يوسف البستنجي (أبوظبي)
قال يونس الخوري وكيل وزارة المالية: إن الوزارة تقوم بمراجعة المزيد من رسوم الخدمات الحكومية، لإيجاد مقترحات تعزز تنافسية دولة الإمارات، عبر إعداد دراسة مقارنة معيارية للرسوم الاتحادية والمحلية ومقارنتها بالدول المجاورة وتحليل الإيرادات الحكومية المحصلة من قبل الجهات الاتحادية.
وأضاف الخوري في حوار مع «الاتحاد» أن هذه الدراسات قد تسفر عن اقتراح مبادرات تدعم التحول التدريجي لمنظومة الإيرادات الحكومية القائمة حالياً على رسوم الخدمات، إلى نظام قائم على ضرائب ذي قاعدة واسعة ومستقرة.
وأوضح أنه يمكن توظيف عائدات حقوق الامتياز ووضعها في صندوق خاص، حيث تقوم وزارة المالية بتحصيل حقوق الامتياز من مشغلي قطاع الاتصالات بالدولة «اتصالات ودو» والتي بلغت قيمتها عام 2018 نحو 7 مليارات درهم.
ولفت إلى أن الوزارة تعمل حالياً على تطوير إطار مالي متوسط المدى.
كما أشار إلى تطور منظومة العمل والأداء الإلكتروني والتقني لدى وزارة المالية، مبيناً أن الإمارات من أكثر دول المنطقة والعالم اهتماماً بالانخراط في العصر الرقمي.
التوازن الاقتصادي والمالي
وتفصيلاً، قال الخوري إن السياسة المالية للدولة تهدف إلى تحقيق التوازن الاقتصادي والمالي من خلال استخدام أدوات السياسة المالية لتحفيز الاقتصاد ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في الدولة والتجاوب مع مستجدات الاقتصاد ومستلزمات التطور على المديين القصير والبعيد.
وأضاف: بناء عليه، فإن الوزارة تقوم بإعداد دراسة مراجعة رسوم الخدمات الحكومية لإيجاد مقترحات تعزز تنافسية دولة الإمارات عبر إعداد دراسة مقارنة معيارية للرسوم الاتحادية والمحلية ومقارنتها بالدول المجاورة وتحليل الإيرادات الحكومية المحصلة من قبل الجهات الاتحادية واقتراح مبادرات تدعم التحول التدريجي لمنظومة الإيرادات الحكومية القائمة حالياً على رسوم الخدمات إلى نظام قائم على ضرائب ذي قاعدة واسعة ومستقرة.
وقال إن مخرجات الدراسة سوف تسهم في استقرار الاقتصاد وتعزيز الشفافية وبالتالي دعم بيئة الأعمال في الدولة.
واعتمد مجلس الوزراء الشهر الماضي قراراً بتعديل وإلغاء حزمة من الرسوم لخدمات بعض الجهات الاتحادية، وذلك في إطار الجهود الحكومية لتعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني، وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال، وزيادة القدرة التنافسية للدولة، وبما يدفع عجلة التنمية والرفاه للأجيال القادمة.
ويأتي القرار تسهيلاً على المواطنين والمقيمين، وتعزيزاً للنمو الاقتصادي في الدولة، حيث تضمن تعديل أو إلغاء رسوم أكثر من 1500 خدمة حكومية في كل من وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد ووزارة الموارد البشرية والتوطين.
وأضاف أن عائد ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية يشكلان مصدر دخل جديداً يسهم في زيادة الإيرادات في حكومة الدولة.
الإنفاق العام
وأكد وكيل وزارة المالية أن الإنفاق العام يعتبر أحد أهم محركات النمو الاقتصادي في دولة الإمارات، لذا فإن تحقيق مسار مستقر من النمو يأتي على رأس أولويات السياسة المالية.
وتهدف الحكومة إلى توفير الاستقرار في المالية العامة والذي يرتبط إيجاباً مع التعميق المالي ومستوى التنمية الاقتصادية والانفتاح التجاري وحجم الحكومة، كما أن استقرار المالية العامة يخفض من تذبذب الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف: هناك محددات سياسية ومؤسسية للسياسة المالية تتعلق بجانبي الإيرادات والنفقات، حيث يؤخذ بعين الاعتبار مصادر وحجم إيرادات الحكومة الاتحادية، ومستوى الدين العام إن وجد، حيث إن مستوى النشاط الاقتصادي يعتمد على هذه المتغيرات، أما على جانب النفقات فينظر إلى المشاريع الاستراتيجية التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق رؤية الدولة على المستويين الداخلي والخارجي، مثل توفير فرص العمل ومتطلبات الحياة الكريمة للمواطنين، وتطوير البنى التحتية لزيادة قدرة الاقتصاد على التنافسية وزيادة جاذبيته الاستثمارية.
