مصطفى عبد العظيم (واشنطن)
يتصدر موضوع الرسوم الجمركية التي فرضتها الحكومة الأميركية على وارداتها من الصلب والألمنيوم، المباحثات التي يجريها اليوم معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد، مع ويلبور روس، وزير التجارة الأميركي، على هامش أعمال قمة «اختر أميركا للاستثمار 2019»، بحيث يتم استثناء صادرات الدولة من هذه الرسوم.
وقال معالي سلطان المنصوري لـ«الاتحاد»، خلال رئاسته وفد دولة الإمارات المشارك في القمة، إن موضوع الرسوم على الألمنيوم يشكل أحد المواضيع المهمة التي سيتم تناولها خلال الاجتماع، وصولاً إلى اتفاق من شأنه استثناء الصادرات الإماراتية من هذه الرسوم.
وفرضت الولايات مايو 2018 رسوماً نسبتها 25% على واردات الصلب و10% على واردات الألومنيوم.
وحسب تقرير للمصرف المركزي، شكلت صادرات الحديد والصلب حوالي 2.2% من إجمالي الصادرات غير النفطية للدولة عام 2017، بينما مثلت صادرات الألمنيوم نحو 13.9% من إجمالي الصادرات غير النفطية للدولة، مشيراً إلى أن الإمارات واحدة من الموردين الرئيسين للألمنيوم للسوق الأميركي حيث تمثل 6.5% بقيمة 1.5 مليار دولار من إجمالي واردات الولايات المتحدة من الألمنيوم لعام 2017.
وشهد معاليه، أمس، جلسات القمة والتي انطلقت في انطلقت بالعاصمة واشنطن، بمشاركة دولية واسعة ونخبة من صناع القرار ورؤساء ومسؤولي حكومات ومستثمرين ورجال أعمال من مختلف دول العالم.
الاستثمارات الإماراتية
وحسب الإحصائيات، تتصدر الاستثمارات الإماراتية في أميركا المرتبة الأولى عربياً، من ناحية الحجم واستحواذها على نحو 35% من إجمالي الاستثمارات العربية في الولايات المتحدة، بإجمالي استثمارات تقدر بحوالي 17.6 مليار درهم (4.8 مليار دولار) برصيد تراكمي يصل إلى 100 مليار درهم (27 مليار دولار).
وتضاعف حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، خلال السنوات العشر الماضية، ليصل مع نهاية عام 2018 إلى نحو 99 مليار درهم (24.5 مليار دولار) مقارنةً مع 47 مليار درهم (13 مليار دولار) في عام 2009، فيما دعمت التجارة بين البلدين لنحو 157 ألف وظيفة في السوق الأميركي.
ووفقاً لبيان مركز الإحصاء، التابع لوزارة التجارة الأميركية، ارتفعت الصادرات الإماراتية إلى الولايات المتحدة، خلال عام 2018، إلى 18.37 مليار درهم (5 مليارات دولار)، مقارنةً مع 15.86 مليار درهم (4.3 مليار دولار) عام 2017، وبنمو 19%، في الوقت الذي حافظت فيه الدولة، وللعام العاشر على التوالي، على موقعها كأكبر سوق للصادرات الأميركية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأكد المنصوري أهمية «اختر أميركا للاستثمار» للشركات الإماراتية المستثمرة في الخارج، لافتاً إلى أن المشاركة الثانية على التوالي لوفد الدولة في القمة، تهدف بشكل رئيسي للاطلاع على الفرص الاستثمارية في الولايات المتحدة، خاصةً في القطاعات التي تتمتع فيها الشركات الإماراتية بخبرات وقدرات عالية.
وأوضح معاليه أن المشاركة الكبيرة من قبل المؤسسات والشركات الاستثمارية والقطاع الخاص في دولة الإمارات، ضمن وفد الدولة هذا العام، تعكس الآفاق الواعدة لاستثمارات الشركات الإماراتية في أميركا التي تأتي في صدارة الأسواق العالمية الأكثر استقطاباً للاستثمارات الأجنبية المباشرة وأكبر اقتصادات العالم.
