السبت 2 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عملية إصلاح البنوك الجزائرية تراوح مكانها والخصخصة آخر الحلول

22 أكتوبر 2005

الجزائر- حسين محمد:
دخل إصلاح القطاع المصرفي في الجزائر مرحلة جديدة مع إعلان الحكومة استعدادها لخصخصة ثلاثة من البنوك الستة المملوكة للدولة والتي تمثل 93 بالمائة من السوق المالية، وهو ما يأتي بعد تأخر دام أكثر من عقد ونصف من الزمن وكلف الدولة مبالغ طائلة بلغت 30 مليار دولار من جراء عمليات التطهير المتكررة للقطاع المصرفي على مدى الأعوام الـ 15 الماضية·
وسارعت الحكومة إلى تنفيذ عدة قرارات وصفت بالمهمة وتتعلق بملف الإصلاحات البنكية والمالية المزمع تنفيذها حيث تقرر تنصيب وكالة مركزية لـ 'لإخطار والمراقبة ' على مستوى البنوك قبل نهاية العام الجاري بعد تأخر دام 13 سنة، وهو ما سيمكن البنوك الجزائرية من تسيير القروض بطريقة شفافة وسيمنع تكرار سيناريو مجموعة الخليفة الذي سبب خسائر للدولة تجاوزت الـ 1,2 مليار دولار، منها 800 مليون دولار تحملها بنك الجزائر وحده بحسب تقرير رسمي·
وستمكن هذه الوكالة من التبادل السريع للمعلومات وهو ما سيسهل تنظيم عمليات منح القرض والاقتراض في السوق النقدية والمصرفية المشتركة بالإضافة إلى تعزيز دور المراقبة الداخلية للبنوك وتكثيف نسب الحذر وتعزيز رساميل البنوك العمومية·
ويوجد في الجزائر ستة بنوك عامة مملوكة للدولة بنسبة 100 بالمائة من خلال وزارة المالية، وهي البنك الوطني الجزائري وبنك الجزائر الخارجي وبنك الفلاحة والتنمية الريفية والقرض الشعبي الجزائري وبنك التنمية المحلية، وهي في مجملها بنوك صغيرة الحجم بالمقارنة مع المؤسسات المالية المتواجدة في منطقة المتوسط أو بالمقارنة مع بنوك منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط·
ويعد بنك الجزائر الخارجي والبنك الوطني الجزائري اللذان تمكنا من مضاعفة ارباحهما عام 2004 مقارنة بالعام السابق، من بين أحسن عشرة بنوك في أفريقيا بحصيلة سنوية صافية بلغت 145 مليون دولار، وأشار العديد من الخبراء إلى أن المرحلة الثانية من إصلاح القطاع التي شرع في تنفيذها نظريا منذ 1999 لم تعرف انطلاقتها الحقيقية سوى مع نهاية 2004 بعد تعيين حكومة جديدة ويقول هؤلاء أن قانون النقد والقرض السابق الصادر سنة 1990 أدى إلى خلط أوراق اللعبة بترخيص إنشاء البنوك الخاصة· وتعد البنوك الخاصة التي تنشط حاليا بالجزائر إثر إنهيار بنك 'الخليفة' و'البنك الصناعي والتجاري الجزائري' و'يونين بنك' بعد سنوات محدودة من النشاط، بنوكا أجنبية في مجملها أو ذات رأسمال مختلط لا تتعدى نسبة مساهمة رأس المال الوطني فيه نســـبا محدودة لا تتجاوز 10 بالمائة·
وقال الخبير في الشؤون المصرفية البروفيسور الهاشمي صياغ مدير دار الإستشارة 'ستراتيجيكا' إن كلفة العمليات التطهيرية للبنوك قدرت بـ 30 مليار دولار بسبب لجوء البنوك الجزائرية إلى شراء ديون المؤسسات العمومية بصفة دورية، لأسباب سياسية تتمثل في الكثير من الأحيان في التغطية على الإفلاس الأكيد للعشرات من مؤسسات القطاع العام في حال طبقت عليها قواعد القانون التجاري·
