محمد إبراهيم (الجزائر)
احتفل الحراك الشعبي بالجزائر في جمعته السابعة عشر أمس بالقبض على عدد من المسؤولين السابقين بتهم فساد مالي، فيما جدد المتظاهرون مطالبهم بإقالة كافة رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن المشهد السياسي. وكما في كل جمعة، تجمع الآلاف في ساحة البريد المركزي، معقل الحراك الشعبي، بقلب العاصمة الجزائرية، منذ الصباح الباكر، حيث رددوا هتافات تعبر عن مطالبهم ورفعوا لافتات ترحب بالقبض على المسؤولين المتهمين بالفساد، ووزعوا عبوات «الزبادي» مجاناً سخرية من السجين أحمد أويحيى رئيس الوزراء السابق، كما رددوا هتافات مناهضة للرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي ومعاذ بوشارب رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية في البرلمان).
وشهدت الأيام الماضية، صدور قرارات بالحبس ضد أحمد أويحيى وعبد المالك سلال رئيسي الوزراء السابقين وعمارة بن يونس وزير الأشغال العمومية والتجارة السابق إضافة إلى وضع عبد الغني زعلان وزير النقل والأشغال العمومية السابق قيد الرقابة القضائية، وذلك على ذمة قضايا فساد مالي، متهمين فيها مع عدد من رجال الأعمال المقربين من بوتفليقة وشقيقه السعيد. وانتشرت قوات الشرطة في محيط ساحة البريد المركزي، وواصلت منع المتظاهرين من الوصول للدرج الخارجي لمبنى البريد المركزي، كما أغلقت نفق الجامعة بساحة موريس أودان لمنع حدوث أي حالات اختناق داخله أثناء المظاهرات، كما أقامت قوات الدرك الوطني (تابعة للجيش) حواجز على مداخل العاصمة، للتدقيق في هويات الوافدين، الأمر الذي أدى إلى حدوث اختناق مروري.
وأوقفت سلطات الجزائر العاصمة حركة المواصلات العامة لمترو الأنفاق وخدمة الترام وقطارات الضواحي والخطوط الطويلة نحو شرق وغرب البلاد.
وشهدت المظاهرات توزيع بعض المتظاهرين عبوات الزبادي مجاناً، سخرية من رئيس الوزراء السابق أويحيى الذي أودع الحبس المؤقت بتهم الفساد. وكان أويحيى قد أطلق تصريحا استفز الكثيرين إبان توليه رئاسة الحكومة، حين اشتكى جزائريون من غلاء الأسعار فرد قائلا «ليس ضرورياً أن يأكل الشعب كله الزبادي». وشهدت عدة ولايات جزائرية أخرى، منها قسنطينة ووهران وباتنة وبجاية والبويرة وسطيف مظاهرات مماثلة.
وعلى صعيد الملاحقات القضائية للمسؤولين المتهمين بالفساد، قالت مصادر قانونية لـ«الاتحاد» إن الأسبوع المقبل سيشهد مزيداً من التوقيفات بحق عدد من الوزراء والمسؤولين السابقين المتهمين في قضايا فساد. وأضافت أن «القضاء فتح كافة الملفات وبعض الأسماء ستشكل مفاجأة لأنه لم يتخيل أحد أن يتم محاسبتهم»، مشيرة إلى أنه لا يوجد تسييس للقضاء ولكن هناك محاسبة للفاسدين. من جهة أخرى، قرر قاض بمحكمة الدار البيضاء بالعاصمة الجزائرية، إيداع المرشح الرئاسي السابق علي غديري، بالحبس المؤقت بتهمة تسريب معلومات اقتصادية للأجانب، ومحاولة الإضرار بالجيش.
وقال بيان للحملة الانتخابية لغديري، نشر على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، إنه «تم إيداع المترشح السابق للرئاسيات علي غديري، الحبس المؤقت بعد مثوله أمام قاضي التحقيق لدى محكمة الدار البيضاء بالعاصمة». وفيما لم يصدر بيان رسمي عن القضاء الجزائري بتوقيف غديري قالت الحملة إنه يواجه تهمتين من قبل النيابة العامة، هما «المشاركة في تسليم معلومات إلى عملاء دول أجنبية تمس بالاقتصاد الوطني والمساهمة في وقت السلم في مشروع لإضعاف الروح المعنوية للجيش قصد الإضرار بالدفاع الوطني». وكانت حملة غديري قد أعلنت في وقت سابق أنه تم توقيفه لبضعة ساعات ليلة الأربعاء – الخميس قبل أن يطلق سراحه ويحال على قاضي التحقيق بمحكمة الدار البيضاء.
وغديري (64 سنة) هو جنرال سابق بالجيش وسبق له شغل منصب مدير الموارد البشرية والأمين العام لوزارة الدفاع الجزائرية قبل إحالته للتقاعد في 2015.
ويعرف عن غديري أنه من المقربين من الجنرال محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق رئيس المخابرات الأسبق لذي يقبع في السجن منذ 4 مايو الماضي، بتهمة «التآمر على الجيش والدولة»، مع السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، والجنرال عثمان طرطاق رئيس المخابرات السابق. وقدم غديري أوراق ترشحه لانتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 18 أبريل الماضي، قبل أن يعلن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلغائها، قبل أن يطيح الحراك الشعبي بوتفليقة من قصر المرادية الرئاسي بعد 20 عاما في الحكم. وبعد إلغاء الانتخابات، دعا غديري، عدة مرات إلى تنظيم انتخابات الرئاسة في أقرب وقت، وأعلن اعتزامه الترشح في الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 4 يوليو المقبل، إلا أنه لم يقدم أوراقه للترشح، حتى تم إغلاق الباب دون أي مرشحين مما أدى لتأجيل الانتخابات.