ولفت إلى أن القدرات التي تتمتع بها الشركات الاستثمارية الإماراتية، وسمعتها العالمية الواسعة، تعززان من حضورها في كافة الأسواق العالمية وفي مقدمتها السوق الأميركي الذي يتمتع بآفاق واعدة للشركات الاستثمارية الإماراتية الراغبة في التوسع والانتشار عالمياً.
لقاء عمل
وعلى هامش أعمال القمة، عقد معالي وزير الاقتصاد، اجتماعاً ثنائياً مع لاري هوجان حاكم ولاية ماريلاند، بحضور عبد الله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، وسعود النويس الملحق التجاري بسفارة الإمارات لدى الولايات المتحدة، وتوماس برونز المستشار الإقليمي للشؤون التجارية بمنطقة الخليج في سفارة الولايات المتحدة الأميركية لدى دولة الإمارات.
وأكد معاليه خلال اللقاء قوة العلاقة الاستراتيجية، التي تربط دولة الإمارات والولايات المتحدة في جميع المجالات، خاصةً الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، مشيراً إلى وجود فرص أكبر لتعزيز الشراكة التجارية بين البلدين من خلال الاستفادة من المقومات الفريدة التي تتمتع بها دولة الإمارات، كمحور تجاري مهم لتصدير وإعادة تصدير المنتجات الأميركية إلى العديد من الأسواق في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وامتلاكها شبكة عالمية من الموانئ والمطارات تسهل انتقال البضائع والسلع إلى الأسواق، فضلاً عما توفره من مناخ أعمال يعد بين الأفضل عالمياً بشهادة البنك الدولي، الذي صنف دولة الإمارات في المرتبة 11 عالمياً في سهولة ممارسة الأعمال، فضلاً عن تمتعها بعلاقات تجارية ممتازة مبنية على الثقة مع الشركاء التجاريين حول العالم.
وبحث معاليه، خلال الاجتماع، آفاق التعاون الاستثماري والتجاري بين دولة الإمارات وولاية ميرلاند التي تتمتع بأداء اقتصادي قوي وتتميز بارتفاع نصيب الفرد فيها من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً ببقية الولايات الأميركية، وتمتلك خبرات كبيرة في مجال الأمن السيبراني والتكنولوجيا والصناعات المتقدمة.
ولفت إلى وجود مجالات أخرى عديدة يمكن التعاون فيها مع ولاية ميرلاند خاصةً في مجال الابتكار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والبنية التحتية.
وأوضح معاليه أن ولاية ميرلاند لديها مشروع طموح لتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية والنقل خلال السنوات المقبلة، الأمر الذي يوفر فرصاً عديدة أمام الشركات الإماراتية للاستثمار في هذه المشاريع، خاصةً أن الولاية تعد أكبر خطة لإشراك القطاع الخاص في عملية التطوير والتنمية.
من جانبه، أشاد لاري هوجان، حاكم ولاية ميرلاند، بالإنجازات الكبيرة التي حققتها دولة الإمارات في السنوات الأخيرة والتي باتت مقصداً مهماً للشركات الاستثمارية العالمية، وأيضاً وجهة عالمية لتصدير الاستثمارات، مرحباً بالشركات الإماراتية التي تتطلع للاستثمار في الولاية.
الفرص الاستثمارية
وعرض الفرص الاستثمارية التي تتطلع الولاية لاستقطاب الاستثمارات إليها، والمجالات الرئيسة التي يرتكز عليها اقتصاد الولاية في تحفيز النمو، والتي يتصدرها قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأمن السيبراني وعلوم الحياة، وكذلك الصناعات المتقدمة.
وتشير البيانات إلى قيام الشركات الأميركية في ولاية ميرلاند بتصدير سلع بقيمة تزيد على 422 مليون درهم (115 مليون دولار) إلى دولة الإمارات، خلال عام 2017، شملت منتجات إلكترونية وأجهزة الكمبيوتر والصناعات الغذائية والكمياويات والمعادن الأولية، مما أسهم في دعم هذه الصادرات لأكثر من 684 وظيفة في الولاية.
