17 يونيو 2010 20:55
شهدت الساحة الفنية عامة والغنائية خاصة في الأيام الماضية أكثر من خلاف بين شركات إنتاج فنية والمطربين الذين يتعاونون معهم أو الذين سبق أن تعاونوا معهم، ومن أشهرها، خلاف محمد فؤاد مع شركة “روتانا”، وجنات مع شركة “جودنيوز”، ورامي صبري مع المنتج والمخرج طارق العريان، ومي سليم مع شركة “OTV” التي يملكها رجل الأعمال نجيب ساويرس، وهيثم شاكر مع شركة “ميوزيك” التي يملكها المنتج نصر محروس، ويارا مع شركة “ميلودي” ومازالت ماثلة في الذاكرة تلك الدعوى التى رفعها المنتج محسن جابر صاحب شركة “عالم الفن” ضد المطرب عمرو دياب لاستغلاله أغنيات قديمة كان جابر قد أنتجها له في بداية مشواره الفني حيث قدمها دياب في برنامج “الحلم” الذي تناول سيرته الذاتية. وفي نفس الإطار حكمت محكمة جنح مصر الجديدة لصالح المنتج جمال مروان صاحب شركة “ميلودي” في قضيته ضد المطربة اللبنانية قمر الطحش وشهرتها “قمر” بتهمة سبه و قذفه، وتهديده مع أفراد أسرته بسبب خلاف على التعاقد بينهما، كما تصدرت مشكلات شيرين عبدالوهاب صفحات الصحف والمجلات في مواجهة المنتج نصر محروس بسبب رفضه تغيير العقد الذي أبرمته معه سابقا مما جعلها تنتقل إلى شركة “روتانا” التي دفعت الشرط الجزائي في العقد.
تابعنا مشكلة المطرب لؤي مع المنتج سامح عادل بسبب بخل الأخير – على حد قول لؤي - وعدم إنفاقه على الدعاية والإعلان، مما جعل لؤي يتنقل بين أكثر من شركة إنتاج حتى استقر مع الشركة التي يتعاون معها حاليا، والتي ستطرح له ألبوما خلال موسم عيد الفطر المقبل.
ولم يكن خلاف محسن جابر مع عمرو دياب هو الأول الذي يشتعل بين نفس المنتج وأحد مطربي شركته فقد اختلف من قبل مع أكثر من مطرب ومطربة منهم ديانا حداد وأنغام وهاني شاكر وراغب علامة وأحلام وصابر الرباعي، وقبلهم ميادة الحناوي قبل العودة واستئناف عملهما معا من جديد، وكل هذا بسبب انشغاله في الفترة الأخيرة بالبيزنس الخاص به، وعدم متابعته لمطربي شركته كما كان يفعل في الماضي بالإضافة إلى تحكم الشركة في طريقة تصوير الكليبات وعدم القيام بالدعاية اللازمة للمطربين، ومازالت أصداء مشكلة نيكول سابا مع محسن جابر ماثلة في الأذهان بعد أن لجأت إلى القضاء.
وتقول نيكول سابا عن هذه المشكلة: اللجوء إلى القضاء في مشكلتي مع عالم الفن ومحسن جابر لم يكن أمرا سهلا لأنني بطبيعتي لا أحب المشاكل أو تصعيدها، ولكن القضاء خيار فرضته عليَّ الظروف فلم أجد وسيلة أخرى أمامي أو بابا أطرقه بعدما طرقت كل الأبواب مع محسن جابر بلا جدوى، وما حدث أن جابرا قد هدد نجاحي بتأجيل إظهار أعمالي للجمهور، وأبعدني عن الساحة الغنائية بعد أن نجح ألبومي الغنائي الأول “يا شاغلني بيك”، وكنت في حاجة إلى تأكيد هذا النجاح بعمل آخر واستنفدت كل الطرق معه، ولم أجد أي رد فقررت اللجوء إلى القضاء وهذا حقي، لكن في الفترة الأخيرة عادت المياه إلى مجاريها وتم الصلح بيني وبين محسن جابر بعد أن وعدني خيرا وأنا في انتظار هذا الخير.
