الإثنين 21 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استعدادات مطلوبة لليلة المباركة وشروط إلهية حتى يكون الدعاء مستجابا

استعدادات مطلوبة لليلة المباركة وشروط إلهية حتى يكون الدعاء مستجابا
29 أكتوبر 2005
دمشق ـ عمّار أبو عابد:
هل الدعاء مستجاب في ليلة القدر إطلاقاً، أم أن هناك استعدادات يجب أن يتسلح بها المسلم؟ وشروطاً حددها علماء الدين بأدلتها؟ وما هو أفضل الدعاء وفي أي وقت من الليلة المباركة يدعو المسلم ربه· وهل يشترط القيام في ليلة القدر من بعد المغرب حتى موعد الفجر، وكيف يقضي مسلمو دمشق الشام الليلة المباركة في مساجدها؟
كل هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على فضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب ديب، في هذا الحوار:
؟ كيف يتم إحياء ليلة القدر في مسجد أبي النور بدمشق؟
؟؟ يبدأ الإحياء في مسجد أبي النور لليلة القدر بعد انتهاء صلاة التراويح ويكون ذلك على ثلاث مراحل، كل مرحلة تستمر مدة ثلاث ساعات تقريباً· المرحلة الأولى تبدأ بالاستغفار والدعاء والابتهال لله عز وجل مع الأذكار والصلاة على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حتى الساعة العاشرة ليلاً، ويشرف على هذه الفترة فضيلة الشيخ محمد بشير الرز وفضيلة الشيخ عمر الصباغ، وبعض الأساتذة الكرام· وتبدأ الفترة الثانية من الساعة العاشرة إلى الساعة الواحدة ليلاً، حيث يخرج الذين بدأوا من بعد العشاء ليفسحوا المجال لأفواج جديدة بصلاة ركعات من قيام الليل، ثم يذكرون الله تبارك وتعالى، ويتابعون ما بين استغفار ودعاء وبعض الابتهالات والأناشيد الدينية، ويشرف على هذه الفترة فضيلة الأستاذ أبو الخير الصباغ· أما الفترة الثالثة فتبدأ من الساعة الواحدة إلى الساعة الرابعة والنصف فجراً، حيث يخرج الحضور ليفسحوا المجال لأفواج جديدة تبدأ ببعض الأذكار وتلاوة القرآن من سورة يس، الواقعة، تبارك، خواتيم القرآن الكريم، مع الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يختتم ذلك بصلاة أربع ركعات، وهي صلاة التسابيح التي علمها النبي عليه الصلاة والسلام لعمه العباس رضي الله عنه وندبه أن يصليها ولو في العمر مرة· ويختتم الإحياء بتناول تمرات قليلة وكأس ماء على السحور ثم تكون صلاة الفجر ويعقد بعدها مجلس علم لفضيلة الشيخ رجب تستمر لما بعد طلوع الشمس بثلث ساعة، ثم ينصرف الناس· هذا برنامج ليلة القدر في مسجد أبي النور الذي يصعب عليه استيعاب كل هؤلاء الناس لذلك يقسم الوقت على ثلاثة مراحل· ومن حيث السنة النبوية الشريفة يكره الإحياء أن يكون طيلة الليل، لذلك يفضل أن يتمثل في الثلث الأخير منه·
استعدادات ضرورية لليلة القدر
بماذا يستعد المسلم لليلة القدر؟
الاستعداد لليلة القدر يكون من بداية الشهر الكريم، ويتمثل هذا الاستعداد من خلال عدة أمور، الصوم خالصاً لله تبارك وتعالى إيماناً واحتساباً لا يريد على ذلك جزاء ولا شكورا من أحد، والصوم لا يعني ترك الطعام والشراب والنكاح فحسب، بل يعني صوم كل الجوارح عن كل ما حرم الله تعالى من نظر ونطق وحركة باليد أو مشي بالقدم لما حرمه سبحانه، وورد في الحديث (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) أخرجه البخاري وأصحاب السنن· وفي رواية النسائي (من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، فمن أدى صيامه على هذا الوجه، فإنه قد استوفى الشرط الأول، أما بالنسبة للشرط الثاني، فهو بر الوالدين وصلة الرحم، حيث لا بد للمسلم حتى تكون طاعته وعبادته مقبولة أن يكون باراً لوالديه واصلاً لرحمه، قال الله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) وقال الله تعالى
في سورة محمد (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) حيث جمع الله قطيعة الرحم إلى الإفساد في الأرض التي هي حد من الحدود في الشريعة الإسلامية·
تحرير القلب والنفس
وثالثاً يجب على من يستعد لليلة القدر ويتهيأ لها ويريد أن يقبل فيها من الله تبارك وتعالى أن يحرر قلبه ونفسه من الشحناء والبغضاء والحقد على الآخرين، ذلك أن الله لا ينظر في الليالي المباركة نظرة الرحمة والمغفرة لمشرك ومتكبر أو عاق الوالدين، قاطع الرحم، المشاحن، الحقود، مدمن الخمر، فقد ورد في الحديث (إن الله يغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويترك أهل الحقد كما هم)· ورابعاً الإكثار في هذا الشهر الكريم من الطاعات والعبادات والأذكار والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يجلو صحيفة القلب، فيجعلها مهيأة لاستقبال النور والفيض الإلهي في تلك الليلة المباركة، وورد في الحديث (إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد وإن جلاءها بتلاوة القرآن وذكر الله تعالى)·
إكرام الفقراء والصائمين
خامساً إفطار أحد المسلمين في هذا الشهر على طعام حلال لما ورد (من فطر صائماً في شهر رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ليالي رمضان كلها، وصافحه جبرائيل عليه السلام ليلة القدر، ومن صافحه جبرائيل عليه السلام ـ يرق قلبه وتكثر دموعه)، قال سلمان الفارسي راوي الحديث: فقلت: يا رسول الله أفرأيت من لم يكن عنده؟ قال (فقبضة من طعام)، قلت: أفرأيت إن لم يكن عنده لقمة خبز؟ قال: (فمذقة من لبن) (أي قليل من الحليب ممزوج مع الماء) قلت: أفرأيت إن لم تكن عنده؟ قال: (فشربة من ماء)، فلو أفطر على شربة ماء لقضي الأمر وفي رواية أخرى (ولو أفطره على تمرة أو شقفة تمرة)، رواه أبو الشيخ وابن خزيمة عن سلمان، والبيهقي مختصراً عن أبي هريرة رضي الله عنهم جميعاً·
ومن الاستعداد لليلة القدر أيضاً إكرام الفقراء والأيتام وطلبة العلم الشرعي والمساكين وأن ينفق المسلم من ماله (من زكاة المال) ويعود بذلك على ذوي الحاجة، فربما يكون قد جبر بخاطر إنسان واحد، فيجبر بخاطره في تلك الليلة المباركة· هذه كلها استعدادات لليلة القدر جدير بالمسلمين أن يهتموا بها لينالوا القبول بإذن الله تعالى·
شروط الدعاء
؟ هل لاستجابة الدعاء في ليلة القدر شروط إلهية؟
؟؟ لاستجابة الدعاء في ليلة القدر وسواها شروط ذكرها العلماء بأدلتها، منها: البدء بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله والختم بذلك· والاستجابة لله تعالى لقوله سبحانه (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) آية 186 من سورة البقرة · وعدم الظلم والتعدي في الدعاء، كمن يدعو أن ينجح وهو لم يدرس، أو يشبع وهو لم يأكل أو يرزق بولد وهو لم يتزوج، أو شبه ذلك، قال تعالى (أدعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين) أية 55 من سورة الأعراف، قال العلماء إنه لا يحب المعتدين في الدعاء والله أعلم بمراده· وأن يكون رزقه حلالاً، للحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أدع الله لي أن أكون مجاب الدعوة· قال: (يا سعد أطب لقمتك تستجب دعوتك) ·وأن يكون حاضر القلب والذهن مع الله أثناء الدعاء، للحديث (أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه)·
