مصطفى عبدالعظيم (دبي)
سجلت أسعار تذاكر السفر خلال موسم الذروة الصيفي، والذي يبدأ فعلياً في الأسبوع الأخير من يونيو الجاري ويمتد حتى الأسبوع الأخير من أغسطس المقبل، ارتفاعات كبيرة تراوحت بين 35% و40% بالمقارنة بالأسعار الراهنة، وفقاً لتقديرات وكالات سفر.
وساهمت الحجوزات المتأخرة، والتي بدأت في النصف الثاني من مايو وتستمر طوال يونيو المقبل، في صعود أسعار تذاكر الطيران، خاصة بالنسبة للوجهات ذات الكثافة العالية في الطلب على السفر، وخاصة الوجهات العربية والآسيوية التي تتوجه إليها العائلات المقيمة خلال إجازة الصيف وبعد انتهاء العام الدراسي، حيث تشكل هذه الفترة ذروة حركة السفر ذهاباً وإياباً.
وقال مسافرون: إن أسعار تذاكر السفر لهذا الموسم فاقت التوقعات وتجاوزت الميزانية المرصودة، وذلك رغم طول مدة العطلة الصيفية التي تمنحهم المرونة اللازمة لتحديد موعد السفر بناء على أفضل أسعار متاحة، لافتين إلى أن ارتفاع أسعار التذاكر دفع البعض منهم للبحث عن خيارات بديله كالسفر في عطلات قصيرة إلى وجهات سياحية قريبة أقل كلفة.
وفي المقابل، قالت شركات طيران إن ارتفاع أسعار تذاكر الطيران في موسم الصيف أمر طبيعي، إذ يعد من مواسم الذروة، لافتين إلى أن أسعار التذاكر بشكل عام تخضع إلى مبدأ العرض والطلب، والذي يحدد مستوى ارتفاع أو انخفاض هذه الأسعار بحسب حركة السوق.
وأشارت هذه الشركات إلى أن أسعار تذاكر الطيران دائماً ثابتة ومعروفة، حيث تقوم شركات الطيران بطرح العروض الترويجية، في غير أوقات الذروة لتشجيع الناس على السفر، ولكن مع عطلة المدارس وموسم الإجازات السنوية يرتفع حجم الطلب على السفر إلى الخارج، مما يتسبب في زيادة الأسعار.
وجهات بديلة
ويعتبر محمود فاروق (رب أسرة مقيمة)، أن أسعار تذاكر السفر خلال العطلة الصيفية بمثابة الصداع الذي يؤرقه في كل عام، وذلك للارتفاع الكبير في الأسعار التي تتخطي في كل عام المبلغ الذي يوفره لدفع قيمة هذه التذاكر بنسبة تتراوح بين 10 إلى 20%، مشيراً إلى أنه لم يتخذ بعد قرار السفر إلى بلاده هو والأسرة خلال الصيف نتيجة أسعار التذاكر التي ترتفع بوتيرة يومية، الأمر الذي دفعه للتفكير في البحث عن وجهة سياحية قريبة للذهاب إليها هو والأسرة بتكلفة أقل، وإرجاء السفر إلى بلاده إلى وقت آخر تكون في الأسعار أفضل.
وقال متحدثون باسم شركات طيران، إن احتساب أسعار التذاكر يخضع دائماً للعرض والطلب، فضلاً عن وجود عوامل أخرى مرتبطة بارتفاع أسعار الوقود لمستويات عالية مما زاد من كلفة التشغيل، إلى جانب التذبذبات الحادة في أسعار العملات العالمية وكلفة التأمين على الرحلات نتيجة تغيير المسارات الجوية لبعض الوجهات.
وقال متحدث باسم طيران الإمارات، إن «جميع شركات الطيران تسعى لتحسين دخلها مع زيادة الطلب على السفر، وهناك منافسة من داخل الدولة ومن الشركات في المنطقة، ونحن نتعامل في مسألة الأسعار وفقاً لمبدأ العرض والطلب، والسوق هو الذي يتحكم في مرونة الأسعار».
وأضاف: «مثلها في ذلك مثل جميع شركات الطيران، فإن طيران الإمارات توفر لعملائها تدرجات ومستويات سعرية مختلفة على مدار العام، اعتماداً على قوى السوق، ويرى عملاؤنا، الأفراد ووكالات السفر، أن أسعارنا تنافسية مقارنة بالشركات الأخرى. كما أننا نقوم من وقت إلى آخر بطرح أسعار وعروض خاصة إلى وجهات معينة، وكذلك نعرض أسعاراً جذابة عبر موقعنا على شبكة الإنترنت على مدار العام».
تكاليف الناقلة
إلى ذلك، قال متحدث رسمي لشركة فلاي دبي: تؤثر عوامل عدة في تكاليف وعائدات الناقلة، منها أسعار الوقود المتقلبة وأسعار صرف العملات، كما نضع في حسباننا البيئة التنافسية التي نعمل ضمنها ومبادئ العرض والطلب.
