أحمد مراد (القاهرة)
ولد المستشرق الألماني، جوزيف شاخت، العام 1902، حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة بريسلا، وعُين أستاذاً في جامعة ليبزيغ ثم في جامعة فرايبورج والجامعة المصرية، وتولى منصب رئيس دائرة الدراسات الشرقية في جامعة كونينسبورج، كما عُين محاضراً للدراسات الإسلامية في جامعات أكسفورد، وليدن، وكولومبيا، وانتخب عضواً في عدد من المجامع العلمية في كثير من دول العالم، وعكف على دراسة التشريع الإسلامي وبيان نشأته وتطوره، وألف عدة كتب في مجال الدراسات الإسلامية، مثل: «تراث الإسلام»، و«نشأة الفقه في الإسلام»، و«خلاصة تاريخ الفقه الإسلامي».
في كتابه «تراث الإسلام»، كتب شاخت الكثير من الشهادات المنصفة للإسلام، يقول في واحدة منها: «من أهم ما أورثه الإسلام للعالم المتحضر قانونه الديني الذي يسمى «الشريعة»، والشريعة الإسلامية تختلف اختلافاً واضحاً عن جميع أشكال القانون إلى حد أن دراستها أمر لا غنى عنه لكي نقدر المدى الكامل للأمور القانونية تقديراً كافيا، إن الشريعة الإسلامية شيء فريد في بابه، وهي جملة الأوامر الإلهية التي تنظم حياة كل مسلم من جميع وجوهها، وهي تشتمل على أحكام خاصة بالعبادات والشعائر الدينية كما تشتمل على قواعد سياسية وقانونية».
ويضيف شاخت: «تعتبر الشريعة الإسلامية أكثر تنوعاً في صورتها، لأنها جاءت نتيجة نظر وتدقيق من الناحية الدينية في موضوعات للقانون كانت بعيدة عن أن تتخذ صورة واحدة».
كما كتب شاخت قائلاً: «في الطرف المقابل من البحر المتوسط نجد التشريع الإسلامي قد أثر تأثيراً عميقاً في جميع فروع القانون.. وهناك تأثير التشريع الإسلامي على قوانين أهل الديانات الأخرى الذين شملهم تسامح الإسلام وعاشوا في الدولة الإسلامية».
ويواصل شاخت حديثه عن الشريعة الإسلامية، قائلاً: «في منتصف القرن الثاني للهجرة تقريباً أخذ القانون الديني الإسلامي شكله الجوهري، قد أصبح على ما هو عليه الآن ليس مجرد تلك الطريقة الآلية في إدخال اعتبارات مادية ذات صفة خلقية أو دينية في ميدان القانون، ولكن بعده عملية أخرى ألطف وأدق، وهي تنظيم هذا الميدان وترتيبه بعده جزءاً من الواجبات الدينية للمسلمين، وتحوي الشريعة مبدأ موحداً فرض نظاماً تركيبياً عقلياً على مختلف المواد الأولية التي بني منها، غير أن هذا المبدأ غير شكلي أو مستقل، أنه هو مادي إسلامي».