6 نوفمبر 2009 22:42
منذ الأشهر الأولى لحمل الجنين يبدأ الأهل بالتحضير لاستقباله بدءاً من اختيار اسم يليق به وبهم أيضا.. ويشكل اختيار اسم المولود موضوعاً ذات أهمية كبيرة في معظم حضارات العالم ولاسيما العربية، إذ يعكس دلالات كثيرة بعضها اجتماعية وبعضها دينية، كما يعتبر مؤشراً على الشخصية والحظّ في الحياة انطلاقا من المقولة الشهيرة :»لكل من اسمه نصيب»، ولذلك فإنهم يتمنون للمولود:»أن يعيش ويحمل اسمه» إذا ما كان اسمه جميلاً.
وتوجد في المعتقدات والموروثات الشعبية الكثير من المقولات والممارسات التي تشير إلى العلاقة الوثيقة بين الشخص واسمه، وفي حين يعتقد بعض الأشخاص بأن لأسمائهم تأثيراً كبيراً على مسار حياتهم وحظوظهم في الحياة، بالإضافة إلى انعكاسه على شخصياتهم وصفاتهم، فإنَّ البعض الآخر ينفي ذلك مؤكداً أنَّ الأسماء ما هي إلا عناوين أو مفاتيح لأصحابها، أما المحتوى فلا يعرف إلا بعد المعاشرة.
ضرر وضرار
تعتقد نجوى فضل بأنهَ للأسماء تأثير على أصحابها سواء سلباً أم إيجاباً، لافتة إلى أنَّ لاسمها أثراً ملحوظاً على شخصيتها، لم يكن ذلك بادياً لها قبل بضع سنوات، لكنه بدأ يتضح شيئاً فشيئا. تقول نجوى: «أصبحت متيقنة الآن أنَّ اسمي قد أثّر على سمات شخصيتي ليمنحني بعض الصفات المشتقة منه، فمعنى الاسم هو «الحديث بالسر أو حديث القلب» وأنا حياتي مليئة بالأسرار، كذلك فقد اتخذت حياتي منحى دينياً منذ فترة، وبدأت استشعر الجانب الروحاني في نفسي والذي كبر تدريجيا، فصارت علاقتي مع الخالق كلّها مناجاة معه وتقرباً إليه، منذ تلك اللحظات صرت أحب اسمي الذي منحني هذه الصفات، وأكد لي مقولة أن لكل من اسمه نصيباً».
ويؤكد على ما راحت إليه نجوى، زوجها فؤاد ربيع، الذي يجزم كلّ من يعرفه بأنه يحمل صفات اسمه تماماً، يروي فؤاد: «يقول الجميع بأنني حسّاس وطيب القلب». يبتسم متابعاً: «نعم، أشعر بأن اسمي ومعناه قد أثرا تأثيراً ملحوظاً على شخصيتي إذ جعلني شخصاً عاطفياً حنوناً وأتعامل مع الآخرين من منظور عاطفي أكثر منه عقلاني، كما أنني أتأثر كثيراً بقصص الآخرين، وأتعاطف معهم لدرجة كبيرة».
وإذا كان البعض سعيداً بالأثر الإيجابي الذي تركه اسمه على نفسه وشخصيته، فإن آخرين لم يرضوا بما قسم لهم من أسماء جلبت لهم المتاعب على حدّ قولهم، فقد لجأ ضرار سليم إلى تغيير اسمه بعد أن عانى منه الكثير، يقول: «منذ تفتحت عيناي على الدنيا لم يعجبني اسمي لكنني تعودت عليه، ثم أصبحت أمرض كثيراً، وخلال فترة زمنية قصيرة أجريت لي ثلاث عمليات جراحية، بعدها نصحني أحد الأصدقاء بتغيير اسمي الذي جلب لي هذه المتاعب وضرّني جسدياً، حسب رأيه».
