8 ابريل 2012
تستحوذ المخصصات مقابل القروض العقارية المتعثرة على نحو نصف ما جنبته البنوك العاملة في الدولة مقابل الديون المشكوك في تحصيلها، والبالغ رصيدها 55,3 مليار درهم بنهاية العام الماضي، بحسب مصرفيين.
وقال طراد محمود الرئيس التنفيذي لمصرف أبوظبي الإسلامي إن أكثر من نصف رصيد مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها لدى البنوك في الدولة هي مخصصات لقروض عقارية متعثرة أو معاد هيكلتها، موضحاً أن هذا يشمل القروض العقارية المباشرة أو غير المباشرة.
من جهته، قال محمد برو الرئيس التنفيذي لمصرف الهلال إن غالبية المخصصات التي جنبها القطاع المصرفي بالدولة لمواجهة القروض العقارية المتعثرة كانت للقروض العقارية ذات الطبيعة الاستثمارية، وليس للقروض التي قدمتها البنوك للأفراد المستخدمين النهائيين للعقار.
وأضاف “المستثمرون في القطاع خلال السنوات الماضية تعرضوا لمشكلة بسبب ارتفاع المعروض، الأمر الذي خفض الإيجارات وعوائد الاستثمار العقاري، وبالتالي أثر على مستوى الالتزام بسداد القروض العقارية.
وتضاعفت القيمة الإجمالية لمحفظة القروض برهن عقاري لدى القطاع المصرفي بالدولة بنحو 5,7 مرة منذ عام 2006، بحسب بيانات المصرف المركزي.
وتظهر البيانات أن البنوك ضاعفت قيمة القروض العقارية عام 2007 لتصل إلى 56,5 مليار درهم مقارنة بـ28,3 مليار درهم في عام 2006، ونمت 220% عام 2008 إلى 125,8 مليار درهم ثم 12,6% إلى 141,7 مليار درهم عام 2009 ونحو 15,7% لترتفع إلى 163,2 مليار درهم بنهاية عام 2010، قبل أن تسجل تراجعاً للمرة الأولى عام 2011 إلى 161,5 مليار درهم.
وقابل الزيادة في القروض العقارية ارتفاع في مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها لدى البنوك والتي نمت بنسبة 70% تقريبا خلال عامي 2010 و2011، لترتفع من 32,6 مليار درهم بنهاية 2009 إلى 55,3 مليار درهم بنهاية 2011.
وبعد أن قلصت البنوك نشاط التمويل العقاري بشكل حاد منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، لمس مصرفيون تحسناً في الطلب على القروض العقارية، واستجابة من بعض البنوك لمنح تسهيلات بالقطاع خلال الربع الأول من العام الحالي، مع استقرار الأسعار وانخفاض المخاطر.
وقال محمد نصر عابدين الرئيس التنفيذي لبنك الاتحاد الوطني “لاحظنا خلال الربع الأول زيادة في الاهتمام بطلب التمويل العقاري بشكل عام”.
إلى ذلك، أكد عبدالله العتيبة المدير العام لقطاع المجموعة المصرفية للشركات في بنك أبوظبي الوطني أن بعض التحسن في قطاع العقار خلال الربع الأول من العام الحالي، يساعد على التعديل في نسب تغطية المخصصات المطلوبة للديون المتعثرة في القطاع، لاسيما المخصصات التي تؤخذ بناء على انخفاض القيمة وإعادة التقييم.
وأشار العتيبة إلى أن بعض مناطق التطوير العقاري سجلت بوادر تحسن خلال الربع الأول من العام الحالي، وهناك مؤشرات على ارتفاع الطلب على التمويل العقاري، في بعض الأماكن.
لكنه أوضح أن ارتفاع العرض في الكثير من المناطق يشكل ضغطاً على إمكانية انتعاش سريع أو ارتفاع كبير للأسعار ومستويات العائد عموماً. وقال العتيبة إن البنوك التي توسعت في الإقراض العقاري خلال السنوات الماضية، وتجاوزت المعايير التي يفرضها المصرف المركزي، اضطرت لاحقاً لتجنيب مخصصات كبيرة.
وأشار إلى أن البنوك التي كانت متحفظة في منح التمويل العقاري، من حيث نسبة التمويل إلى قيمة العقار، ومن حيث نسبة القروض العقارية إلى قيمة محفظة الودائع لدى البنك، هي اليوم في وضع أفضل وتملك هامشاً أوسع للتحرك في هذا القطاع.
وكانت بنوك رفعت منسوب الحذر في جميع أصناف التمويلات، وتحديداً العقارية، تحاشياً للمخاطر التي ترتبت على انخفاض قيمة العقارات منذ عام 2008.
كما أن عدداً من البنوك توقفت عن منح تمويلات عقارية استجابة لمعايير المصرف المركزي، التي حددت حصة التمويل العقاري بما لا يتجاوز 20% من الودائع لتخفيف التركز الائتماني.
بيد أن طراد محمود يتوقع أن تستمر البنوك خلال العام الحالي بتجنيب المخصصات بمعدلات قريبة من عام 2011.
وقال “لا أعتقد أن البنوك وصلت إلى مستوى المخصصات الكافي حتى الآن لمواجهة الانخفاض في قطاع العقار وفقا لمتطلبات معايير المصرف المركزي”.
كما أن الكثير من البنوك تجاوزت السقف المسموح به لتمويل العقار من قبل المصرف المركزي البالغ 20% من محفظة الودائع، ولا يوجد لديها هامش حالياً لتقديم قروض عقارية جديدة.
وقال محمود “تمويل العقار حالياً أمر في غاية الصعوبة”.
ويفرض المصرف المركزي على البنوك تجنيب 30% من قيمة العقار المعاد تقييمه في حال تعثر المقترض، كمخصصات إضافية، إلى جانب مخصصات تعادل الفرق بين قيمة القرض وقيمة العقار الجديدة في حال كانت نتيجة التقييم أقل من قيمة التمويل.
وانخفضت حصة التمويل العقاري من إجمالي محفظة القروض المصرفية بالدولة إلى 16,2% بنهاية 2011 مقارنة مع 16,8% بنهاية العام السابق، ما أدى إلى تحسن طفيف في الهامش المتوفر للإقراض حيث بلغت حصة التمويل العقاري 15,1% من إجمالي محفظة الودائع المصرفية بالدولة مقارنة بـ15,44% بنهاية 2010.
ويرى مصرفيون أن بعض البنوك تحتاج إلى عدة سنوات لتوفيق أوضاعها بما ينسجم مع المعايير المقررة من المصرف المركزي.
وأوضح عابدين أن البنوك التي تجاوزت تمويلاتها العقارية نسبة الـ 20% من محفظة القروض عليها أن توفق أوضاعها والعودة إلى السقف المسموح به، ولكن بعضها قد يحتاج إلى فترة طويلة.
وقال عابدين “هذا القطاع شكل عبئاً على الأعمال والنشاط الاقتصادي عموماً، لأن عملية تدوير النقد بدأت تأخذ فترة أطول”.
المصدر: أبوظبي