وأضاف المتحدث أن الهدف الأساسي من الإصلاح البنكي هو تحديث تسيير الصفقات العمومية حيث مولت البنوك العمومية الستة 93 بالمائة من القروض لصالح الاقتصاد سنة 2004 بقيمة قدرت بـ 20,5 مليار دولار ما يعادل 1535 مليار دج ولكنه ألح على أن تسيير الصفقات العمومية في الجزائر لا يتسم دائما بالشفافية المطلوبة·
وتحقق البنوك الخاصة التي تنشط في الساحة المالية بالجزائر، وعددها 14 بنكا، 7 بالمائة من حجم النشاط البنكي وهذه البنوك هي 'سوسيتي جنرال الجزائر' فرع سوسيتي جنرال الفرنسي و'ناتكسيس' و'بي أن بي باريبا' الفرنسي كذلك و'بنك البركة الجزائر' وهو البنك المملوك مناصفة بين مجموعة البركة السعودية بنسبة 50 بالمائة من رأس المال وبنك الفلاحة والتنمية الريفية المملوك للدولة بنسبة 50 بالمائة من رأس المال، و'آي بي سي' و'اس جي سي إي' و'البنك الجزائري الدولي' و'بنك الريان' القطري و'البنك المتوسطي العام' 'سوفينان' و'سيتي بنك' الإميركي و'البنك العربي' الأردني ، 'تراست بنك' و'آركوبنك'، وهي بنوك تسيطر بصفة شبه مطلقة على عمليات القطاع الخاص في الجزائر بعد إصدار رئيس الحكومة الجزائري الحالي أحمد أويحيي قبل سنة تعليمة يمنع بموجبها مؤسسات القطاع الحكومي من التعامل مع البنوك الخاصة·
وكان قرار رئيس الحكومة الذي لقي معارضة شديدة، وراء تراجع رقعة نشاط القطاع البنكي الخاص في مجال عمليات الاقتصاد الكبرى، لكنه في المقابل شجع بنوك القطاع الخاص على طرح منتجات بنكية حديثة في السوق لصالح الجزائريين ومنها قروض الاستهلاك وقروض شراء السيارات وبعض القروض العقارية وحتى قروض الدراسات العليا وهي منتجات لم يكن يسمع بها المواطن الجزائري بسبب الطبيعة المعقدة لعمل البنوك العمومية وبيروقراطيتها·
وقال الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية الجزائرية لتنمية اقتصاد السوق الدكتور عبد الرحمن مبتول أن كل الدراسات والتحاليل الاقتصادية العلمية والميدانية التي قام بها خلصت إلى نفس النتيجة وهي ضرورة الإسراع بتنفيذ الإصلاحات وإنهاء حالة الجمود التي دامت 15 سنة كاملة وكلفت حصيلة ثقيلة جدا بلغت منذ سنة 1991 إلى اليوم 30 مليار دولار في سبيل تطهير البنوك العمومية لنصل اليوم إلى نتيجة معاكسة مفادها أن القطاع البنكي الجزائري يعيش وضعية سيئة للغاية·
وأضاف الدكتور مبتول الذي يعد واحدا من أبرز المطلعين على القطاع أن هذه الأموال لو تم توظيفها في قطاعات ديناميكية لكانت النتيجة هي إنشاء أكثر من مليون منصب عمل مباشر، قبل أن يضيف 'لا يمكن مواصلة السير بهذه الكيفية الانتحارية والتضحية بأجيال المستقبل في الوقت الذي يصل فيه عدد الوافدين إلى سوق العمل سنويا أكثر من 500 ألف' ، ودعا إلى وجوب توحيد الخطابات السياسية والاقتصادية على أعلى مستوى حتى لا تسود الفوضى وتضارب الخطابات وهي واحدة من الأسباب المنفرة للاستثمار الأجنبي لاسيما في القطاعات الإنتاجية خارج المحروقات·
