلال العام الماضي، بنحو 28 مليار دولار، في حين بلغ حجم الاستثمارات الأميركية المباشرة في دولة الإمارات، بنهاية العام 2016، نحو 5.2 مليار دولار، مقابل استثمارات إماراتية في الولايات المتحدة بلغت بنهاية العام 2017 نحو 4.8 مليار دولار، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تحتل المرتبة الأولى، كأكبر مستثمر عربي في الولايات المتحدة، باستحواذها على 35% من إجمالي الاستثمارات العربية والشرق أوسطية في أميركا.