عزلة محيي
كل شركات الإنتاج لها مشاكل مع مطربيها، وأهمها مشكلة المطرب السوري سامو زين مع شركة “كلمة”، حيث تقدمت الشركة بشكوى إلى نقابة الموسيقيين المصرية ضد سامو زين تتهمه فيها بعدم تنفيذ بنود العقد، وبعد التحقيق اكتشفت النقابة أن المطرب مظلوم وأن الشركة هي التي أخلت ببنود العقد بعد أن توقفت عن إنتاج ألبومات جديدة له بعد ألبومه “قربني ليك”، وبعد ان تعاقد المطرب مع شركة أخرى دخل مشكلة جديدة، فبعد تعاقده مع الشركة الجديدة قدم لها ألبوما غنائيا وقام بتصوير فيديو كليب على نفقته الخاصة، ولم يحصل على المقابل المادي، ووجد نفسه في دوامة من المشاكل فأقام دعوى قضائية للمطالبة بحقوقه، وانتقل أخيرا إلى شركة “عالم الفن” التي أنتجت له حتى الآن ألبومين.
وفي نفس السياق انسحب المطرب مجد القاسم من شركة “هاي كواليتي” المنتجة لألبوماته لأنها لا تنفق على الدعاية والإعلان عن ألبوماته، وهى نفس الشركة التي تسببت في اكتئاب وعزلة المطرب محمد محيي حيث أبعدته قرابة خمس سنوات، حتى طرحت ألبومه الأخير “مظلوم” والذي أنهى به التعاقد مع الشركة التي بخلت عليه حتى بتصوير فيديو كليب فما كان من محيي إلا أن قام بتصوير أغنية “ مظلوم” على نفقته الخاصة.
تقصير روتانا
أما شركة “روتانا” التي تعد الأكبر حاليا في سوق إنتاج الكاسيت العربي فقد أصابتها نيران المشاكل وأبرز مشاكلها مع المطرب وليد توفيق، الذي أكد أن له في ذمة الشركة مبلغا ماليا كبيرا، ولديه الأوراق والمستندات الدالة على ذلك، وهو ما أدى إلى خلاف علني بينهما، وردا على ذلك قامت الشركة بدفع حقوق الشعراء والملحنين، ولكن في أوقات لاحقة، أما فيما يتعلق بالمطرب وليد توفيق فقد نفت الشركة وجود أموال له في ذمتها، لأن ألبومه لم يحقق إقبالا جماهيريا.
ووقع خلاف بين المطربة المصرية سماح وشركة “روتانا” حيث أنهت سماح العقد المبرم بينها وبين الشركة، لأنها وجدت أن الشركة لا تهتم بالدعاية للألبوم الخاص بها بل ساعدت على إحراق الألبوم في سوق الكاسيت، وهو ما لا يمكن أن يحدث مع المطربات اللبنانيات اللاتي توفر لهن الشركة كل سبل الراحة والدعاية المطلوبة، في حين أن هناك إهمالا كبيرا جدا من جانب “روتانا” في حق المطربين المصريين، وهذا السبب جعل عددا من المطربين يترك الشركة مثل خالد عجاج وعامر منيب وليلى غفران وهويدا ومادلين مطر وأخيرا محمد فؤاد الذي أعلن أن ألبومه الجديد الذي سيطرح خلال الأيام القادمة هو آخر ألبوم له مع “روتانا”، وفتح النار عليها بتصريحاته الساخنة.
مشكلة مي سليم
آخر مشكلات المطربين مع شركات الإنتاج كانت مشكلة المطربة مي سليم مع شركتي “ميلودي”، و”OTV”، وكان من شروط العقد الذي أبرمته المطربة مع “ميلودي” إنتاج فيديو كليب لأحد أغانيها في موعد محدد، وإلا يعتبر العقد لاغيا وهو ما لم يحدث، مما دفع مي إلى تصوير فيديو كليب أغنية “هو ده” من كلمات وألحان تامر حسني على نفقتها الخاصة وفسخت تعاقدها مع “ميلودي” وتعاقدت مع شركة ”OTV” لتصبح أول المتعاقدين مع الشركة الجديدة التي يملكها رجل الأعمال نجيب ساويرس، لكن شركة “ميلودي” تقدمت بشكوى إلى نقابة الموسيقيين تلزم فيها مي بالاستمرار معها إلا أن نقيب الموسيقيين أقر بصحة فسخ تعاقد الشركة مع المطربة، لكن “OTV” أحبطت مي ولم تف بوعودها معها ولم تقدم لها أي شيء مما جعلها تعتكف شهورا في منزلها، إلى أن نجحت في التعاقد مؤخرا مع شركة “روتانا” التي طرحت لها منذ أيام ألبومها الجديد “لينا كلام بعدين” الذي يعتبر باكورة التعاون بينهما.
ويحاول المطرب رامي صبري حاليا فسخ تعاقده مع المنتج والمخرج طارق العريان، الذي على حد قول رامي لم يقدم له إلا بعض البرامج التي ظهر فيها بجوار زوجته المطربة أصالة ثم ركنه على الرف في الوقت الذي لمع فيه كثير من أبناء جيله. كما أنهت جنات تعاقدها مع شركة “جودنيوز” التي تبنتها وصنعت منها نجمة، وقررت إنتاج ألبوماتها بنفسها على أن تقوم شركة إنتاج كبرى بتوزيع الألبوم. وفسخ هيثم شاكر تعاقده مع المنتج نصر محروس، لعدم اهتمام نصر به كما كان يفعل مع تامر حسني وشيرين عبدالوهاب.
فريد الأطرش
ما حدث لعبدالوهاب حدث أيضا لفريد الأطرش، ففي بداية الثلاثينيات تعاقد فريد مع شركة “ كولومبيا “ للأسطوانات علي ملء اسطوانات لها نظير 8 جنيهات عن الاسطوانة الواحدة وبالفعل قدم أولى أسطواناته وكانت بعنوان “عمري ماحقدر أنساكي”، وحققت نجاحا لافتا للنظر، بعدها قدم اسطوانة أخرى بعنوان “أفوت عليك بعد نص الليل”، ونالت نفس النجاح، ثم قدم اسطوانة ثالثة بعنوان “يانسمة تسري”، وحققت هي الأخري نجاحا كبيرا، وعن هذه الفترة قال فريد الأطرش في كتابه “لحن الخلود” الذي يحكي قصة حياته: كنت في إنتاجي الموسيقي في تلك المرحلة حددت لنفسي أسلوبا اعتبره النقاد حدثا موسيقيا فقد حلقت في الآفاق أغنية “ياريتني طير لأطير حواليك”، وأغنية “بحب من غير أمل”، وكان أسلوبي فيهما مطابقة اللحن لكلمات الأغنية، والجديد أنني خلصت الأغنية لأول مرة من التطريب التركي والتطويل الممل، وإذا كان اللون الشرقي هو مصدر أنغامي فإنني لم أتردد في التطعيم بالتانجو الذي كان أميز الألحان الراقصة في الموسيقي الغربية، وكان هذا المزج حدثا بدوره، لكن هذا الجديد الذي حلق باسمي وطار به لم يجعل شركة الاسطوانات التي تعاقدت معها ترفع أجري عن الأسطوانة الواحدة رغم أنني حققت لها أرباحا مذهلة، خصوصا أسطوانتي “ياريتني طير” و”بحب من غير أمل” فما كان مني إلا أن تركت هذه الشركة لبخل صاحبها، وتعاقدت مع ميشال بيضا صاحب شركة أسطوانات “بيضافون” الذي كان له الفضل فيما بعد عليّ وعلى شقيقتي أسمهان، وكان سببا في دخولي مجال السينما وتقديمي لفيلم “انتصار الشباب”.
«فنان الشعب» يمزق «نوتة» ألحانه الموسيقية
خلافات المطربين مع المنتجين ليست جديدة على الوسط الفني، فقد ولدت مع بداية الغناء ونشأة شركات الاسطوانات التي تطورت الآن وأصبح يطلق عليها شركات الكاسيت وCD. ففي عام 1920 لم تكن تقنية وإمكانات تعبئة الاسطوانات متوفرة لدى شركات الاسطوانات في مصر ماعدا شخصا أرمنيا يدعى “ميشيان” وكان يمتلك محلا لبيع الاسطوانات أسفل مسكنه، وعلى السطوح أقام ستديو التسجيل الخاص به، والذي كان فقيرا في إمكاناته، وساذجا في إنتاجه، وفي أحد الأيام تعرض فنان الشعب سيد درويش وبديع خيري لضائقة مالية وفكرا في أن يتعاونا مع ميشيان، وذهبا إليه يعرضان عليه ثماني أغنيات وقالا له : هذه الأغنيات طلبتها منا الست منيرة المهدية، والست أسما الكمسارية، والست نعيمة المصرية، لكننا قبل أن نعطيها لواحدة منهن قلنا: نفوت عليك أولا نظرا للمودة التي بيننا ونأخذ رأيك فيها، وإن أعجبتك نعطيها لك تطبعها في شكل اسطوانات ونأخذ ثمنها منك. وأدرك ميشيان حقيقة حالهما، وكيف أنهما محتاجان فعرض عليهما مبلغا تافها وهو يقول لهما: سآخذ الأغاني من أجل خاطركما لأن عندي أغاني كثيرة الآن، فرحب بديع خيري بالمبلغ الزهيد الذي كان عبارة عن ثلاثة جنيهات لكن الشيخ سيد درويش ثار على ميشيان وأمسك بالنوت الثماني الخاصة بالأغنيات ومزقها إربا وألقى بها على الأرض أمام ميشيان وقال له : نأكلها بملح أو حتى نجوع لكن لا نتنازل عن عرقنا وكرامتنا الفنية وخرج مسرعا من المحل.
