9 ابريل 2012
هناء الحمادي (أبوظبي) - أكدت المستشارة التربوية الدكتورة نجوى الحوسني، الأستاذة بكلية التربية في جامعة الإمارات أن التعامل مع الناس فن من أهم الفنون، نظراً لاختلاف طباعهم، وأنه ليس من السهل أبداً أن نحوز احترام وتقدير الآخرين، وفي المقابل من السهل جداً أن نخسر كل ذلك، وكما يقال الهدم دائما أسهل من البناء، فإن استطعت توفير بناء جيد من حسن التعامل، فإن هذا سيسعدك أنت في المقام الأول، لأنك ستشع بحب الناس لك وحرصهم على مخالطتك، ويسعد من تخالط ويشعرهم بمتعة التعامل معك.
وقالت إن الكثير من البشر قد لا يتقن التعامل مع الآخرين باعتباره فناً راقياً، ومهارة لا يجيدها كثير من الناس، فربما كلمة طائشة تخرج من الفم تفسد صفاء العلاقة بين شخصين متحابين، وربما يصل الحال إلى أكثر من ذلك بكثير، وبإتقان فن التعامل مع الآخرين يجنب المشاكل، وقد يكون من الذكاء والثراء والأفكار ما يجعل الشخص في مكانة مرموقة، ولكن ما قيمة كل ذلك إذا لم نتمكن من إتقان هذا الفن. وأشارت الدكتورة نجوى الحوسني إلى أن هناك قواعد ثابتة ومشتركة للتعامل مع الآخرين بين كل شعوب العالم، تنطلق من فطرة الإنسان وغريزته الاجتماعية، والتعامل بالطبع يتغير باختلاف الأفهام والعقول.
وأضافت: الرجل الذكي الواعي تختلف طريقة تعامله عن الشخص الآخر محدود العقل والفهم والعلم، والحديث معه يكون مناسباً لطبيعة وقدرته على الفهم .كما كما يختلف أسلوب التعامل أيضا باختلاف الشخصية، موضحة أن طريقة التعامل مع شخص شكاك وحساس تختلف عنها مع شخص سوي، فالطريقة هنا تختلف باختلاف الشخصيات والصفات التي تكون بارزة فيهم.
مهارات التعامل
وقالت إن التعامل مع الناس مهارات عديدة قد يجيدها البعض ويتمكن منها، وقد يجهلها البعض الآخر، مضيفة: التعامل الراقي يفرض على الإنسان طرق وأساليب معينة ليحظى بالقبول والمحبة، مشيرة إلى أنه من أهم هذه المهارات بشاشة الوجه والتبسم عند اللقاء والمصافحة والتودد والتلطف، فالناس يحبون الوجه المبتسم الودود، ويميلون للحديث مع الإنسان المسرور الفرح، كما مناداة الناس بأسمائهم وترديدها في الحديث من المهارات الجميلة التي تؤثر في المستمع، وتشعره بالقرب من المتحدث. ودعت إلى المحاولة بقدر المستطاع تذكر أسماء من يمرون في محطات حياتك وإن نسيت، حالك حال الكثير، فلا مانع من أن تطلب ممن يحدثك تذكيرك باسمه بقولك«المعذرة»، هلا ذكرتني باسمك الكريم.
وأشارت الدكتورة نجوى الحوسني إلى أنه من المهارات التي يجب التركيز عليها مهارة الاعتراف بالأخطاء الشخصية وعدم تصيد أخطاء الآخرين، وهي لا تتوافر في الكثيرين، فمن الفطنة والذكاء أن يبحث الإنسان عن إيجابيات من يتعامل معهم، فهذا أخير وأقوم من الدخول في صراع البحث عن السلبيات، والاعتراف بالخطأ من شأنه أن يرفع من قدر الشخص، ويزيد من احترام الآخرين له.
