11 يونيو 2010 21:57
تضع التحليلات النفطية آمالاً عراضا على طلب الصين من النفط. لكن ينبغي لهذه التحليلات أن تضع في اعتبارها ما يسمى “بالإنك فيش”. وهذه مركبات صغيرة ذات محرك واحد ينبعث منها دخان كثيف يستغلها معظم فقراء الصين في حلهم وترحالهم. وترمز هذه المركبات الى أن سوق المركبات في الصين، وبوصفه أكبر سوق في العالم الآن، ليس بالضرورة أن يصبح مصدر استهلاك متزايد للنفط.
ومن المتوقع أن تستهلك الصين هذه السنة نحو 11% من انتاج العالم من النفط، بحسب ما أوردته وكالة الطاقة الدولية. ومع ذلك، فإنها ساهمت بنحو 45% من نمو الطلب العالمي للنفط خلال العقد الماضي.
وبزيادة معدل الأغنياء بين أفراد الشعب الصيني، تزيد معها الاحتياجات لشتى انواع السلع الاستهلاكية. ويشير بول سانكي من بنك دويتشة، الى زيادة معدل مبيعات السيارات الخاصة في الصين بنسبة 77% خلال الربع الأول من هذه السنة. ومع هذا، فلم يزد استهلاك الوقود الا بنسبة 3% فقط. ويقول الخبراء إن استهلاك الصين من الوقود انخفض منذ يوليو الماضي.
ويعزي ذلك جاك بيركوسكي مؤسس شركة أسيمكو لصناعة قطع الغيار الصينية، للتغييرات التي طرأت على سوق السيارات الصينية. ويقول، تقوم الصين بصنع نحو 50 مليون محرك سنويا. وبينما تم بيع 13.6 مليون من السيارات الخاصة، وسيارات نصف النقل، والحافلات في الصين في العام الماضي، تم أيضا بيع نحو 36 مليون سيارة تتميز بكفاءة استهلاك الوقود، بما فيها تلك المعروفة “بالإنك فيش”.
ومن الأسباب الرئيسية التي تقف وراء زيادة المبيعات، التغيير الى السيارات العادية. وربما يساعد ذلك في تفسير أسباب عدم العلاقة بين السيارات الصينية، وأسواق الوقود، خصوصا أن السيارات الجديدة تتمتع بكفاءة أكثر في استهلاك الوقود اعلى من تلك الموجودة في “الإنك فيش”. وبامتلاك الفرد الصيني للسيارات بنسبة 5% مما يملكه نظيره الاميركي، فهل ينذر هذا العدد الضخم من السكان، بنمو كبير في استهلاك النفط ؟
ومع أن وجهة النظر هذه تعضد أن السائقين الصينيين يضاهون قرناؤهم الأميركيين في استخدام السيارات الأسرية ذات الدفع الرباعي، والناقلات الكبيرة، إلا أن هناك أسبابا وجيهة تذهب لغير ذلك. ونجد ان الأسعار هي واحدة من العوامل الهامة في اتخاذ قرار اقتناء السيارات بالنسبة للصينيين. كما أن السيارات الصغيرة التي تناسب استخدام الأغنياء الذين يعيشون في المدن الساحلية، اقل في أسعارها من السيارات الكبيرة.
بالإضافة الى ذلك، ينبغي ألا ننسى دور الحكومة، حيث ليست لحكومة بكين رغبة كبيرة في محاكاة إدمان أميركا على استهلاك الوقود الذي تستورده من الخارج. ولهذا، شجعت المستهلكين على اقتناء السيارات الصغيرة من خلال تقسيط مريح لدفع الضرائب. ومن السهل تطبيق ذلك في سوق ناشئ، حيث لا يوجد نفس الشعور الذي لدى الأميركيين بالتحول من استخدام السيارات الكبيرة للصغيرة. ومن المنتظر أن تكشف الحكومة في هذا الشهر عن مساعدات تقدمها لمشتري السيارات التي تستخدم الوقود البديل، مثل السيارات الكهربائية الهجين، تصل الى ثلث السعر المعروض. وبالإضافة الى الاهتمامات البيئية، وتأمين الطاقة، تدرك حكومة بكين أن شركاتها الوطنية لصناعة السيارات تملك فرصا افضل في تخطي منافسيها من الشركات الأوروبية فيما يخص تقنية السيارات الكهربائية، أكثر من تلك التي تملكها في سيارات محركات الاحتراق الداخلي المعروفة. والنتيجة هي، أن طلب الصين للنفط، ربما لا ينمو بنفس السرعة التي يتوقعها الكثيرون. ويرى الخبراء ان طلب الصين من النفط ربما يبدأ في النقصان لما بين 13 و 14 مليون برميل في اليوم بحلول العام 2025. وتعتبر هذه الكمية أكثر من استهلاك هذه السنة عند 9.1 مليون برميل في اليوم، بالرغم من انه يشير الى معدل نمو سنوي بنسبة 2.6% خلال الخمسة عشرة سنة القادمة.
ويتزامن خفض طلب الصين من النفط، مع جهودها الوليدة، لكنها حثيثة، في سبيل كبح جماح استهلاك النفط في الدول الصناعية.
عن «وول استريت جورنال»
المصدر: أبوظبي