أجر كوكب الشرق يحدث انقلاباً في سوق الاسطوانات
في عام 1926 اتجهت أم كلثوم اتجاها جديدا في أسلوب غنائها وكونت أول تخت لها، وغيرت زيها من بالطو وكوفية وعقال إلى ملابس حديثة، وفي نفس العام تعاقدت معها إحدى شركات الاسطوانات فسجلت اسطوانتها الأولى بأجر قدره 20 جنيها، لكن حدث خلاف بين أم كلثوم وصاحب شركة الاسطوانات بعد أن نصب عليها وزعم لها أن أسطواناتها لا تباع ولا تحقق أي نجاح، وأنه يتكبد خسائر مادية كبيرة، وعلى أثر تلك الخلافات والمشاكل تركت أم كلثوم الشركة وذهبت إلى شركة “أوديون” التي كانت قد أوشكت على الإفلاس فأنقذتها من الإفلاس رغم ان العقد بين هذه الشركة وأم كلثوم كان في صالح أم كلثوم، حيث كانت أم كلثوم تتقاضى عن الاسطوانة الواحدة 50 جنيها، وهو يعد مبلغا ضخما لم يسبقها أحد إليه حتى عام 1927، ولم يصل إليه أساطين الطرب أمثال سلامة حجازي والمنيلاوي ومنيرة المهدية وفتحية أحمد، وكان أجر صالح عبد الحي في ذلك الوقت مقابل ملء الأسطوانة 12 جنيها وكان أعلى أجر يحصل عليه محمد عبد الوهاب 10 جنيهات، ونشرت الصحف هذا الاتفاق مع أم كلثوم علي خمسين جنيها للأسطوانة الواحدة في صفحة كاملة، وأضافت أنه قد بيع 15 ألف اسطوانة في ثلاثة أشهر، وما أن تم نشر الخبر حتى سارع كل المطربين يطالبون الشركات التي يتعاملون معها بمساواتهم بأم كلثوم، وحدثت مشاكل وخلافات كثيرة كان أبرزها ترك عبدالوهاب للشركة التي يتعامل معها وانضمامه إلى شركة “بيضافون” نظير أجر قدره 30 جنيها عن الاسطوانة الواحدة.
عبدالحليم حافظ
إذا كان فريد الأطرش قد ترك شركة “كولومبيا” جراء بخل صاحبها فإن عبدالحليم حافظ ترك أيضا شركة “كايروفون” لتدخل صاحبها في اختياراته الغنائية، والحكاية ببساطة أنه بعد النجاح الكبير الذي حققته أغنيات عبدالحليم حافظ في بداية الخمسينيات مثل “على قد الشوق وصافيني مرة ويا قلبي خبي وهي دي هي والحلو حياتي” تهافتت عليه شركات الاسطوانات فتعاقد مع شركة “كايروفون”، وحاولت هذه الشركة التدخل في كل كبيرة وصغيرة بالنسبة للأغنيات التي يغنيها، لكن عبدالحليم رفض ذلك بشدة وقال لعبدالوهاب الذي كان من كبار المساهمين في هذه الشركة لن أعمل مع هذه الشركة مرة ثانية ولو أعطوني مليون جنيه، وعرف عبدالوهاب أن قرار عبدالحليم لا رجعة فيه. ويقول عبدالحليم في كتابه “حياتي” الذي يتناول قصة حياته عن هذه الواقعة: اتخذت قرار عدم تعاوني مع شركة “كايروفون” مرة ثانية لأنني اكتشفت أنهم لا يمكن أن يفهموا كيف أن الفنان شحنة إحساس، وعرضت على عبدالوهاب أن نكون معا شركة اسطوانات، وكان هذا القرار غريبا لأنني لم أتعود أن أكون صاحب مشاريع اقتصادية، لكن أصبح ذلك الأمر ضروريا حتى لا أسمح لمن لا يفهم بأن يتدخل في عملي، ولاحظ الصديق الشيخ عبدالله المبارك أنني في حالة ضيق فعرض أن يعطيني ضمانات اقتصادية لبداية تكوين شركة “صوت الفن”.
المصدر: القاهرة