وكشف أن الوزارة تعمل حالياً على تطوير إطار مالي متوسط المدى بالارتكاز على حزمة من الأدوات العلمية والمسوحات وآراء الخبراء وتوقعات الإيرادات والمصروفات، إضافة إلى العديد من المتغيرات الاقتصادية الأخرى.
تنويع الاقتصاد
وأوضح الخوري أنه كثيراً ما يتم الحديث عن أهمية التنويع الاقتصادي كاستراتيجية وطنية للتنمية المستدامة، إلا أن الحاجة للتنويع تكون أكثر إلحاحاً في حال انخفاض عائدات الموارد الطبيعية، وفي الدول التي يوجد فيها ضرائب على الشركات، فإن التحفيز المالي يكون عن طريق التخفيضات والإعفاءات الضريبية للقطاعات المستهدفة بمزيد من النمو من أجل التنويع والإسهام في دعم نمو القطاع الخاص.
وقال: إن الإنفاق الحكومي هو أحد أهم محركات النمو الاقتصادي، لذا فإن تبني سياسة مالية معاكسة للدورة الاقتصادية يعتبر من أنجع الوسائل لدفع عجلة النمو الاقتصادي ودعم نمو القطاع الخاص. وتقضي هذه السياسة بتخفيض الإنفاق في فترات الوفرة من أجل بناء عوازل مالية يتم ضخها في الاقتصاد في فترات الانكماش، وذلك لتجنيب الاقتصاد الوطني مخاطر التعرض لتقلبات أسعار السلع الأولية.
وأضاف: من أدوات السياسة المالية التي يمكن انتهاجها في هذا الإطار، عزل عائدات حقوق الامتياز عن بقية العائدات، ووضعها في صندوق سيادي خاص، وهي تجربة مطبقة في قطاعات محددة على المستوى الدولي.
وأضاف: على المستوى البحثي التطبيقي، فقد أظهرت بعض الدراسات وجود ارتباط إيجابي بين بعض أدوات السياسة المالية والتنويع الاقتصادي في الدول الغنية بالموارد الطبيعية، وخصوصاً توجيه الإنفاق الرأسمالي لتطوير البنية التحتية اللازمة لقطاع الصناعات التصديرية.. وعموماً، فإن القنوات التي يتم عبرها انتقال تأثير السياسة المالية في التنويع الاقتصادي تتمثل في تأثير الإنفاق الحكومي على إنتاجية القطاع الخاص، وعلى اقتصاديات الحجم، وعلى وضع الاقتصاد الوطني في مرحلة نمو انتقالية بعيداً عن وضع التوازن التقليدي، إضافة إلى تأثير التشوهات الناشئة عن الضرائب.
العصر الرقمي
وقال الخوري إن اهتمام الإمارات بالتطور التكنولوجي يفوق دولاً متقدّمة، حيث تعنى وزارة المالية في دولة الإمارات بإدارة، وتنمية الموارد المالية للحكومة الاتحادية، من خلال السياسات المالية الفاعلة، والعلاقات المحلية والدولية المتميزة، لحماية وسلامة النظام المالي وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.
وأضاف: تعتبر الإمارات من أكثر دول المنطقة والعالم اهتماماً بالانخراط في العصر الرقمي، والتحوّل نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار وتكنولوجيا المعلومات، والتخطيط الجيد يستطيع توظيف التكنولوجيا من أجل توفير حلول إبداعية لكثير من العقبات.
وأشار الخوري إلى أن وزارة المالية أطلقت تكنولوجيا السحابة الإلكترونية لتقديم خدمات النظام المالي والموارد البشرية للجهات الاتحادية بالتعاون مع الهيئة الاتحادية للموارد البشرية، لتوفير بنية معلوماتية آمنة ومتاحة بشكل ذاتي وبأقل مستويات التدخل من قبل مسؤولي ومشغلي الأنظمة الإلكترونية، وتتيح تكنولوجيا السحابة الإلكترونية التي تديرها وزارة المالية، إمكانية بناء هيكل معلوماتي سحابي شامل ومتكامل، يتيح للجهات الحكومية الأخرى إمكانية تخصيص بيئات عمل خاصة ضمن السحابة، لخدمات التطوير والتدريب على النظام المالي أو أنظمة الموارد البشرية، مما يرتقي بكفاءة خدمات تقنية المعلومات، وأسهمت تكنولوجيا السحابة الإلكترونية في تخفيض التكاليف المباشرة، كما ساعدت خلال العام الجاري، في تقليل الجهد العملياتي بنسبة 45% عام 2019.