أكبر وفد
من جهته، قال عبدالله آل صالح: إن وفد الإمارات المشارك في القمة هذا العام يعد أكبر وفد مشارك من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويأتي ضمن أكبر 12 وفداً مشاركاً من الدول الأخرى، التي تصدرتها تايوان وكوريا الجنوبية والهند والصين واليابان.
ونوه آل صالح بتنوع حجم ومجالات الشركات الاستثمارية المشاركة ضمن الوفد هذا العام، بما يجسد قوة الشركات الإماراتية وتطلعاتها لتوسيع استثماراتها في الخارج، حيث يضم الوفد ممثلين عن القطاع الحكومي وشبه الحكومي والخاص والصناديق الاستثمارية والشركات العائلية، مثل جهاز أبوظبي للاستثمار ومبادلة ومصدر ومجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج وغرفة تجارة وصناعة عجمان وجلفتنر وهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير«شروق» ومجموعة شرف وشركة كلاينتي وايه كيه الدولية وكروس للاستثمار تاسك للتعهيد وبن طوق للسلامة ومكافحة الحرائق، وغيرها من الشركات وممثلي المجموعات الاستثمارية العائلية والخاصة.
وأكد آل صالح الأهمية التي تكتسبها القمة، حيث توفر لرجال الأعمال قنوات واسعة للتواصل مع المعنيين بالاستثمار في الأسواق الأميركية، لاسيما مع تجاوز عدد الحضور هذا العام حاجز 3 آلاف مشارك، من نحو 70 دولة و50 ولاية، وهو ما يجعلها المنصة الأكبر التي تجمع المعنيين بالاستثمار في السوق الأميركي، لمناقشة الشراكات وفرص الأعمال والمشاريع الاستثمارية الجاري تنفيذها والتسهيلات والحوافز أمام المستثمرين بالولايات الأميركية.
وحضر أعمال القمة معالي يوسف مانع العتيبة سفير الدولة لدى الولايات المتحدة وجمال الجروان الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج وممثلي أكثر من 30 جهة حكومية، خاصة في الدولة.
توماس برونز: 158 مليار درهم الاستثمارات المشتركة
قال توماس برونز المدير الإقليمي للشؤون التجارية لمنطقة الخليج في سفارة الولايات المتحدة الأميركية بأبوظبي، إن مشاركة دولة الإمارات في قمة «اختر أميركا للاستثمار2019» بوفد هو الأكبر على مستوى الشرق الأوسط يعكس عمق العلاقات القوية التي تربط بين البلدين، لافتاً إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر يشكل ركيزة أساسية في هذه العلاقات.
وأوضح برونز خلال ترحيبه بوفد دولة الإمارات المشارك في القمة، أن الاستثمارات المشتركة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة تزيد على 43 مليار دولار (157.8 مليار درهم)، منوهاً بدور هذه الاستثمارات في توفير الوظائف الجديدة في كلا البلدين، فضلاً عن تعزيز التجارة ودعم جهود التنويع الاقتصادي في العديد من القطاعات كالخدمات المالية والنقل والمنتجات الاستهلاكية والاتصالات وخدمات تكنولوجيا المعلومات.
وأفاد برونز بأن الولايات المتحدة الأميركية تصدرت للعام الثامن على التوالي مؤشر ايه تي كيرني للثقة بالاستثمار الأجنبي المباشر الذي يقيس ثقة الرؤساء التنفيذيين في الأسواق العالمية، لافتاً إلى أن المشاركة الكبيرة في القمة تعكس النجاح والمكانة الكبيرة التي تتمتع بها الولايات المتحدة كوجهة رئيسية للشركات الاستثمارية بمختلف أحجامها، لافتاً إلى أن مشاركة وفد الإمارات في القمة تسهل من إجراء لقاءات مباشرة لأعضاء الوفد من المستثمرين مع المسؤولين وممثلي الشركات وجمعيات الأعمال والهيئات الاقتصادية في الولايات المتحدة في مكان واحد، فضلاً عن التعرف من كبار المسؤولين التنفيذيين في الحكومة الأميركية وقادة الصناعة على آفاق الاستثمار في الولايات المتحدة والأوضاع الراهنة في السوق.