محمد إبراهيم (الجزائر)
في أول جمعة بعد شهر رمضان المبارك، احتشد آلاف الجزائريين في الشوارع للتظاهر مطالبين بتنحي رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة عن المشهد السياسي، وفي مقدمتهم الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، معربين عن رفضهم لدعوة الأخير للحوار الوطني التي أطلقها الليلة قبل الماضية.
وفي الجزائر العاصمة، تجمع الآلاف في ساحة البريد المركزي، معقل الحراك الشعبي بوسط العاصمة، حيث طالبوا بإقالة بن صالح، ورموز نظام بوتفليقة، ومحاسبة الفاسدين منهم.
ورفع المتظاهرون لافتات ترفض الحوار الذي دعا له بن صالح، في ظل وجوده في السلطة، وجددوا دعوتهم لفترة انتقالية يقودها مجلس من الشخصيات الوطنية، كما أعربوا عن رفضهم لقرار المجلس الدستوري (أعلى هيئة قضائية في البلاد) تمديد فترة بن صالح لحين إجراء انتخابات رئاسية، بعدما فشل تنظيمها في 4 يوليو المقبل كما كان مقرراً بسبب عزوف الأحزاب السياسية عن تقديم مرشحين ومقاطعة الانتخابات.
وكان المجلس الدستوري (أعلى هيئة قضائية في البلاد) قد أعلن الأسبوع الماضي عن رفض ملفي مرشحين اثنين من غير المعروفين، معلناً استحالة إجراء هذه الانتخابات في موعدها المقرر، وقرر تمديد فترة بن صالح لحين إجراء الانتخابات. ودعا بن صالح في خطاب متلفز له الليلة قبل الماضية، الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية إلى اختيار سبيل الحوار الشامل وصولاً إلى المشاركة في رسم معالم طريق المسار التوافقي الذي ستعكف الدولة على تنظيمه في أقرب وقت.
وقال «أدعوهم لأن يناقشوا كل الانشغالات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية القادمة، والتوصل من ثم إلى وضع معالم خريطة طريق مهمتها المساعدة على تنظيم الاقتراع الرئاسي المقبل في جو من التوافق والسكينة والانسجام»، مجدداً تعهده لضمان كل الظروف الملائمة لإجراء انتخابات نزيهة، وحرة وشفافة، وكما يطلبها الشعب الجزائري. وشهدت مداخل الجزائر العاصمة منذ صباح أمس حواجز أمنية أقامتها قوات الدرك الوطني (تابعة للجيش) للتدقيق في هويات الوافدين للعاصمة للمشاركة في المظاهرات، الأمر الذي تسبب في أزمة مرورية على مداخل العاصمة. وشهدت ولايات جزائرية عدة، منها قسنطينة ووهران والبويرة وتيبازة وبجاية وبرج بوعريرج وغليزان وسيدي بلعباس والجلفة مظاهرات مماثلة، كما وزع المتظاهرون في مسيراتهم بمختلف الولايات حلوى العيد على المارة.
وشهدت مظاهرات الأمس حضوراً لافتاً للنساء والأطفال الذين ارتدوا ملابس العيد، وبدا الأمر كأنه مظاهرة احتفالية أكثر منه حركة احتجاجية.
وشهدت العاصمة إغلاق مترو الأنفاق وتوقيف النقل العام من وإلى وسط العاصمة، إلى جانب استمرار إغلاق نفق ساحة موريس أودان ومنع التظاهر على الدرج الخارجي لمبنى البريد المركزي، وسط تحليق مكثف لمروحيات تابعة للشرطة دون تسجيل احتكاكات مع المتظاهرين.
ويطالب الحراك الشعبي بتنحي بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، بالإضافة إلى معاذ بوشارب رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية في البرلمان)، الذي يواجه حركة رفض واسعة داخل المجلس، وصلت إلى أن الكتلة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني (حزب الأغلبية) الذي ينتمي له، أعلنت تعليق نشاطها البرلماني لحين استقالته.
ومنذ استقالة بوتفليقة مطلع أبريل الماضي، تشهد المحاكم الجزائرية تحقيقات وملاحقات قضائية لعدد من رموز نظامه، أبرزهم السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، والجنرال محمد مدين، المعروف باسم الجنرال توفيق، والجنرال عثمان طرطاق، المعروف باسم البشير، رئيسا المخابرات السابقان، بتهمة التآمر ضد سلطة الجيش وسلطة الدولة، وأحمد أويحيى وعبدالمالك سلال، رئيسا الحكومة السابقان، و8 وزراء سابقين، وعبدالقادر زوخ والي الجزائر العاصمة السابق، ووالي ولاية البيض الحالي محمد جمال خنفار، وعبدالغني هامل، مدير الأمن الوطني الأسبق بتهم الفساد المالي.
من جهة أخرى، لم تعلق أغلب الأحزاب السياسية بالجزائر على الخطاب الجديد لابن صالح ودعواته للحوار باستثناء محسن بلعباس، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي نشر تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيها إن «الوضع الذي تعيشه البلاد يجبرنا كمواطنين على مواصلة التجنيد عبر الشارع إلى غاية إرساء نظام سياسي جديد»، فيما رحب حزب التجمع الوطني الديمقراطي بالدعوة مبدياً استعداده للانخراط فيها.