وقال: إن وزارة المالية حريصة دائماً على تطبيق أفضل الممارسات فيما يتعلق بالتحول الرقمي، وتمكنت الوزارة من تنفيذ هذه التقنية خلال فترة قياسية وقد وفرت للجهات الحكومية مجموعة من الموارد التي تدعم تحقيق أهدافها الاستراتيجية وبرامجها وخططها المستهدفة.
وتواصل الوزارة جهودها في تطوير التقنيات والتطبيقات الرقمية وفق برنامج طموح يستند إلى الابتكار والإبداع كركائز رئيسة، لتحقيق رؤية القيادة الرشيدة في أن تكون الإمارات ضمن أفضل الدول وفق مؤشرات التنافسية العالمية.
ولفت الخوري إلى أهمية نظام «بياناتي» وهو نظام إلكتروني يمكن من خلاله أتمتة جميع الإجراءات الخاصة بالموارد البشرية في جميع الجهات المشغلة له، حيث يشكل النظام نقلة نوعية في عمل الجهات الاتحادية المستفيدة منه، ويوفر أتمتة لجميع إجراءات الموارد البشرية بما فيها الإجراءات المالية والمتعلقة برواتب وأجور الموظفين، ويؤسس قاعدة بيانات موحدة في الحكومة الاتحادية تغطي جميع الوزارات والهيئات الاتحادية المستقلة.
الدين العام وإصدار السندات
وفي موضوع الدين العام، قال الخوري: إن المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2018 بخصوص الدين العام يحمل في طياته العديد من المزايا التي تخدم اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث إنه من جهة يمثل أداة سياسة مالية مهمة ومصدر تمويل بين يدي الحكومة الاتحادية، والذي يمكنها من إصدار السندات السيادية، ومن جهة أخرى فإنه سيساعد القطاع المصرفي على الامتثال لمتطلبات بازل 3 الخاصة بالسيولة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن قانون الدين العام سيعزز تعميق السوق المالي في الدولة، وذلك بإنشاء سوق ثانوية للأوراق المالية الحكومية، وتعمل الوزارة حالياً مع شركائها خاصة المصرف المركزي، وصندوق النقد العربي على دراسة أفضل الخيارات لإنشاء مكتب إدارة الدين العام في وزارة المالية، وخاصة فيما يخص الهيكل الإداري والمسؤوليات، والتي تتماشى مع خصوصية الدولة وتوجهاتها المستقبلية، بالاطلاع على أفضل الممارسات العالمية.
وقال: لقد قامت وزارة المالية بالتواصل مع معظم شركات التصنيف الائتماني الدولية للحصول على تصنيف ائتماني للحكومة الاتحادية في سياق التحضير لأي إصدارات مستقبلية.
اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي
قال يونس الخوري: إن الشركات الوطنية تستفيد بقوة من اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي التي أبرمتها الدولة مع معظم الدول التي تمثل شركاءها التجاريين في العالم، حيث يتم إعفاء الناقلات الجوية الوطنية من جميع أنواع الضرائب وتستفيد من هذه الإعفاءات طيران الاتحاد، طيران الإمارات، العربية للطيران، فلاي دبي، وأي ناقل جوي آخر يؤسس في دولة الإمارات.
كما تعفى الاستثمارات الحكومية (بما في ذلك استثمارات الهيئات والمؤسسات المالية العامة المملوكة بالكامل للدولة المتعاقدة أو حكوماتها المحلية) من الضريبة في الدولة المتعاقدة الأخرى.
وأضاف: إن شبكة اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي شملت أهم شركاء الدولة التجاريين في أوروبا وآسيا وأفريقيا ودول أميركا اللاتينية، وجارٍ التنسيق عبر القنوات الدبلوماسية لتوسيع شبكة الاتفاقيات لتشمل جميع الدول التي ترتبط معها الدولة بعلاقات اقتصادية وتجارية.
يعرف الازدواج الضريبي بأنه جباية ضرائب متشابهة في دولتين أو أكثر من نفس المكلف بها على نفس الوعاء الضريبي الذي تضر آثاره بتبادل السلع والخدمات وحركة رؤوس الأموال ونقل التكنولوجيا والتجارة عبر الحدود، ويستفيد من تلك الاتفاقيات شركات القطاعين العام والخاص، والتي من ضمنها الشركات الاستثمارية وشركات النقل الجوي وغيرها من الشركات العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك المقيمون. وتعزيزاً للأهداف الإنمائية للدولة، أبرمت الدولة 115 اتفاقية لتجنب ازدواج ضريبي على الدخل، شملت شبكة تلك الاتفاقيات معظم شركاء الدولة التجاريين.