وتوقع محمود كامل، مدير عام ساند هيل جروب، أن ترتفع أسعار تذاكر الطيران خلال موسم الذروة الصيفي بنسب تتراوح بين 42% على شركات الطيران التجاري ونحو 35% على الطيران الاقتصادي، مدفوعة بارتفاع الطلب على الكثير من الوجهات خاصة العربية، مثل مصر والأردن ولبنان وتونس والمغرب، وبعض الوجهات الآسيوية، مرجعاً الارتفاع الكبير في الأسعار إلى عدة عوامل، أهمها ارتفاع الطلب مقابل عدم كفاية المعروض من السعة المقعدية لتلبية هذا الطلب على عدد من الوجهات، وكذلك ارتفاع تكلفة الوقود على شركات الطيران التي تسعى لتعويض هذه التكلفة برفع رسوم الوقود على تذاكر الطيران.
وأشار كامل إلى أن ذروة موسم السفر خلال صيف هذا العام، ستبدأ فور الانتهاء من العام الدراسي في أواخر شهر يونيو الجاري، وتستمر حتى نهاية شهر أغسطس مع عودة الأسر والعائلات، استعداداً للعام الدراسي الجديد مطلع سبتمبر المقبل.
ولفت كامل إلى أنه رغم طول موسم عطلات الصيف هذا العام، وامتداده لأكثر من شهرين بما يمنح الأسر مرونة أكبر في اختيار مواعيد السفر والعودة، فإن ذلك لن يحد من الارتفاع المتواصل في الأسعار لوجود مناسبات متعددة في خلال هذه الفترة، أبرزها عطلة عيد الأضحى والتي ستزيد من الضغط على رحلات العودة قبل انطلاق المدارس.
وقال كامل، إن مؤشرات الحجوزات على بعض خطوط الطيران لوجهات محددة تشير إلى نسب إشغال كاملة على كثير من الرحلات، خاصة في الأيام التي تلي انتهاء العام الدراسي مباشرة والأسبوع الأخير في شهر أغسطس، ولفت كامل إلى أن عدداً من شركات الطيران التي تمتلك أنواعاً مختلفة من الطائرات ستعمد إلى استخدام طائرات أكبر حجماً على الوجهات ذات الكثافة، أو تشغيل رحلات إضافية لتلبية الطلب في أيام الذروة.
ولفت كامل إلى أنه من أجل أن يحصل المسافرون على أسعار تذاكر منخفضة عليهم التخطيط المبكر لرحلاتهم وحجز التذاكر قبل السفر بفترة كافية بحدود 3 أشهر على أقل، والابتعاد عن اختيار أيام نهاية الأسبوع للسفر، والبحث في أسعار شركات الطيران لاختيار الأقل سعراً، وذلك عن طريق التعامل مع مكاتب سفر معتمدة أو من خلال مواقع شركات الطيران مباشرة.
المواقع الإلكترونية
من جانبه، قال مأمون حميدان، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والهند، لدى موقع «ويجو»، إن مواقع السفر والسياحة الإلكترونية تسعى لدفع العملاء للحجز عبر منصاتها من خلال تقديم أسعار وعروض تنافسية لجذب المسافر مما يعود بالنفع على المستخدم، كما تستفيد الشركات ومواقع الحجز الإلكترونية من ضبط النفقات التشغيلية وتوفر الوقت والجهد والمرونة في الحجز، لذلك غالباً ما يكون السعر أفضل وأوفر عن طريق الحجز الإلكتروني.
وأوضح حميدان أن أسعار حجوزات تذاكر الطيران على محرك البحث «ويجو» تختلف في فترة الأعياد والعطلات والفترات الأقل ازدحاماً وترتفع بمعدل 14%، لافتاً إلى تصدر مصر أبرز الوجهات السياحية في خلال عطلة عيد الفطر لمقيمي دول مجلس التعاون الخليجي ويتبعها السعودية والهند والإمارات والأردن ولبنان، مشيراً إلى أن اختلاف أسعار الحجوزات في أبرز الوجهات السياحية بين فترات العيد والفترات الأقل ازدحاماً يتراوح بين 22% لمصر و22% لباكو، و17% لجورجيا، و7% لبانكوك و15% للبنان.
زيادة الإيرادات وتعويض الخسائر
أرجع ناروز سركيس المدير العام لشركة بالحصا للسياحة والسفر، الارتفاع الكبير في أسعار تذاكر السفر لموسم الصيف وخاصة إلى الوجهات التي تشهد كثافة عالية في حركة المسافرين، إلى رغبة شركات الطيران في زيادة إيراداتها في موسم الذروة لتعويض التراجع الذي سجلته في المواسم التي سجلت انخفاضاً في الطلب، فضلا عن ارتفاع أسعار الوقود والتي تدفع شركات الطيران لزيادة رسوم الوقود على تذاكر السفر.
ولفت سركيس إلى أن شركات طيران تقوم خلال موسم الذروة بالبدء ببيع التذاكر بأسعار مرتفعة على الرحلات التي تشهد كثافة في الطلب إلى أن تحقق نسب إشغال للمقاعد تتراوح بين 60 إلى70% عندها تبدأ في مراجعة الأسعار، فإذا استمر الطلب على الرحلة قبل موعدها بفترة طويلة تواصل البيع على الأسعار المرتفعة، وبمجرد أن يتباطأ الطلب قبيل الرحلة بأيام قليلة تقوم بتخفيض الأسعار لجذب المسافرين ورفع معدل الإشغال.