18 أكتوبر 2009 22:29
ماذا يحدث ضمن هذه الصناديق الأنيقة والصغيرة ذات العين المنفردة والتي تدعى الكاميرات الرقمية؟.
لقد تمكنت هذه الأدوات الصغيرة خلال السنوات الخمس الماضية فقط من إحداث انقلاب حقيقي في عالم التصوير وأرشفة الصور وتناقلها. ويقول دافيد بوج خبير ومحلل الأجهزة الرقمية في صحيفة «إنترناشونال هيرالد تريبيون» إن الحديث عن هذه الثورة يتطلب التوقف عند ما أطلق عليه اسم «الحروب العظمى للميجابيكسيل» Great Megapixels Wars بين المصنّعين والتي اندلعت شرارتها الأولى عام 1996، وهو التاريخ التقريبي لبداية إطلاق الكاميرات الرقمية الأولى.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن، انصرف الخبراء والمهندسون في مراكز بحوث الشركات المصنّعة للكاميرات إلى ابتداع نماذج ثورية منها يمكنها أن تمسّ قلوبنا وعقولنا معاً من خلال سرعة ودقة تسجيل الأحداث بالصور شديدة الوضوح، وإعدادها وفق صيغة رقمية قابلة للتداول السريع عبر شبكة الإنترنت. وكان هذا التطور مكملاً للثورة الجديدة التي شهدتها أجهزة الوسائط الإعلامية المتعددة بما فيها الموبايل وأجهزة اللاب التوب والنيتبوك والنوتبوك.
الوضوح أولاً
وكان السلاح القوي الذي استخدم (ولا يزال يستخدم) في هذه الحرب، هو شدة الوضوح resolution. وتقاس هذه الشدة بحسب عدد النقاط المتجاورة في حقل الصورة والتي تعبر كل منها عن جزء بسيط جداً من المشهد. ويقاس الوضوح بوحدة «البيكسيل» pixel أو «النقطة البصرية» والتي تعني أي نقطة عديمة الأبعاد من الحقل الظاهر في الصورة. ويكون لعدد هذه النقاط في مساحة الصورة دور مهم في الحكم على مدى وضوح تفاصيلها. وكلما زاد هذا العدد، كلما ازدادت معالم الصورة الدقيقة وضوحاً. وتحسب قوة وضوح الصورة بضرب عددي النقاط الضوئية التي توجد في كل من طول الصورة وعرضها. وفي صورة يبلغ عدد النقاط البصرية 1000 نقطة طولاً وألف نقطة عرضاً، يكون الوضوح مساوياً مليون بيكسيل أو «1 ميجابيكسيل».
وبالرغم من أن أهمية مستوى الوضوح في الحكم على خصائص الكاميرا الرقمية، إلا أن هناك الكثير من العناصر التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند اختيار الكاميرا المناسبة.
ومن العناصر المهمة الأخرى سهولة الاستعمال، إذ لا يجوز أن تكون الكاميرا الرقمية جهازاً مليئاً بالتطبيقات التي يتطلب تشغيلها الكثير من البراعة التقنية مثل طريقة تخزين الصور في الملفات واسترجاعها عند الغرض على الشاشة وتثبيت تواريخ التقاطها وأرشفتها بحسب اسم المناسبة أو تاريخها وغير ذلك. ومن الجدير التذكّر بأن أجهزة التصوير الرقمية (الكاميرات الرقمية وكاميرات الفيديو) تتمحور أساساً حول تكوين المحتوى ومعالجته وتخزينه وعرضه.
ومع تطور العالم الرقمي وزيادة التفاعل والترابط بين البشر، أصبح من الضروري إنتاج كاميرات حديثة مواكبة لهذا التطور ومزودة بمزايا غير تقليدية، مثل البلوتوث ووصلات التنزيل المباشر على الإنترنت.
ويبدو أننا أمام عودة الكاميرا لتملأ حياتنا وتشكل حيزاً من اهتماماتنا وأولوية بين مقتنياتنا. ويعود الفضل في ذلك لعدة شركات متخصصة في هذا المجال وعلى رأسها سامسونج وسوني وباناسونيك وكوداك وغيرها. وكان إطلاق شركة سامسونج لكاميرتها الجديدة «كولومبوس» Columbu (ST550/500 وST1000، قد شكّل محطة فاصلة في عالم التصوير الرقمي.
وفي حديث مع «الاتحاد» حول واقع ومستقبل صناعة الكاميرات الرقمية، أشار رام موداك مدير عام قسم الاتصالات الرقمية لدى سامسونج الخليج، إلى أن الشركة كانت سبّاقة في هذا المجال التطوري المهم، وهي التي أرست بفضل منتجاتها السهلة الاستعمال وتصاميمها المتميّزة، معايير جديدة في عالم التصوير الرقمي.
ويتحدث موداك عن المعايير التي ينبغي للمستهلك أن يبني على أساسها خياراته عندما ينوي اقتناء كاميرا، فيقول: العنصر الأهم حالياً الذي يؤثر على خياراتنا عندما نرغب في شراء كاميرا يتركز في مدى قدرتها على ابتكار الصور الواضحة وتناقلها بين الناس والاحتفاظ بها بسهولة وبطريقة ملائمة».