يتابع قائلا: «اقتنعت بكلام صديقي فذهبت للمحكمة طالباً تغيير الاسم رسمياً، لكنني وجدت الإجراءات طويلة ومعقدة، فاكتفيت بأن طلبت من الأهل والأصدقاء مناداتي باسم آخر اخترته لنفسي وهو سيف الدين». ويضيف سيف، بعد التعديل: «شعرت بأنَّ الدنيا قد ابتسمت لي من جديد وتغيّر حظي، فقد انتهت متاعبي الصحية، وبدأت أتقدم في العمل.. لا أعلم إذا ما كان تغيير الاسم هو السبب في تغيير مسار حياتي، ولكن ما أعرفه هو أنني الآن أشعر بالراحة النفسية أكثر مما كنت عليه في السابق مع اسمي القديم ضرار».
أمينة الخائنة
ولا تجد وجدان جلال، 20 عاماً، سببا للربط بين الشخص واسمه، فالاسم ما هو سوى عنوان أو وسيلة للربط بين الصورة والشخص ومناداته بها، بحسب قولها، تقول وجدان: «بالنسبة لي لا توجد علاقة بين اسمي وشخصيتي، فالوجدان معناه القلب والإحساس، وأنا لست عاطفية ولا وجدانية».
تتابع: «إذا كان كلّ إنسان يأخذ صفاته من اسمه، فمعنى ذلك أننا سوف نحكم على الناس من أسمائهم فقط دون التعامل معهم، فنبحث عن أصدقائنا بحسب أسمائهم وليس تبعا لصفاتهم وأخلاقهم، وهذا كلام لا يقبله العقل.. لقد قرأت قصة حقيقية حدثت مع فتاة اسمها أمينة، لكنها لم يكن لها أي نصيب من اسمها، إذ خانت أهلها وبلادها ومعتقداتها فكانت عكس اسمها تماماً».
ويؤيدها في كلامها عمار الشريدة، قائلا: «بعض الناس يحملون صفاتاً من أسمائهم لكن لا أعتقد بأن ذلك ليس قاعدة، لكن الأصل في تكوين الصفات والشخصية هو التربية والعائلة التي خرج منها الشخص، فأنا أعرف أشخاصاً يحملون أسماء أنبياء وقديسين لكنهم لم يحملوا أي من صفاتهم أبدا».
أسماء وأبراج
موضوع اختيار الأسماء للمواليد الجدد أخذ حيزا مهما في التاريخ العربي القديم فكان العرب يسمون أبناءهم الذكور أسماء قاسية لبث الرعب في قلوب الأعداء مثل فاتك، حرب، صخر، بينما يسمون الإناث أسماء ناعمة توحي بالجمال والرقة تنفيذا لحكمة تقول: «أسماء رجالنا لأعدائنا وأسماء نسائنا لنا»، أما التاريخ الإسلامي فقد شهد على تغيير أسماء ذات دلالات ومعانٍ سيئة، ومن أمثلة ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم غيّر اسم فتاة يقال لها عاصية فسماها جميلة، كما حثّ المسلمين على انتقاء أسماء جيدة لأبنائهم مشيراً إلى أن «خير الأسماء ما حمّد وعبد»، وما زالت بعض الناس حالياً تسمي أبنائها بأسماء معينة لتنطبع عليها صفاتها مثل القوة والشجاعة، وبعض الأسماء لغاية دفع الشر والعين والحسد، وبعضها لجلب الرزق والحظ والسعادة. ومؤخرا أصبحت القنوات الفضائية تفرد مساحة لهذا الموضوع من خلال برامج يقدمها فلكيون، منهم اللبنانية جمانة قبيسي، لها برامج مخصصة على بعض القنوات تتحدث فيها عن الأسماء والأبراج وانعكاسها على شخصية صاحبها وتأثيرها على حياته. فبرأيها، ثمة أسماء قوية تساعد على نجاح الإنسان في مجالات حياته، وهناك أسماء ضعيفة تؤثر فيها سلبا.
وقد راحت القبيسي إلى أبعد من ذلك لتحدد عددا من الأحرف تناسب مواليد كل برج على حدة، كما قسمت الأحرف الأبجدية إلى ثلاث صفات، حروف السعد وحروف التعب والحروف الممتزجة، التي تجمع النجاح والتعب معا، مشددة على ضرورة تغيير الاسم، إما بالمناداة أو في الأوراق الرسمية، إذا ما وجد الشخص أن اسمه ضعيفا ولا يتوافق مع برجه.
