سمر إبراهيم (القاهرة)
أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية وضع استراتيجية عربية موحدة تجاه إيران، خاصة في ظل عدم وجود موقف عربي موحد قوي متفق تجاه التعامل مع دول الجوار العربي، كما أكدت أهمية استمرار إدانة الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى» والتي شددت عليها كـافة البيـانات السابقة للبرلمان العربي، وذلك خلال مشاركتها في ندوة «نحو بناء استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع دول الجوار الجغرافي» التي نظمها البرلمان العربي في مقر جامعة الدول العربية أمس.
وهاجم الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، المشروع الإيراني في المنطقة العربية، معتبراً أن طهران تعتبر المنطقة ساحة مفتوحة لمشروعها التوسعي، وتُعطي لنفسها حق التدخل في أزمات الدول العربية، وإشعال الأزمات ودفع المنطقة إلى حروب طائفية نرى تجلياتها في عدد من النزاعات الحالية بالمنطقة.
وشدد محمد سالم بن كردوس العامري، رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي، في الندوة، على أهمية دعم حق السيادة لدولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث المحتلة، وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الإمارات العربية المتحدة، واعتبار أن أي قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة ولاغية، ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تجمع على حق سيادة الإمارات على جزرها الثلاث، وأن هذه الأعمال تخالف قواعد ومبادئ وأسس القانون الدولي في «عدم تغير حقائق الأرض من دولة الاحتلال».
ودعا إيران للاستجابة لمساعي الإمارات لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، واعتبار الرفض الإيراني لعدم الاستجابة لمساعي الإمارات لحل قضية الجزر بالطرق السلمية انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة، وقرارات الجامعة العربية، وتأكيداً على نوايا الأطماع الإيرانية في الأراضي العربية.
وشدد ابن كردوس، على ضرورة التزام إيران بالأسس والمبادئ الأساسية المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولي، ومبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، وإيقاف دعم وتمويل وتسليح المليشيات والتنظيمات الإرهابية، والامتناع عن تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، وعدم تهديد أمن الممرات البحرية والملاحة الدولية، وكذلك الامتناع عن السعي لامتلاك أسلحة نووية أو تعزيز قدرات صواريخها الباليستية المهددة للأمن والاستقرار والسلم في المنطقة.
وقال إن «إيران تعمل عبر ميليشياتها الإرهابية في المنطقة على نشر الفوضى وفرض هيمنتها ونفوذها، حيث تقوم بالتشجيع على الإرهاب والعمل على تمويل تدريب الإرهابيين وإيوائهم، وإمداد الجماعات الإرهابية بالأسلحة والصواريخ الباليستية والمعدات العسكرية النوعية».
وقال أبو الغيط: إن الأزمة بين الدول العربية وتركيا وإيران أساسها أنهما يحملان مشروعاً سياسياً يحاولان تطبيقه خارج حدود دولتيهما، وبالتحديد في المنطقة العربية.
وأكد أبو الغيط أن الأمور تأزمت كثيراً، مع كل من تركيا وإيران، في الآونة الأخيرة، إلى حدٍ صار معه الحوار صعباً، بل وغير مجدٍ في الوقت الحالي، مضيفاً أن الحوار لغرض الحوار، من دون إطار مفاهيمي يحكمه أو نقاط مرجعية تضبطه، لا يكون سوى تمرين ذهني، أواستعراضٍ شكلي لا يُعالج القضايا الجوهرية.
وأضاف أبو الغيط أن المشروعين الإيراني والتركي، مشروعان توسعيان وكلاهما يقفز فوق الدول وسيادتها، ويرى في الصراعات الدائرة في المنطقة فُرصة للتغلغل والتمدد، وهو نظرٌ قاصر يعتمد على اقتناص مغانم قريبة ولا يهتم بعلاقة طويلة الأمد تقوم على الثقة المتبادلة، وتُحقق منفعة مشتركة للجميع عبر التعاون في مواجهة تهديدات تستلزم حواراً إقليمياً.
وقال رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي: إنه يستوجب تحرر الأمة العربية من التبعية الطائفية والمذهبية والفكرية للدول الإقليمية والتي وصل تدخلها السافر في الشؤون العربية لدرجة غير مسبوقة، من خلال الاحتلال المباشر للأراضي العربية وفرض سياساتها ومواقفها وتوجهاتها الفكرية والطائفية على الدول والمجتمعات العربية.
وأضاف أن المشروع العربي غاب في مقابل تنامي المشاريع العدوانية للدول الإقليمية والأجنبية، ومن ثم العرب في حاجة إلى مشروع عربي يصون الثوابت العربية، ويدافع عن السيادة العربية، ويحافظ على الأمن القومي العربي، ويتصدى للتدخلات الإقليمية والأجنبية في الشؤون العربية.
وطالب السلمي بضرورة صناعة استراتيجية عربية موحدة تتصدي للمطامع الاستعمارية والأعمال العدوانية للدول الإقليمية والتي وصلت إلى دعم وتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف ضرب منشآت اقتصادية حيوية داخل الدول العربية وسفن تجارية مدنية في المياه الإقليمية للدول العربية، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وتنامي الإرهاب والتطرف العنيف وتمدد الجماعات الإرهابية وتكوين الميليشيات المسلحة داخل الدول العربية.
وأكد رئيس البرلمان العربي أن التطورات الأمنية الخطيرة التي شهدتها منطقة الخليج العربي مؤخراً، تستوجب موقفاً عربياً ودولياً حازماً للتصدي للأعمال الإرهابية والعمليات التخريبية المدعومة من بعض الدول الإقليمية ومحاسبتها وتجريمها طبقاً للقانون الدولي.