ويضيف موداك إشارته إلى أن «سامسونج» تهتم كثيراً بمفهوم «سهولة الاستعمال» و»التصميم المميز» لمنتجات «الكاميرا الذكية»، وتُعنى بخصائص رئيسية أهمّها سهولة التقاط الصور وتداولها عبر الإنترنت. حتى تواكب النزعات المتنامية في التشابك الاجتماعي وتقدّم مجموعة واسعة من الخصائص التي تعزّز تجربة المستخدم.
ويرى موداك أن سرّ النجاح في تطوير الكاميرات الرقمية يرتكز على اكتشاف رغبات المستخدمين. ولهذا السبب، تعتمد سامسونج أسلوب التواصل مع الناس من خلال مراكز متخصصة في البحوث.
وهو يقول: «لا شك أن ظهور التصوير الرقمي غيّر جذرياً وجه العالم خلال فترة قصيرة من الزمن، ويتوفّر حالياً التصوير الرقمي على نطاق واسع وأصبح الوصول إليه أسهل بكثير. فالصور الرقمية فوريّة وبسيطة. ومنذ إطلاق شبكة الإنترنت والـ web 2.0 باتت تتوفّر لنا أدوات جديدة للتواصل.
وستؤدي أجهزة التصوير الرقمي بدور جوهري في صناعة الإلكترونيّات، إذ تشكّل الخطوة الأولى من عمليّة تكوين المحتوى. ولم تعد المسألة مسألة أجهزة تصوير منفردة الوظائف. ما يعزز التوقعات أيضاً بأن يزداد الطلب على الأجهزة المزوّدة بأحدث تقنيات تكنولوجيا المعلومات: فعلى سبيل المثال يعدّ الفيديو عالي الوضوح أو الـ HD Video من أحدث التقنيات التي أضيفت إلى هذه العلب الصغيرة العامرة بالذكاء. كما نتوقع زيادة التركيز على جعل عمليّة الابتكار والمشاطرة أكثر فعاليّة وبساطة، مع زيادة التفاعل والترابط».
كاميرا واحدة بوظائف متنوعة
وبدأت وظائف الكاميرا الرقمية وكاميرات الفيديو تلتقي مع بعضها من حيث الغاية والوسيلة. وتوقع موداك أن يزداد الطلب على أجهزة تجمع ما بين وظائف الكاميرا الرقمية وكاميرات الفيديو. لكن فيما يتعلّق بالمنتجات عالية الجودة، ستتمّ المحافظة على السوقين المنفصلين وكلّ منهما سيتمتع بوظائف احترافية خاصة.
ومع زيادة شعبية وسائل الاتصالات الاجتماعية social media ، ازداد عدد المستخدمين الذين يبتكرون ويتبادلون المحتوى بفعاليّة أكثر. وتتيح الكاميرات الجديدة والرائدة للمستخدمين إمكانية التقاط الصور وتبادلها بسهولة.
كما أن طرازات الكاميرا المدمجة المبتكرة المزوّدة بشاشة الكريستال السائل أو الـLCD سواء أماميّة أو خلفيّة، والمزوّدة بوسائل الاتصال اللاسلكية ونظام تحديد المواقع والبلوتوث والواي فاي تبيّن قدرة الشركات المنتجة على الدمج بين أحدث التقنيات واحتياجات المستخدم.
وتندرج خاصية الشاشة اللمسية وواجهة الاستخدام المزودة بنظام رصد الحركة، في إطار توجهات المستخدم الأساسية، ومن بينها الميل إلى استخدام الأجهزة ذات الوظائف المتعددة التي يمكنها أن تقوم أيضاً بدور الهواتف المحمولة ومنصّات الألعاب الإلكترونية والمرشد الدليل الذي يعرف كل شيء عن طرق وشوارع المدن العالمية الشهيرة.
وبلغ التطور الذي شهدته الكاميرات الرقمية الحد الذي يمكن للمستخدمين القيام بمعظم العمل على الكاميرا من دون الحاجة إلى كمبيوتر محمول أو تقنيات باهظة ومعقدة لتعديل الصور بعد أن أصبح في وسع أي إنسان إدارة الصور بسهولة وذكاء.
ومن أكثر التقنيات الحديثة التي أضيفت إلى الكاميرات الرقمية أهمية تلك التي تربط بين وظيفة الكاميرا الذكية ونظام تحديد الموقع GPS عن طريق شبكة الإنترنت. وعندما يقوم المستخدم بالتقاط صورة لمعلم سياحي شهير في مدينة لندن مثلاً، فإن مجرّد توجيه الكاميرا إليه يسمح للنظام بتحديد الموقع وخصائصه السياحية ويقوم بتسجيلها في حقل النص الموافق لشرح طبيعة الصورة. وتعدّ الكاميرا سامسونج ST1000 الجديدة من أوضح الأمثلة عن هذا التطور. فهي تمنح المستخدم 3 وسائل اتصال لاسلكية لأنها تتمتّع بقدرات تحديد المواقع الجغرافية كما إنّها مزودة بـ»بلوتوث» وواي فاي تسمح له بإرسال الصور تقريباً بالسرعة نفسها التي تلتقط بها ومن أيّ مكان عملياً.