حسن التعامل
وأكدت الحوسني الأستاذة بكلية التربية في جامعة الإمارات أن أهم الدوافع التي تحرك الإنسان المسلم إلى حسن التعامل مع الآخرين هو الدين الإسلامي، دين الأخلاق والتسامح والرحمة، وقد أثاب الله المحسنين إلى الناس من عباده، وخصص لهم الأجر العظيم في الدنيا والآخرة، ولنا في رسولنا العظيم، صلى الله عليه وسلم، خير قدوة وأعظم مثال على أرقى الأخلاق، موضحة أن الذي يقتدي في الرسول وطريقة تعامله مع الناس يجد الخير الكثير. كما أوضحت أنه كان صلوات الله وسلامه عليه، من أكثر الناس تواضعاً، يرعى الجميع ويقضي حوائجهم، وكان حسن الوجه بشوشاً، رحيماً ودوداً، وكان الصادق الأمين في تعامله مع المادة ومع البشر.
وذكرت أنه من الدوافع التي تحرك الإنسان إلى حسن التعامل مع الآخرين الأعراف والعادات والتقاليد التي نشأ وتربى عليها، فعادات الإنسان العربي تقوم أساسا على الاحترام وإكرام الضيف وإغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج، وتعتبر هذه الأخلاقيات والقيم العمود الفقري الذي قامت عليه الحضارة العربية والإسلامية، مبينة أنه حديثا ووفقا للمعطيات والمتغيرات العصرية التي يعيشها الفرد، فرضت المدنية على الإنسان حسن التعامل مع الآخرين، حيث أصبح هذا الأمر علما من العلوم التي تدرس في الجامعات والمعاهد لما له من أهمية تعود بالنفع على الإنسان ماديا ومعنويا.
وقالت الدكتورة نجوى الحوسني إن خدمة العملاء مثلا من التخصصات التي يقبل على تعلمها الكثير من الموظفين قبل الالتحاق بوظيفة ما، وهذا خير دليل على أن التعامل مع الناس أصبح فناً ومهارة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها في سبيل التطور والازدهار.
أساليب التعامل
وأشارت الحوسني إلى كثرة الأساليب التي يجب على الإنسان إتقانها في سبيل التعامل مع الناس، رغم أنها ثلاث كلمات بسيطة ولكن عميقة في معانيها وهي (التفهم- التقبل- التقدير)، ففي البداية وقبل التعامل مع الآخرين، يحبذ أن يتعرف الإنسان على شخصيته هو، من يكون ؟ وماذا يريد؟ وما أهدافه في الحياة؟ ما يفرحه ؟ وما يبكيه؟ وتتابع الحوسني: فعندما يفهم شخصيته يسهل عليه تفهم الآخرين وتفهم شخصياتهم المتعددة، وهذا التفهم سيقوده إلى تقبل الآخر كما هو، فالاختلاف في الشخصيات فيه جمال كثير ومنفعة عظيمة، حيث إن الاختلاف يؤدي بالإنسان إلى التمييز بين الأمور لاستخلاص العبر، وهذه مهارة عقلية لا تؤتى لجميع الناس.
واختتمت الدكتورة نجوى الحوسني بقولها: بعد التفهم والتقبل يأتي التقدير، تقدير الذات، وتقدير ذوات الآخرين، فعندما يقدر الإنسان نفسه يفوز بتقدير الآخرين وإكرامهم لشخصه وإجلالهم لمكانته، وبالتالي ينعكس ذلك على التعامل بين الناس وتشيع بينهم روح الإخاء والتراحم والانسجام.
البعد عن التشهير
أوضحت المستشارة التربوية الدكتورة نجوى الحوسني الأستاذة بكلية التربية في جامعة الإمارات أنه من المهارات الأخرى التي تحتاج تدريبا دقيقا هي نصح الناس بأسلوب بعيد عن التشهير، فالله خلق الإنسان وفطره على حب الستر وإخفاء العيوب، لذلك تعتبر النصيحة العلنية من الأمور البغيضة التي يحاول كل إنسان الابتعاد عنها وعن قائلها.