محمد الأمين (أبوظبي)
أكد محامون ورواد تواصل اجتماعي، أن نظام المراقبة الإلكترونية؛ يشكل نقلة نوعية ونموذجاً حياً في الحفاظ على كرامة الإنسان وحقوقه، ويخفف من ازدحام السجون، وانتقال الأمراض بين السجناء ويزيح عن كاهل المجتمع والدولة الأعباء المالية، التي تصرف على السجناء.
وأشادوا بقرار القيادة العامة لشرطة أبوظبي بتطبيق السوار الإلكتروني بديلاً عن الحبس في إطار جهودها باعتماد أفضل الوسائل العالمية التي تعزز من الارتقاء بخدماتها.
أقل تكلفة
وقال العميد أحمد مسعود المزروعي، مدير إدارة المتابعة الشرطية والرعاية اللاحقة بقطاع أمن المجتمع بشرطة أبوظبي، إن الطاقة الاستيعابية لنظام المراقبة الإلكترونية، ضخمة جداً، حيث نستهدف 500 شخص خلال العام الحالي، مشيراً إلى أن أعداد المستفيدين من الميزة تعتمد على تقدير القاضي وعلى الحالة الجنائية لكل محكوم أو مخالف.
وأوضح أن تنفيذ العقوبة بالسوار الإلكتروني؛ يمنح نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية الفرصة في الحصول على ساعات استئذان للحالات الإنسانية؛ مثل زيارة الأهل في الأعراس والمناسبات الخاصة، وفي أداء واجب التعازي، بحيث يتم تحديد موقع النزيل لساعات محددة، بالنسبة للمحكومين أصحاب السلوك الإيجابي، وإذا كان الشخص ملتزماً بحسن السيرة والسلوك يمكن في المستقبل منحه ساعات معينة يتم الإفراج فيها عنه مؤقتاً بضمان السوار الإلكتروني.
وأشار إلى أن التقديرات الأولية تشير إلى أن تكلفة مراقبة المحكوم عليهم بالسوار الإلكتروني أقل من تكلفة إدارة النزلاء بنسبة 80%، وبين أن قضاء العقوبة بالسوار الإلكتروني تتيح عدة مزايا وخيارات إيجابية في تحفيز السلوك الإيجابي للمخالفين من الناحية النفسية، حيث يتم برمجة السوار الإلكتروني على المحكوم عليه لممارسة أعمال معينة ومنع أخرى، وعلى سبيل المثال يتم حجز الشخص في المنزل في فترات الليل من الساعة الخامسة مساء إلى السابعة صباحاً، كما يتيح السوار الإلكتروني للمحكوم ممارسة أعمال معينة، فإذا كانت له وظيفة فإنه يسمح له بممارستها؛ وإذا كان لديه أطفال يحتاج إلى مراجعتهم في المدارس، وأيضاً الصلاة في المسجد.
تشجيع السلوك الإيجابي
من جهته قال المقدم سيف الواحدي، رئيس قسم المتابعة الشرطية، إن تقنية السوار الإلكتروني تشجع أيضاً وتحفز الانضباط فكلما كان النزيل منضبطاً في القواعد كلما تم منحه فرصاً وأوقات سماح تدريجية، وهذا التعامل التدريجي مع المخالف يشجع السلوك الإيجابي لديه، ويبعده عن أي فرصة يعود فيها إلى السلوك الإجرامي.
وأوضح أن الإدارة المعنية بالمراقبة لابد أن تكون منتبهة لأي مخالفات من الشخص، وفي حالة وجود مخالفات يتم تطبيق إنذارات أول مرة، في حال تكرار وتعمد المخالفات يتم إحالة الشخص للنيابة العامة، ويتم تطبيق العقوبة الموجودة، التي تصل إلى سنتين سجن وغرامة تصل إلى 30 ألف درهم.
وأكد الواحدي، أن السوار الإلكتروني يتيح للأسرة عدة مزايا فالمخالف الذي ارتكب الجريمة، ينفذ العقوبة خارج السجن وأثناء تواجده في المجتمع، فلا تنقطع الأسرة عن المعيل، ولا عن إشراف وإدارة الأب أو إشراف وإدارة الأم إذا هي المحكومة، كما أن الأطفال يجدون الوالدين متواجدين حولهم أثناء تنفيذ العقوبة، وهذا له أثر كبير في تحسين سلوك الآباء تجاه الأسرة.
أما من الناحية الاقتصادية، فإن السوار الإلكتروني ممتاز للأسرة فالشخص المحكوم إذا كان موظفاً يسمح له بمزاولة وظيفته فالعائد المادي على الأسرة يستمر دون انقطاع، وإذا كان عاطلاً عن العمل يتم تشجيعه ومساعدته للبحث عن وظيفة ليعيش عليها.
وأضاف الواحدي، من ناحية الجدوى الاقتصادية للسوار الإلكتروني فتكلفة إدارة النزلاء بالمؤسسات العقابية والإصلاحية من خلال السوار الإلكتروني تعتبر مناسبة، فالخاضع للسوار لا يكلف سوى جهاز إلكتروني لتحديد المواقع، وتتم برمجة الجهاز في المواقع التي يتواجد فيها أو الممنوع عليه التواجد فيها، وبالنسبة لممارسة الحياة الشخصية كالإعاشة والعلاج والمواصلات، فإن الشخص يتحملها، فتعتبر وسيلة لخفض التكاليف، فتكلفة الشخص الخاضع للسوار الإلكتروني أقل بكثير من تكلفة تواجده في داخل المؤسسات العقابية والإصلاحية، وفي الوقت نفسه يتيح السوار الإلكتروني فرصة تخفيض نسبة الإشغال في المؤسسات العقابية والإصلاحية.
تخفيف الأعباء
من جهتهم قال محامون لـ«الاتحاد» إن نظام المراقبة الإلكترونية يشكل حماية للسجين وهو بين أهله، ويقيه من الاختلاط في السجن مع مجرمين آخرين قد يساهمون في تطور حالته نحو الأسوأ، كما يوفر أجواء إيجابية نفسياً واجتماعية بالنسبة للسجين تمتد آثارها إلى أسرته ومحيطه العائلي.
وأشاروا إلى أن التدبير أعطى للقاضي وللنيابة العامة الفرصة للتخفيف فاتسعت سلطتهم في الرأفة، بما يشكل نقلة حضارية وإنسانية لدولة الإمارات وتطوراً كبيراً في نظام التقاضي ومنظومة العقوبة.
وقال زايد سعيد سيف الشامسي، رئيس مجس إدارة جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، إن تطبيق السوار الإلكتروني بديلاً عن الحبس؛ لفتة راقية من منفذ العقوبة في الإمارات، إذ استبدل الحبس في مؤسسة إصلاحية بما هو أفضل منه في نظره؛ وهو قضاء المحكوم مدة محكوميته في بيته، بعيداً عن التأثيرات السلبية والضارة من المحكومين، وأن يتم إصلاحه في بيئته التي نشأ فيها وفق شروط اتفق معه عليها.
وأضاف: الغاية هي الإصلاح والردع الخاص والعام؛ وهو متحقق في تقييد حرية المحكوم عليه بالسوار الإلكتروني.
من جهته قال المحامي محمد الحضرمي، إن تطبيق هذا النظام جاء ضمن السياسات التشريعية التي أقرت حزمة من الإجراءات العقابية البديلة، واستحدثت وسائل جديدة؛ لها آثارها الكبيرة على الفرد الذي تحفظ كرامته وإنسانيته، وعلى المجتمع والدولة في تخفيف الأعباء.
وأشار إلى أن نظام المراقبة الإلكترونية يقي من اختلاط المتهم بمجرمين آخرين ممن قد يؤثرون عليه ويخفف الأعباء المالية على الشرطة والسجون.
وقال المحامي علي العبادي، إن القرار له آثار إيجابية كثيرة على المتهم، بل إن وهذه الآثار تمتد إلى أسرته ومحيطيه العائلي، مشيراً إلى أن الخطوة جهد من الدولة؛ مقدم للمتهم وفيه مصلحته، وهي تؤكد للمجتمع بأن المتهم يمكن إصلاحه، بين أهله وعائلته ودون أن يفقد مساندتهم أو يفقدوا مساندته.
علامة فارقة
أكد رواد التواصل الاجتماعي، أن تطبيق المراقبة الإلكترونية في قضاء محكوميات بعض السجناء، علامة فارقة في سجل الإمارات الإنساني، وحفظ آدمية الجميع. وقالت ندى حسن من قناة الظفرة، إن الخطوة لفتة جميلة جداً من شرطة أبوظبي بدمج المحكومين بالمجتمع من خلال هذه التقنية الحديثة، التي نرجو أن تكون أكثر تأثيراً وفاعلية بحكم محافظتها على الروابط الإنسانية والاجتماعية الطبيعة للمتهم، والتي قد تشكل رافعات حيوية ومهمة له من أجل الإقلاع عن أي فعل يجرمه القانون مستقبلاً.
وأشارت إلى أن مثل هذه العقوبة يمكن أن تكون نقطة تحول في حياته، مشيرة إلى أن المبادرة دليل على التطور التكنولوجي في دولتنا، ففي السابق نرى فقط مثل هذه المبادرات في الأفلام، ولم نتوقع تطبيقها على أرض الواقع.
من جهته قال صالح الهاشمي، إن الخطوة تأتي ضمن استمرار وتطور نهج دولتنا، حيث تم استحداث نظام الرقابة الإلكترونية من خلال السوار كإحدى الوسائل البديلة عن عقوبة السجن بالتنسيق بين القضاء في الدولة والشرطة، وهذا التوجه يعكس اتجاه الدولة في استكمال استبدال العقوبات التي تسلب الحرية بعقوبات داخل مجتمعهم لتلافي الآثار السلبية للمحكومين التي قد يسببها غيابهم عن أسرهم.