والكاميرا الجديدة تضع حداً للتساؤل عن مكان التقاط الصورة، مع ميزة تحديد المواقع الجغرافية التي تتمتع بها، والتي تتيح للمستخدم إمكانية تحديد الموقع الدقيق لصورة ما وتعرضه على شاشتها، مزوّدة المستخدم مرجعيّة حينما يعيدون مشاهدة الصور أو تعديلها.
ومن الجدير الإشارة أيضاً إلى أن أداء كاميرات الهواتف الخلوية يشهد تحسّناً مستمرّاً. وعلى الرغم من أن كاميرات الهواتف الخلويّة تتيح للمستخدم التقاط الصور بسهولة من دون قيود مكانية، غير أن الناس لا يزالون يستعملون الكاميرات التقليدية لتخليد ذكرياتهم الثمينة أو عند حاجتهم إلى صور عالية الدقة. ولهذا السبب تتعايش الكاميرة الهاتفية جنباً إلى جنب مع الكاميرا الرقمية المستقلة.
وإذا كان من الصواب القول بأن كاميرات أجهزة الموبايل باتت تتمتع الآن بعدد البيكسلات نفسه، إلا أن ثمة فرق شاسع في حجم جهاز استشعار الصورة ونوعيته ما بين الهواتف الخلوية والكاميرات. ويمكن القول في هذا الصدد إن الحاجة إلى الكاميرات مستمرّة، وهي لا تشهد إلا القليل من التغيير إذا أخذنا في الاعتبار أن الكاميرا مصمّمة لالتقاط الصور الرائعة. أما الهواتف الخلوية فهي مزوّدة بكاميرا كقيمة إضافية لا غير. وإذا ذهبنا في رحلة، هل نكتفي بكاميرا الهاتف الخليوي لتسجيل اللحظات الرائعة؟ بالطبع لا، لأن معظم الناس يفضلون اصطحاب الكاميرات الرقمية.
تطور تقنية التقاط
الصور الشخصية
ومع تزايد شعبية المواقع الاجتماعية، وما رافقها من زيادة الطلب على التقاط الصور الذاتية من أجل الصور الشخصية. قامت سامسونج بتسهيل هذه العملية من خلال تقديم كاميرتي الـST550 والـST500 المزوّدتين بشاشتي LCD مزدوجتين. وبفضل ميزة الشاشة الأماميّة والشاشة الخلفيّة، وفّرت على المستخدمين القدرة على الوقوف أمام عدسة الكاميرا وليس خلفها. كما تستعين سامسونج بأحدث تقنيات الشاشة اللمسية لتوفر دقة عالية في العرض مرفقة بتقنيات تغذية استرجاعية للحركة والصوت تستجيب إلى كل لمسة.وتتوافر في الإصدار الجديد خاصية HD Video الآن في كاميرا محمولة.
أناقة التصميم
يلعب التصميم والإعداد التشكيلي الهندسي دوراً أساسياً في تحديد مستوى الإقبال على الكاميرا الجديدة. وخاصة بالنسبة للمستخدمين من ذوي الأذواق الرفيعة.
ومن المعروف أيضاً أن هذه الشريحة تملك روابط اجتماعية قوية، لذا فإن أفراد عائلاتهم وأصدقائهم مهمون بالنسبة إليهم. من هنا، فإن الكاميرات الراقية الفريدة من نوعها ستلائم احتياجاتهم وخاصة من أجل تسهيل تبادل محتويات مواقع الشبكات الاجتماعية بسهولة.
تسمح شاشة الـLCD للمستهلك بأن يصبح جزءاً من الصورة بطريقة لم يعهدها من قبل. وأصبحت هذه التقنية ضرورية للأفراد والعائلات الذين يريدون أن يظهر الجميع في الصورة بما في ذلك المصوّر.
وأشار موداك إلى أن الصور التي يتم تحديدها جغرافياً يمكن وصلها بسهولة إما بـموقع «Google Earth» أو «Google Maps» عبر تقنية «إنتيلي – استوديو» Intelli Studio المدمج في الكاميرا ST1000. كما يمكن للمستخدمين استخدام الكاميرا للدخول إلى مواقع إلكترونية مثل «بيكاسا» Picassa وأن يربطوا على الفور الصور المحفوظة ببرنامج الخرائط.
ومن المنتظر أن تظهر قريباً خدمة على الإنترنت لإرسال الصور وبحيث يكون في وسع المستخدم توصيل الكاميرا بالمواقع الاجتماعية أو مواقع الصور. وهذا ليس إلا غيض من فيض التطورات الكثيرة التي تنتظر صناعة الكاميرات الرقمية.
المصدر: أبوظبي