الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستثمارات الصينية ... «غزو» متواصل للقارة الأفريقية

الاستثمارات الصينية ... «غزو» متواصل للقارة الأفريقية
1 نوفمبر 2009 01:19
ربما تكون الأزمة الاقتصادية الحالية التي تعصف بالعالم قد اضطرت بلداناً إلى وقف استثماراتها الأفريقية، لكن هذا الأمر لا ينطبق على الصين، فقد أعلنت الحكومة النيجيرية خلال الأسبوع الجاري عن مضاعفة الصين لاستثماراتها الحالية من ثلاثة إلى ستة مليارات دولار سيذهب أغلبها لقطاع النفط النيجيري، وفي الأسبوع الماضي أعلنت حكومة غينيا التي شهدت انقلاباً عسكرياً أتى بنقيب في الجيش إلى السلطة أن شركة صينية تخطط لاستثمار سبعة مليارات دولار في قطاعي النفط والمناجم مقابل حصول بكين على معاملة تفضيلية في جميع المشاريع المتعلقة باستخراج المعادن في غينيا. بيد أن هذا الهجوم الصيني الكاسح على أفريقيا والانخراط الواضح في المشروعات الكبرى يثير بعض المخاوف لدى نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات الدولية المدافعة عن الديمقراطية، والذين يحذرون من أن الأموال الصينية المتدفقة على القارة السمراء تدعم الأنظمة القائمة مثل زيمبابوي والسودان وجمهورية الكونجو الديمقراطية، رغم ما تعرفه هذه البلدان من نقص خطير في الديمقراطية وانتهاكات سافرة لحقوق الإنسان، فضلا عن الفساد وإساءة استعمال السلطة، هذا ناهيك عن أن بعض تلك الدول وُجهت لها اتهامات بارتكاب جرائم حرب من قبل الهيئات الدولية. ومع ذلك يصفق العديد من القادة الأفارقة للاستثمارات الصينية، قائلين إنها تساهم في خلق الوظائف للمواطنين وتطور البنية التحتية، كما تتيح فرص إنجاز الأعمال في البلدان التي تتردد الدول الغربية في القدوم إليها والاستثمار فيها. وتأكيداً لهذا الدور الصيني المتنامي في أفريقيا والترحيب الذي باتت تلقاه في القارة السمراء أدلى الرئيس الرواندي، بول كاجام، بتصريح لإحدى الصحف الألمانية مطلع شهر أكتوبر الماضي قال فيه "إن الاستثمارات الصينية الهائلة في الشركات الأفريقية تساعد الصين على التقدم، فالصين تأتي بما تحتاجه أفريقيا من استثمارات وأموال للحكومة والشركات"، مضيفاً أن "الانخراط الأوروبي والأميركي في القارة الأفريقية لم يجلب أي خير للقارة ولم يساعد على دفعها قدماً وتخليصها من مشكلاتها المزمنة"، مشتكياً من الحواجز التجارية التي تقيمها البلدان الغربية في وجهة الصادرات الأفريقية. والحقيقة أن السياسة التقليدية للصين والقائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية تروق للقادة والأنظمة، وهي تختلف تماماً عن السياسة التي تنتهجها الدول الأوروبية والولايات المتحدة والمركزة أكثر على قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، وفيما تمتنع الدول الغربية عن الاستثمار في دول مثل زيمبابوي بسبب سجل النظام السيئ في مجال حقوق الإنسان واحتكاره للسلطة في البلاد وبسبب العنف الذي يمارسه النظام ضد المعارضة والنشطاء السياسيين تغتنم الصين الفرصة للنفاذ إلى الأسواق الأفريقية وتوسيع استثماراتها في القطاعات الاستراتيجية، لا سيما الطاقة والمعادن الأولية، هذا بالإضافة إلى استفادتها من بيع سلاحها إلى الأنظمة الأفريقية. وللتدليل على التعاون الصيني الوثيق مع أفريقيا ما علينا سوى النظر إلى صفقة السلاح مع زيمبابوي التي مرت دون انتباه في شهر يونيو من العام 2008 حينها رفض النقابيون في ميناء دوربن بجنوب أفريقيا تفريغ الشحنة الموجهة إلى زيمبابوي التي تفتقر لواجهة بحرية، فما كان من السفينة الصينية سوى التوجه إلى أنجولا لتنقل طائرات زيمبابوي شحنة الأسلحة إلى مطار هراري. وفي هذا الإطار يقول "فرانسيس كورنيجي"، الباحث بمركز الدراسات السياسية بجوهانسبورج: "على المجتمع الدولي أن يحاسب الصين على دعمها للأنظمة المستبدة في أفريقيا سواء كان هناك حظر أممي على التعامل مع تلك الأنظمة، أم لا، فمعروف أن الصين لا تحب أن تسلط عليها الأضواء وتظهر على أنها خارج الإجماع الدولي، لذا على جنوب أفريقيا أن تقوم بدورها للضغط على الصين وإقناعها بوقف إرسال شحنات السلاح إلى النظام في زيمبابوي". لكن رغم المواقف الحازمة التي أبداها الرئيس الجنوب أفريقي الجديد، جاكوب زوما، تجاه زيمبابوي مقارنة مع سلفه، ظلت البلدان الأفريقية الأخرى غير معنية بالضغط على النظام في زيمبابوي، أو تبني موقف صارم تجاه الصين التي تظل مصدر دخل رئيسي لأفريقيا بالنظر إلى استثماراتها الكبيرة، وهو ما يوضحه الباحث "كورنيجي" بقوله "لا توجد قيادة في القارة الأفريقية والصين تعرف ذلك وتستغل الفراغ". وتملك الصين امتيازاً واضحاً في سباقها مع الدول الغربية ذلك أنه في هذه الأخيرة تبقى استثمارات الشركات والمعونات الحكومية أمرين منفصلين، فعندما تقوم شركة أميركية على سبيل المثال بتقديم عرض لاستغلال منجم في الكونجو، فهي لا تهتم بأمور أخرى، لكن بالنسبة للشركة الصينية، والتي تكون تابعة للدولة، فإنها بالإضافة إلى استغلال المنجم تقوم أيضاً ببناء المدارس وشق الطرق ومد شبكة الكهرباء والماء الصالح للشرب، وهي حزمة متكاملة لا تستطيع الشركات الغربية تقديمها. ولا ننسَ أيضاً أن الشركات الصينية وخلافاً لنظيراتها الغربية، لم تعانِ كثيراً من نقص السيولة، بل مازالت قادرة على ضخ مليارات الدولارات في استثماراتها بأفريقيا والتي وصل حجمها خلال النصف الأول من العام 2009 إلى 552 مليار دولار، وفي شهر مايو الماضي أعلنت بكين بأنها سترفع من حجم صندوقها للتنمية الصينية الأفريقية بحوالي ملياري دولار، تضاف إلى ما تم إنفاقه على أفريقيا منذ العام 2006 والمقدر بحوالي 400 مليار دولار. وقد وصل حجم التبادل التجاري السنوي بين أفريقيا والصين إلى مائة مليار دولار، يأتي معظمها من مبيعات النفط والمعادن، مشكلا زيادة بعشر مرات عن المستوى الذي كان عليه التبادل التجاري في الثمانينيات، وبفضل استثماراتها الواسعة في السودان تحصل الصين على 60 في المئة من الإنتاج النفطي السوداني لتلبية احتياجاتها الداخلية من الطاقة، وهو الأمر الذي يصب أيضاً في مصلحة الحكومة في الخرطوم التي يمثل النفط 80 في المئة من مداخيلها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: جنوب أفريقيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©