ويشير محدثنا الى أن الله تعالى لا ينظر لعاق الوالدين وقاطع الرحم ومدمن الخمر والحقود والمشرك والمتكبر، فلا بد لهؤلاء أن يتوبوا ويرجعوا عن أي خصلة من تلك الخصال، فإن صدقت توبتهم قبل الله دعاءهم إن شاء الله· هذا بصورة عامة، وربما نقول إن الله سبحانه وتعالى يستجيب الدعاء إذا علم الصدق والإخلاص في قلب الداعي·
أفضل الدعاء
؟ ما هو أفضل الدعاء في ليلة القدر؟ وما هو أفضل ما يطلبه المسلم من خالقه عز وجل؟
؟؟ أفضل الدعاء في ليلة القدر وبكلمة مختصرة أن يقول المسلم: (اللهم اجعلني مستجاب الدعوة فيما يرضيك عني في أمر ديني ودنياي وآخرتي)· فإذا استجاب الله تعالى له هذه الدعوة أصبح مستجاب الدعوة فيدعو متى شاء وبما شاء وكيف يشاء شريطة أن يكون الدعاء فيما يرضي الله تبارك وتعالى ·
متى يكون الدعاء مستجاباً
؟ هل الدعاء مستجاب في أي وقت من هذه الليلة؟
؟؟ الدعاء مستجاب في أي وقت سواء كان في ليلة القدر أو في غير ليلة القدر، فالله تبارك وتعالى يستجيب دائماً في قوله (إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) ولم يحدد زماناً أو مكاناً، وإن كان هناك أوقات معينة يكون الدعاء فيها مستجابا وردت في أحاديث النبي (ص)· مثلاً فالدعاء مستجاب لا يرد بين الآذان والإقامة وعند نزول المطر، وتوجد أماكن أيضاً لا يرد الدعاء فيها، ويكون مستجاب كما الحال عند الكعبة المشرفة· أما بالنسبة لليلة القدر فمن باب أولى أن يكون الدعاء مستجابا فيها من بعد صلاة المغرب إلى طلوع الفجر ·
علامة يسترشد بها المسلم
؟ هل هناك علامة ما يسترشد بها المسلم على أن الباب مفتوح في دعائه؟
؟؟ بالطبع، خاصة في ليلة القدر، وقد رويت الحديث آنفاً (من فطر صائماً في شهر رمضان من كسب حلال، صلت عليه الملائكة ليالي رمضان كلها، وصافحه جبرائيل عليه السلام ليلة القدر، ومن صافحه جبرائيل عليه السلام، يرق قلبه وتكثر دموعه) فيعرف نفسه أنه كان مستجاباً في ليلة القدر إذا وجد رقة في قلبه وكثرة في دموعه فهذه من العلامات، كما يعلمنا إياها النبي المصطفى· كما يستطيع أن يعرف نفسه بعلامات أخرى إذا وجد أنه بعد شهر رمضان تابع على طريق الاستقامة والتوبة التي بدأها في شهر رمضان، أما إذا عاد بعد انقضاء رمضان إلى ما كان عليه سابقاً، فربما لم يكن مقبولاً في ليلة القدر والله أعلم·
مظاهر ليلة القدر
؟ ثمة من يردد أنه في ليلة القدر تتراءى لبعض الناس أنوارا ورؤى تجعل من طلباتهم وأمنياتهم مستجابة، ما مدى صحة هذه الأقاويل، برأيك؟
؟؟ هذا الأمر ليس صحيحاً بالضرورة، فلم يرد في حديث عن النبي (ص) أن ليلة القدر تظهر للناس بهذا الشكل· وإنما بين لنا النبي أن ليلة القدر تتجلى بمصافحة سيدنا جبرائيل عليه السلام كما ورد في الحديث عن أن سيدنا جبرائيل ينزل في ليلة القدر في كوكبة من الملائكة فيطوف على المسلمين في أرجاء الأرض لينظر إلى الذاكرين والمصلين، فيصافحهم سواء كانوا في صلاتهم أو أذكارهم أو طاعاتهم· ومن صافحه جبرائيل رق قلبه وكثرت دموعه، كما ورد في الحديث على كونها علامة ليلة القدر، أما بالنسبة لأقاويل النور وغير ذلك فلم ترد في أي حديث، لكنه ورد عن النبي (ص) أنه من علامة ليلة القدر أن تشرق الشمس صبيحة ليلة القدر من غير إشعاع، أما الأمور الأخرى فهي ربما تكون نوعا من التهيئات، أو أن بعض الناس يكونون في حالة روحية معينة، فربما تظهر لهم بعض الأنوار أو أي رؤية، فيظنون أن هذا الأمر وقف على ليلة القدر وهو ليس كذلك·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض