14 أكتوبر 2009 23:35
حث المسؤولون الأميركيون المشرعين العراقيين يوم الثلاثاء الماضي على الإسراع في تمرير قانون الانتخابات الأساسي الذي سينظم عملية الاقتراع المزمع إجراؤها خلال شهر يناير المقبل، والتي تعتبرها إدارة أوباما مهمة وحاسمة لتسهيل انسحاب قواتها المقاتلة من العراق.
ففي بيان أصدره السفير الأميركي كريستوفر هيل، وقائد القوات الأميركية الجنرال راي أوديرنو، عبر فيه الرجلان عن انشغالهما البالغ إزاء تأخر البرلمان في التصديق على القانون الانتخابي الذي طال انتظاره، وطالبا من أعضاء البرلمان العراقي «التصرف بسرعة بشأن التشريع المهم الذي سيحدد معالم المشاركة السياسية الشفافة في هذا الاستحقاق الماثل أمام العراقيين». وهي المخاوف ذاتها التي عبر عنها قبل يوم من ذلك ممثل الأمم المتحدة في العراق، «آد ميلكير»، عندما أثار الموضوع مع المسؤولين العراقيين.
وكان المشرعون العراقيون قد استأنفوا مفاوضاتهم حول التشريع الذي يستعجل مسؤولو الانتخابات تمريره على ألا يتجاوز ذلك يوم الخميس القادم بهدف إتاحة ما يكفي من الوقت لتنظيم التصويت على القانون في البرلمان وإجراء الاستعدادات اللازمة، ولكن الاختلافات المستحكمة بين السياسيين تشي بأن العراقيين ربما لن يتمكنوا من احترام الموعد المحدد، ولذا جاء البيان الصادر عن السفير «هيل» والجنرال «أوديرنو» لتأكيد المخاوف الأميركية من التداعيات المحتملة لعدم التصديق على القانون وإخراج التشريع إلى حيز الوجود، ولاسيما بعدما حذر المسؤولون الأميركيون والعراقيون من أن تأجيل التصويت على القانون إلى ما بعد شهر يناير المقبل سيكون بمثابة انتهاك للدستور، ما قد يدخل النظام السياسي العراقي الناشئ حديثاً في أزمة، هو في غنى عنها.
ويحتدم الخلاف حالياً بين السياسيين العراقيين حول موضوعين خلافيين يتعلق الأول بالطريقة التي سيجري بها التصويت في مدينة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين العرب والأكراد والتركمان، وقد تستغل الأطراف المتصارعة نتائج الانتخابات لتعزيز مكانتها ودعم مزاعمها بشأن المدينة.
أما الموضوع الثاني المثير للجدل فيتمثل في طريقة تنظيم الاقتراع وما إذا كان الناخبون سيختارون القوائم الحزبية، أو سيصوتون مباشرة على الأفراد، أو أن يتم تبني خليط من الاثنين.
وعن هذه النقطة يقول «عز الدين الدولة»، وهو أحد المشرعين السُّنة: «إن كل حزب يسعى جاهداً إلى إقرار قانون يخدم مصالحه ويدعم حظوظه في الفوز».
وفي حالة عدم المصادقة على القانون بحلول اليوم الخميس ستُجرى الانتخابات بموجب قانون عام 2005 الذي يختار فيه الناخبون القوائم الانتخابية للأحزاب ولا يصوتون على الأشخاص، بحيث يتولى قادة الأحزاب بعد الاقتراع ملء تلك القوائم بأسماء السياسيين لشغر المناصب التي حصلت عليها القائمة، ولكن المرجع الشيعي السيستاني، انتقد ذلك القانون مشدداً على ضرورة تبني البرلمان لقانون يسمح للناخبين باختيار الأشخاص الذين يعرفونهم، وهو الأسلوب المعروف بالقائمة المفتوحة باعتباره الطريقة المثلى لإدخال وجوه جديدة إلى العملية السياسية.
ولأنه من المستحيل سياسياً على القادة الشيعة معارضة رغبة السيستاني فإنه من المرجح اعتماد صيغة تقر القائمة المفتوحة تلك.
ومن بين العراقيين العاديين الذين يفضلون القائمة المفتوحة «محمد جواد جيلان» الذي يملك محلا لبيع الهواتف النقالة في جنوب العراق، وقد عبّر لنا عن ذلك بقوله: «لن نصوت في الانتخابات إذا اعتمدوا القائمة المغلقة. نحن نريد أن نعرف لمن نعطي أصواتنا ونريد التصويت على أشخاص يعتنون بمصالحنا ويوفرون الخدمات».
ومن جانبه قال الجنرال «ستيفن لانزا»، المتحدث الرسمي باسم القوات الأميركية في العراق، خلال مؤتمر صحفي عقده في الأسبوع الماضي، إن التقليص المهم في عدد الجنود سيبدأ مباشرة بعد إجراء الانتخابات المقرر عقدها في 16 يناير المقبل، مؤكداً أن «الانتخابات ستكون لحظة المغادرة».
وكانت إدارة أوباما قد حددت موعداً لسحب قواتها بحلول شهر أغسطس القادم على أن تُبقي حوالي 50 ألفاً منها لأغراض التدريب وذلك تماشياً مع الاتفاقية الأميركية- العراقية التي تنص على مغادرة كافة القوات الأميركية للعراق مع نهاية 2011.
ندى بكري - العراق
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»