سعيد ياسين (القاهرة)
حصد فيلم «الممر»، الذي يعرض حالياً بدور السينما المصرية والعربية، إشادات نقدية وجماهيرية واسعة، وأبدى المهتمون بالسينما تفاؤلهم بعودة السينما الحربية بعد النجاح الاستثنائي الذي حققه الفيلم الذي يشارك في بطولته أحمد عز، وأحمد رزق، ومحمد فراج، وإياد نصار، وأحمد فلوكس، وأحمد صلاح حسني، وأسماء أبو اليزيد، ومحمود حجازي، وأمير صلاح، ومحمد جمعة، ومحمد الشرنوبي، وعدد من ضيوف الشرف منهم شريف منير، وهند صبري، وعمر زهران، وتأليف وإخراج شريف عرفة.
العودة للجبهة
يتناول الفيلم فترة نكسة 67، والشهور أو السنوات القليلة التي تبعتها في حرب الاستنزاف، قبل الوصول لنصر أكتوبر 1973، ويركز على الآثار الاجتماعية والعسكرية والسياسية التي سببتها الهزيمة، بعيون الجنود الذين كانوا جزءاً منها، وبخاصة أحد القادة البواسل «نور»، وهو الشخصية الرئيسية والقائد، ثم تتحول النكسة وآثارها إلى وقود للانتقام مع العودة للجبهة والاستعداد لاشتباكات جديدة مع العدو الإسرائيلي، وأكد متابعون أن الفيلم كان يمكن أن يحقق نجاحاً أكبر لو عرض خلال موسم رأس السنة وأعياد الميلاد، خصوصاً وأن غالبية الجمهور خرجوا من شهر رمضان متخمين بمشاهدة عشرات المسلسلات التلفزيونية، إلى جانب انشغال قطاع عريض منهم بامتحانات الثانوية العامة والجامعة.
ميزانيات ضخمة
وقالت المؤلفة وأستاذ السيناريو في المعهد العالي للسينما الدكتورة ثناء هاشم، إن «الممر» يندرج تحت نوع فني معروف وهو «أفلام الحرب»، هذا النوع معروف بميزانياته الضخمة والجهد الكبير الذي يبذل في إنجازه، ولكنه أيضاً لا يصنع بمزاجات خاصة ولا برؤى شاملة في وقتنا هذا، إنه يصنع لأسباب أخرى أكثر تعقيداً ودقة، غالبية الأفلام التي صنعت بعد الحرب العالمية الثانية صنعت لأن العالم يريد أن يتطهر ويتصالح مع نفسه، فتشاركت جنسيات مختلفة في صنعها كاليابان والروس والأميركان والألمان، المنتصرين والمهزومين لفتح الأسرار وتضميد الجراح وبرغبة ملحة من الشعوب في عدم العودة للحروب العسكرية كاختيار، حتى لو كانت الأنظمة الرسمية تلوح بعكس ذلك، وكانوا يختارون قصصاً إنسانية وزوايا دقيقة تدفع في اتجاه بعينه، وفترة الاستنزاف من الفترات الخصبة في تاريخنا المعاصر، حيث استرد الجيش المصري عافيته بعد الهزيمة في زمن قياسي، أما مكسبنا الفني والتاريخي من فيلم ضخم الإنتاج مثل «الممر»، فسيختبره الزمن وليس الإنتاج الضخم أو عطشنا لفيلم حربي جديد يعفينا من الأفلام المقررة علينا من زمن في ذكرى الهزائم والانتصارات.
درس في الانتماء
أما المؤلف محمد الغيطي، فأكد على أن «الممر» لا بد أن يشاهده أطفال وشباب مصر، وقال: خرجت من مشاهدة الفيلم مشحوناً بجرعة وطنية عارمة، ومنذ أفلام السبعينيات من القرن الماضي عن الجيش المصري لم تنتج السينما المصرية عملاً بهذه الروعة، وصناع الفيلم يستحقون مليون تحية، والمطلوب أن يشاهد طلاب المدارس هذا الفيلم، وأقترح على الشؤون المعنوية التي بذلت جهداً خارقاً لإخراج الفيلم للنور أن تنسق مع وزارتي التعليم والتعليم العالي بعمل تذاكر مخفضة للطلاب أو حفلات مجانية لتلاميذ المدارس، لأن هذا الفيلم أعظم من عشرات الحصص والكتب والخطب، هو درس في الانتماء وحب الوطن بحرفية ومتعة غير مسبوقة، ونحن نريد عشرات الأفلام مثل «الممر».
بطولات عظيمة
وقال الناقد طارق مرسي: أخيراً وبعد مرور 52 عاماً على عتمة 67 و46 عاماً على نصر أكتوبر المجيد، أصبح لدينا «فيلم عالمي» يسجل أغلى الأمجاد على فيلم سينمائي لجيل اليوم وللأجيال القادمة ويرصد صفحة من صفحات البطولة وال فداء لهذا الوطن الغالي، إنه فيلم للتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية، ويعكس دور الصاعقة المصرية في حرب المصير ويعيد للأذهان معجزاتها وبطولات إبراهيم الرفاعي وغيره من خير أجناد الدنيا، فضلاً عن بسالة القوات البحرية، كما يمهد لبطولات عظمى في حرب الاستنزاف وانتصار مبين في السادس من أكتوبر، ونجح الفيلم باقتدار في خلق حالة جمع فيها لمحات من بطولات عظيمة، ويعد وساماً على صدر كل من شارك فيه، كما أنه أفضل ما يهدى لأفضل ما يهدى به، وهو جيش مصر العظيم والذي ما زال يواصل العطاء والفداء ويخوض حرباً كبرى لتطهير تراب الوطن من الإرهاب والمأجورين.