احتفاءً باليوم العالمي للمحيطات هذا العام، انضموا إلينا للمساهمة معاً في التخلص من المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة.
خلال شهر أبريل الماضي، فوجئ العالم بتقارير عن أنثى حوت العنبر الحامل التي جرفتها الأمواج إلى شواطئ إيطاليا، ليجدوا في جوفها 22 كيلوجراماً من المواد البلاستيكية. وقبل ذلك بأقل من شهر، تم العثور قبالة سواحل الفلبين على حوت كوفييه ذي المنقار الذي يفضل السباحة آلاف الأقدام تحت الماء، وبداخله 40 كيلوجراماً من البلاستيك. ومن المواد التي وجدت في أحشاء هذين الحيوانين الثديين، أطباق بلاستيكية، وأكياس أرز، ومجموعة من أكياس التسوق التي تعرف باسم المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة. وكانت صدمة كبيرة لي عند معرفتي بامتداد تأثيرنا السلبي إلى أعماق لم يصل لها إلا القليل من البشر حيث قام الغواص فيكتور فيسكوفو بنشر فيديو له قبل أسابيع وهو يقوم بتسجيل رقم قياسي لأعمق غوصة وصل فيها إلى 11 كيلومتراً في خندق ماريانا في المحيط الهادئ ليتفاجأ بأكياس بلاستيكية قد وجدت طريقها إلى هذه الأعماق مما يؤكد بأنه لا يوجد هناك جزء من المحيطات والبحار إلا وقد مسّه التلوث البلاستيكي.
وفي هذا الإطار، تشير التقديرات إلى وصول حوالي 13 مليون طن من نفايات البلاستيك إلى محيطات العالم سنوياً، وهو ما يؤدي إلى الإضرار بالموائل الحيوية الطبيعية، وتعريض الحياة البحرية للخطر، والتأثير على كامل السلسلة الغذائية من خلال دخول مركّبات كيميائية سامة فيها. وإلى جانب الصيد الجائر، وارتفاع درجات حرارة البحار، أصبحت المواد البلاستيكية وتلوث المحيطات مسؤولة عن القضاء على مخزونات الثروة السمكية في مياه الخليج العربي.
وفي منطقتنا، نواجه تحديات مماثلة متنامية، حيث أكدت هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة، في دراسة حديثة، وجود مخلفات بحرية داخل 86% من إجمالي 14 سلحفاة خضراء نافقة وجدت على الساحل الشرقي لدولة الإمارات، واشتملت المخلفات البحرية داخلها بشكل أساسي على المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة. وتمتد هذه المشكلة لتشمل كامل منظومتنا الحيوية الطبيعية، وتصل بتأثيرها إلى الجمال والحيوانات الرعوية وغيرها.
وتُعرف المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة بتأثيراتها بعيدة المدى، ومن تلك المواد الأكياس البلاستيكية، وأكواب الشرب وأغطيتها، ولوازم المائدة، والأطباق، وممصّات الشراب، وأعواد التحريك، وعلب الطعام، وغيرها.
أصبحت مسألة المواد البلاستيكية الآن مشكلة لا جدال فيها، وتتطلب منا العمل الجماعي بشكل فوري. ولذا، توجهت جهود هيئة البيئة - أبوظبي مع شركائها في دولة الإمارات نحو العمل بصورة أكبر على هذا الصعيد، عقب دراسة استقصائية حديثة شملت المواطنين والمقيمين في الدولة، وأظهرت أن نسبة 98% من المشاركين في الدراسة يؤكدون الحاجة إلى التحرك بشكل عاجل لمواجهة تنامي استخدام المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة، كما أكدت نسبة 99% منهم رغبتها برؤية تحسينات في طرق إعادة استخدام المواد البلاستيكية وتدويرها.
وبعد هذه النتائج، وغيرها، تعمل هيئة البيئة - أبوظبي على وضع سياسة لتقليل استهلاك المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة تهدف إلى الحدّ من التأثيرات الضارة لهذه المواد التي تدخل إلى المحيطات، وهي الآن بصدد المراجعة والموافقة النهائية. وتهدف السياسة، التي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة، إلى الحد من تسرب البلاستيك إلى البيئة، ووقف استخدام المواد البلاستيكية التي يمكن تجنبها.
ويمكننا عبر توحيد جهود المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني أن نعمل سوياً للتخلص من خطر المواد البلاستيكية على منظومتنا البيئية.
ويشكل «إعلان أبوظبي بشأن إنقاذ الأنهار وإنقاذ المحيطات» نموذجاً متميزاً للتعاون لتحقيق أهداف مشتركة، إذ وقّع هذا الإعلان ممثلون عن جهات حكومية وهيئات بيئية ومنظمات غير ربحية وشركات القطاع الخاص على الصعيدين المحلي والدولي خلال القمة العالمية للمحيطات التي أقيمت في أبوظبي في مطلع العام الحالي. كما أن حشد الموارد المشتركة لمكافحة التلوث البحري سيسهم في تعزيز الخطوات العملية للوصول إلى بيئة أكثر نظافة وسلامة.
وثمة العديد من البدائل السلوكية والمستدامة للمواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة والتي لها كبير الأثر على بيئتنا. ولذا فإن نشر الوعي حول أثر هذه المواد والبدائل البسيطة المتوافرة يمكّننا من تحقيق تقدم ملموس نحو خفض الاعتماد على تلك المواد.
*الأمين العام بالإنابة لهيئة البيئة – أبوظبي