وفي نفس السياق، أكد خبراء اقتصاديون ومتتبعون عديدون أن سبب تأخر إصلاح المنظومة البنكية في الجزائر يعود إلى ' المقاومة' الخفية والشرسة التي أبدتها 'جماعات المصالح' وبارونات الاستيراد ومسؤولون متنفذون تعودوا على الحصول على قروض ضخمة من البنوك العمومية دون حساب أو ضمانات وأن الكثير من هذه القروض لم تستعد مما سبب خسائر فادحة للبنوك العمومية التي شبهت ب'البقرة الحلوب'· وقد أبدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة غضبه الشديد من تأخر إصلاح المنظومة البنكية وانتقد وزير المالية السابق عبد اللطيف بن أشنهو في خطاب ألقاه منذ أشهر وقال فيه:'منذ سنوات ونحن نسمع بإصلاح البنوك ولكن شيئا لم يتحقق' مما دفع الوزير إلى الاستقالة، بينما قرر الرئيس بوتفليقة فتح رأس مال البنوك العمومية للخواص الجزائريين والأجانب كحل مثالي لفرض الشفافية في تسييرها وإنهاء 'المقاومة' التي تبديها جماعات المصالح للإبقاء على مصدر ممتاز للريوع·
وتقول الوزارة المنتدبة المكلفة بالإصلاح المالي التي تدوال عليها منذ سنة 2000 ثلاثة وزراء منتدبون، إنها لم تدخر أي جهد لتسجيل تقدم في المجال على مدار الأعوام الأخيرة، وهي التصريحات التي يعترض عليها كبار الخبراء الماليين في الساحة مؤكدين أنها مجرد 'خطابات نوايا' بدليل أن جهود الإصلاح الحقيقية لم تر النور إلا بعد يناير 2004 أي مباشرة عقب الهزة العنيفة والفضيحة غير المسبوقة في تاريخ الاقتصاد الجزائري منذ استقلال البلاد عام 1962 والمتمثلة في انهيار بنك 'الخليفة' الخاص الذي سبب خسائر قال وزير المالية الجزائري السابق الدكتور عبد اللطيف بن أشنهو إنها فاقت 1,2 مليار دولار·
وقررت الحكومة اللجوء إلى خصخصة ثلاثة بنوك عمومية عبر التنازل عن 51 بالمئة من رأس مالها وهو الأمر الذي كان من المستحيلات قبل سنوات قليلة، وتعتبر الحكومة إعلان خصخصة القرض الشعبي الجزائري قبل نهاية 2006 خطوة إلى الأمام إلا أن رئيس البعثة الاقتصادية الفرنسية بالجزائر السيد بيار مورليفا ذهب في اتجاه مخالف بالتأكيد على أنه 'بالرغم من وجود نوع من النوايا إلا أن السبات لا يزال سيد الموقف معترفا بوجود مايوصف بالحد الأدنى من التحديث' قبل أن يضيف أن' خطابات النوايا المعلنة لتحديث قطاع البنوك العمومية الجزائري يجب أن يرفق بإنشاء آليات ميدانية تعطي إشارة واضحة للمتعاملين الأجانب وتساهم في إنهاء حالة الجمود التي تقف أمام قدوم استثمارات أجنبية مباشرة '·
ووصف صندوق النقد الدولي المسعى بـ 'الجيد' وقال إن للجزائر حظا كبيرا في إنجاح 'الخصخصة الجزئية لهذا البنك العمومي' وهي العملية التي ستمكن البنك الأجنبي الذي سيتم اختياره لشراء هذه الحصة، من الرأسمال من تولي إدارة القرض الشعبي الجزائري·
وحقق القرض الشعبي الجزائري الذي يتوفر على رأسمال اجتماعي قيمته 3ر25 مليار دينار جزائري أي مايعادل 342 مليون دولار، رقم أعمال قدر بـ 1,3 مليار دج مايعادل 17,5 مليون دولار كما يقوم بتوظيف حوالي 4500 شخص، وقال الرئيس المدير العام للبنك هاشمي ميغاوي 'إن عملية فتح رأسمال القرض الشعبي الجزائري قد انطلقت من جديد و إذا جرت الأمور على ما يرام فإننا سنغلقها في أجل أقصاه 15 سنة' وسيتم التنازل عن حصة من رأس مال البنك في حدود 51 بالمئة· وستتبع العملية الأولى بعمليتين مشابهتين ستشمل بنكين عموميين آخرين وهما 'بنك التنمية المحلية' و'البنك الوطني الجزائري' بفتح رأسمالهما فور إعادة تأهيلهما لاسيما في مجال النظام الإعلامي· ولا يشمل برنامج الخصخصة ثلاثة بنوك عمومية أخرى وهي بنك الجزائر الخارجي و البنك الجزائري للتنمية الريفية و الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض