شادي صلاح الدين (لندن)
صعدت أنقرة من لهجتها تجاه واشنطن، أمس، عقب التحذيرات الأميركية بشأن استبعاد تركيا من برنامج الطائرة المقاتلة «إف 35»، في حال استمرت في خططها المتعلقة بشراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، رداً على تحذيرات واشنطن بخصوص الصفقة، إن بلاده لن تتراجع عن قرار شراء إس-400، مضيفاً أن تركيا «ترفض أي إنذارات» بشأن هذا الأمر.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن أول من أمس أن بلاده اشترت بالفعل منظومة صواريخ «إس 400» الدفاعية من روسيا، معبراً عن أمله في تسلمها خلال شهر يوليو المقبل. كما أعرب أردوغان عن أمله في حل مشكلة مقاتلات «إف 35» مع أميركا قبل الاجتماع مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب نهاية يونيو الجاري.
وكان باتريك شاناهان القائم بعمل وزير الدفاع الأميركي أشار قبل أيام إلى استبعاد تركيا من برنامج مقاتلات «إف 35» إذا لم تتراجع عن خططها لشراء المنظومة.
وأمهلت واشنطن تركيا حتى نهاية يوليو للتخلي عن سعيها إلى الحصول على منظومة صواريخ «إس 400» الروسية، لأنها تتنافى في رأي الأميركيين مع مشاركة أنقرة في مشروع صنع مقاتلات «إف 35».
ويرى مراقبون أن حدة التوتر الذي يسود العلاقات الأميركية التركية بلغت مرحلة باتت تهدد عضوية أنقرة في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، حيث أصبح كل ما يمثله النظام التركي على نقيض مبادئ الحلف العسكري الدولي. وفي هذا الإطار قال الكاتب جيرالد هايمان في مقاله في مجلة «ذي ناشيونال انتريست» الأميركية نصف الشهرية إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقدم، للولايات المتحدة وحلفائها في الناتو أسباباً منتظمة وثابتة لإنهاء تحالفهم مع تركيا؛ في الواقع، إنه يدفعهم نحو تعريف تركيا تحت حكم أردوغان كخصم بدلاً من كونها حليفاً.
وعدد الكاتب أسباباً متنوعة تدفع واشنطن وحلفائها من أعضاء الناتو لتعريف نظام حكم أردوغان بالخصم، ومنها تحالفه مع روسيا وإيران، وتهديداته ضد وحدات حماية الشعب الكردي التي تدعمها الولايات المتحدة في حربها ضد «داعش» الإرهابي، فضلاً عن إصرار الرئيس التركي على أن تقوم الولايات المتحدة بتسليم مقاتلات طراز F-35 وغيرها من المعدات رغم قيامه بشراء صواريخ إس 400 الروسية، إضافة إلى أن أردوغان يعمل وفق رؤية الغرب في خدمة المصالح الروسية، وهو ما كان واضحاً في الاتحاد الهش والتكتيكي بين روسيا وإيران وتركيا بشأن سوريا.
وأضاف أن نظام أردوغان يتجاهل آليات التمويل في تركيا لتنظيم داعش الإرهابي، وترحيبه بالجماعات المتطرفة المناهضة للغرب.
وعلى المستوى المحلي، أوضح الكاتب أن سياسات أردوغان تتعارض مع قيم وسياسات حلفائه في حلف الناتو فيما يتعلق بتمسكه بفرض سلطته الاستبدادية، وإصراره على اعتقال المعارضين لسياساته بتهم واهية بما في ذلك المعارضين السياسيين والقضاة، مشيراً إلى أنه لجأ للتخلص والإطاحة بعشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية والمدرسين والقضاة وأعداد كبيرة من ضباط الجيش، كما استولى على وسائل الإعلام الخاصة، وأغلق أكثر من مائة محطة تلفزيونية وإذاعية، وصحف ودور نشر، واعتقل مئات الصحفيين.
وأكد الكاتب أنه يبدو من المستحيل تعريف تركيا التي يرأسها أردوغان على أنها جزء من المجتمع الغربي، ناهيك عن كونها حليفة للولايات المتحدة أو الناتو.
وحذر المقال النظام التركي من أنه إذا واصل سياساته الحالية وترك تركيا بعيدة عن التحالف الغربي في السياسة والقيم والعلاقات، فلن يستطيع، أن يبقى عضواً في حلف الناتو.