5 ابريل 2012
جاء اتفاق “فوكسكون تكنولوجي” لتحسين أوضاع 1,2 مليون عامل في الصين يقومون بانتاج أجهزة “آي باد” و”آي فون” لحساب “آبل” بمثابة مؤشر على أن الصين تفقد وصفها كأرخص قاعدة تصنيعية في العالم.
والمسألة ليست اقتصادية بحتة وإنما لها جانب أخلاقي يكتسب قوة عقب قرار “آبل” غير المسبوق بالسماح بأكبر تحقيق على الإطلاق في العمليات الخارجية لشركة أميركية. وبعد سنوات من تآكل هوامش أرباح الشركات المتعاقدة من الباطن لتصنيع الأجهزة التي يحبها المستهلكون في شتى أنحاء العالم، يحين الوقت الذي يتعين فيه على الشركات الكبيرة أن تتنازل عن جزء من أرباحها لمواجهة انتقاد أن منتجاتها تبنى على أكتاف عمال صينيين يلاقون سوء المعاملة.
وقال جاي هوانج، المدير المالي لشركة “وينتك” التايوانية التي تنتج شاشات تعمل باللمس لحساب “آبل” وبلغت إيراداتها نحو ثلاثة مليارات دولار العام الماضي، “انتهى عهد النفقات القليلة والعمالة الرخيصة في الصين”. وأضاف “يرى الناس أنه ينبغي أن تقدم السوق منتجات رخيصة وهذا كان يحدث في الماضي على حساب العمالة الرخيصة في الصين وأوقات راحة العمال وظروف العمل. لكننا الآن نتفق جميعاً على ضرورة تحسين الأوضاع وكشركة إنتاجية لها أخلاقياتها يجب علينا تحسين أوضاع العمال”.
وحسنت و”ينتك” أوضاع العاملين لديها وخصصت قاعة لمؤتمرات الفيديو حتى يتسنى للعمال الاتصال بعائلاتهم. وقامت شركة أخرى تصنع منتجات “آبل” هي “بيجاترون” بتحويل عمال يقومون بوظيفة واحدة إلى فرق متعددة المهارات. وفي اتفاق مهم الأسبوع الماضي اتفقت “آبل” و”فوكسكون” على علاج أي خلل في أوضاع العمال الصينيين الذين يقومون بتجميع الأجهزة واسعة الانتشار للشركة الأميركية. ووافقت “فوكسكون” التايوانية، التي تصنع أيضاً منتجات لحساب شركات أخرى منها “دل” و”هيوليت باكارد” و”سوني”، على التعديلات بعد تحقيقات أجرتها رابطة مستقلة للعمال شملت ثلاثة مصانع و35 ألف عامل.
وستعين “فوكسكون”، الشركة الأم لـ”هان هاي برسيجن اندستري” أكبر شركة لتجميع منتجات “آبل” في الصين، عشرات الآلاف من العمال الجدد وتتوقف عن فرض ساعات عمل إضافية بشكل غير قانوني وتحسن مستوى السلامة وترفع مستوى أماكن إقامة العمال وسبل المعيشة الأخرى. و”آبل” ليست أول شركة كبيرة تستجيب لانتقادات بشأن الأجواء التي يتم فيها تصنيع منتجاتها فقد أدخلت شركة “نايكي” تغييرات كبيرة في التسعينيات بعد انتقادات مماثلة. إلا أن الأوضاع الاقتصادية واتجاه السياسة في الصين تشير الآن إلى أن العمال قوة ذات ثقل كبير. فنقص العمالة وتضخم في خانة العشرات في أجور العمال يمنحان العمال مزيداً من الاختيارات. وأصبح تنقل العمال من وظيفة لأخرى للحصول على أجر أعلى أمراً وارداً الآن أكثر من ذي قبل.
وتعهدت الحكومة الصينية بزيادة أجور عمال المصانع المهاجرين لتوزيع الثروة في البلاد بصورة أكثر عدلاً. وردا على ذلك تحول كثير من المنتجين لمناطق أرخص داخل البلاد للحيلولة دون ارتفاع النفقات. وقال تشي قانج تاو، الاستاذ في كلية الاقتصاد والاعمال بجامعة هونج كونج: “ما يجعل الأمر مختلفاً هذه المرة هو ان هناك أسباباً داخلية أكبر”، مضيفاً “في الماضي كان من يثيرون قضايا حقوق العمال في الصين من الأجانب مثل جماعات حقوق العمال الأميركية لكن القوة الدافعة الأكبر الآن هي من داخل الصين.. ارتفاع اليوان والانسجام الاجتماعي وإعادة توزيع الثروة”.
ويتعين على الصين التحول من الإنتاج منخفض التكلفة الملوث للبيئة لتحقق مزيد من التنمية. وقال تشي “هذه نقطة تحول للبلد ككل. إنها أيضاً جزء من استراتيجية عامة لتعزيز الاستهلاك المحلي والاعتماد بصورة أقل على التصدير”.
المصدر: تايبه