في تغيير الأسماء
«عن ابن عمر رضى الله عنهما أن ابنة لعمر رضى الله عنهما كانت يقال لها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه و سلم جميلة».
إن التسمية أيا كان نوعها تؤثر في صاحبها فإذا كانت جيدة يتأهل جزئيا للقبول الاجتماعي من الآخرين وتمنحه مدخلا حسنا للعلاقات الإنسانية وتحقق له الشخصية المتوازنة والعكس صحيح فإذا كان الاسم غريبا أو شاذا أو غير مواكب للعصر فإنه يؤثر في نموه الاجتماعي ويجعله انعزاليا يتهيب التواصل مع الآخرين كي لايسخروا منه، ما ينتج عنه خسائر اجتماعية شتى. فالأطفال الذين يحملون أسماء ذات معان جميلة تكون شخصياتهم متوازنة ويسعون إلى الوصول إلى معاني أسمائهم، في المقابل الأسماء غير المألوفة تثير سخرية الناس وتولد في نفوس أصحابها الكثير من التعقيدات النفسية كالخجل والانطواء وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي وفي مراحل متأخرة يمكن أن تقود إلى أمراض نفسية في مقدمتها الاكتئاب.
فمسؤولية اختيار الاسم تقع أولا وأخيرا على عاتق الوالدين اللذين يجب أن يتفقا على الاسم أولا إذ كثيرا ما يختلفان على ذلك الأمر، كما عليهما أن يختارا اسما ذا معنى جميل دون اللجوء إلى التسميات التي تعرض ابنهما في المستقبل للخزي والسخرية والألم.
والعرب أيضا قديما انتبهوا إلى التأثير النفسي للأسماء فكانوا يسمون أبناءهم الذكور أسماء قاسية لبث الرعب في قلوب الأعداء مثل فاتك، حرب، صخر.. بينما يسمون الإناث أسماء ناعمة توحي بالجمال والرقة وما إلى ذلك تنفيذا لحكمة تقول: «أسماء رجالنا لأعدائنا وأسماء نسائنا لنا».
المدخل الحسن
صلة الأسماء بمسمياتها غير مثبتة علمياً بحسب الدكتور مصطفى عبد العظيم، أخصائي الطب النفسي، الذي يؤكد أن التسمية تؤثر في نفسية صاحبها، إذا كانت جيدة فهي تؤهله جزئياً للقبول الاجتماعي من الآخرين، وتمنحه مدخلاً حسناً للعلاقات الإنسانية وتحقق له الشخصية المتوازنة، والعكس صحيح أيضاً فإذا كان الاسم غريباً أو شاذاً أو غير مواكب للعصر فإنه يؤثر في نموه الاجتماعي، ويجعله انعزالياً يتهيب التواصل مع الآخرين كي لا يسخروا منه، ما ينتج عنه خسائر اجتماعية شتى، خاصة عند الأطفال حيث تولد في نفوسهم تعقيدات نفسية كالخجل والانطواء وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي، وفي مراحل متأخرة يمكن أن تقود إلى أمراض نفسية في مقدمتها الاكتئاب.
ومن هنا، يضيف عبد العظيم، فقد جاءت وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للأهل باختيار اسم حسن لأبنائهم، فمسؤولية اختيار الاسم تقع أولاً وأخيراً على عاتق الوالدين اللذين يجب أن يتفقا على اختيار اسم ذي معنى جميل، دون اللجوء إلى التسميات التي تعرض ابنهما في المستقبل للسخرية والألم. مشيراً إلى أنه نتيجة للتأثير النفسي التي تحملها الأسماء على صاحبها ومن يتعامل معه أيضا، فقد البعض إلى تسمية بعض الأسماء التي تدفع الشر أو الحسد أو العين، أو تجلب الرزق أو الحظ أو السعد أو القوة، لكن في النهاية فإن ذلك كلّه يدخل في باب التفاؤل لكنه لم يثبت صحته علمياً
المصدر: أبوظبي