لكبيرة التونسي (أبوظبي)
عشق العود والبخور والطيب حكاية تعيش بين أهل الإمارات، فالعود يسكن الذاكرة ويتغلغل فيها، ويمثل الضيف الدائم على مائدة الأعياد والمناسبات المختلفة، وتكاد تختلط رائحته بجدران البيوت والملابس والأثاث والمفارش، ويعتبر عنوان كرم وترف ودلال ومحبة، فقد دأب الإماراتيون والخليجيون على البحث عن أجوده سواء من المحال الكبيرة المعروفة أو من خلال نساء الأسر المنتجة التي برعت في تصنيعه وأصبحت بضاعتهن مطلوبة من طرف الزبائن.
إرث حضاري
سلطان محمد عبدالله، مدير إحدى شركات العطور، قال: «إن البخور والعود إرث حضاري وجزء لا يتجزأ من الثقافة والهوية الإماراتية، ويزداد الطلب عليهما خلال المناسبات والأعياد، حيث يمثلان هدايا مميزة، بالإضافة إلى استعمالاتهما المتعددة في التطيب وإكرام الضيف والاحتفال بروح العيد وبهجته، وتشهد مبيعاتنا ارتفاعاً كبيراً، خاصة مجموعات الهدايا الفريدة والمتنوعة التي تقدمها الشركة لترسخ هويتها النابعة من عبق الماضي الجميل، بالإضافة إلى منح المستهلك خيارات عطرية تجمع بين الحاضر والماضي، وبين أصالة الشرق وشذى الغرب، ومن أهم الخلطات التي نشتهر بشذاها الآسر للحواس بخور «بنت الشيوخ» و«الروضة»، والتي تعبر عن التراث الإماراتي الأصيل بلمسة فرنسية عابرة، أما بالنسبة للزيوت المعطرة، فنشتهر بـ«عيون المها» المكونة من الصندل وخشب العود مع الفانيليا، بالإضافة إلى «بو سلطان» المكون من دهن العود وزهور الليل الممزوجة بخشب العود، إضافة إلى العود المعطر، خاصة «النبراس» الذي يجمع بين عطر الزهور بلمسة شرقية مميزة، و«الأمير» الذي يجمع بين عطر الخشب مع الشذى الشرقي والفرنسي».
وقال عبد الله: «نستوحي خلطاتنا من التراث الشرقي والفرنسي، ونجمع توليفاتها الفريدة من العبير الفواح ولمسات الفخامة الشرقية لنقدم العطور والبخور والعود والزيوت العطرية النابضة بالحياة، بجودة عالية مستوحاة من التراث المحلي لتشكل أساساً ملهماً لعبق الغد.
كرم ضيافة
وعن علاقة الإماراتيين بالعود والبخور والطيب، قالت حمدة النعيمي صانعة لبعض أنواع الدخون وخلطات العود منذ أكثر من 20 سنة: «إنه من المتعارف عليه أن الخليجيين بشكل عام يعشقون البخور ودهن العود والعطور المركزة بشكل كبير، حيث نشهد إقبالاً دائماً على العود وخلطاته ودهنه المركز، أي روح العود، ودهن العود يبقى في المقام الأول من جهة الإقبال، وتعتبر هذه العادة متوارثة عن الأجداد، حيث تعبر عن كرم الضيافة وحسن الاستقبال، كما تعتبر من مظاهر الأناقة والوجاهة والفخامة، وقد تعلمت هذه الصناعة من جداتي ووالدتي، وتدرجت في هذه المهنة إلى أن أصبحت خلطاتي مشهورة بين الناس، ويزيد الطلب عليها خلال الأعياد والمناسبات، ولكسب رضا زبائني فإنني أعمل على توفير خلطات جديدة في كل مناسبة، وأستعين بمجموعة من العاملات حتى أتمكن من توفير المطلوب الذي يزيد عن المعتاد في الأيام العادية».
دلال البيوت
من جهتها، قالت «أم محمد» من الأسر المنتجة: «إن صناعة العطور والبخور من الصناعات القديمة المتوارثة عن الأجداد، وتنشط هذه الحرفة في جميع المناسبات، ويزيد الإقبال عليها في المناسبات السعيدة كالأعياد، حيث يرتفع الطلب على منتجاتها المختلفة التي يعبق بها البيت الإماراتي». كما تعتبر فاطمة الكعبي من السيدات الماهرات في هذه الصناعة العريقة التي تعلمتها من جدتها وحافظت عليها، بل أوصلتها للعالمية من خلال المعارض التي تشارك بها في مختلف أنحاء العالم، وتقول الكعبي عن هذه الصناعة التراثية: «إنها تحافظ على طابعها الأصلي منذ القدم، مع إضافة روائح جديدة»، موضحة أن الطيب والبخور يشكلان جزءاً أساسياً من أناقة البيوت قديماً، كما استمرت هذه العادة الجميلة إلى اليوم».
وأضافت أنها تستغل الأيام الأولى من الشهر الكريم لإنتاج العديد من الخلطات التي يزيد الإقبال عليها ابتداءً من النصف الثاني من الشهر، ولا تنفي الكعبي استمرار طلب البخور خلال رمضان لاستعماله في تطييب البيت وتبخيره مباشرة بعد الإفطار، حيث تجتمع النساء والرجال في المجالس العائلية والأصدقاء، حيث تكثر الزيارات في الشهر الفضيل.