الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الخوف من البرابرة» ينفي نشر الحرية بالإكراه وفرض المساواة بالإخضاع

«الخوف من البرابرة» ينفي نشر الحرية بالإكراه وفرض المساواة بالإخضاع
5 يونيو 2010 21:36
في هذا الكتاب “الخوف من البرابرة: ما وراء صدام الحضارات”، يسعى المؤلف تزفيتان تودوروف إلى تحليل الأسباب المؤدية إلى ما يعرف بصراع الحضارات، والذي أدى، بحسب رؤية بعض أطراف الصراع، إلى الخوف الشديد من الطرف الآخر إلى حد التعامل معهم وكأنهم برابرة. يوضح الكاتب تزفيتان تودوروف في كتابه “الخوف من البرابرة: ما وراء صدام الحضارات”، أن الخوف من هؤلاء البرابرة المفترضين هو الذي يخشى أن يحوّلنا إلى برابرة، والسوء الذي نتسبب به لأنفسنا سيتخطى السوء الذي كنا نخشاه في الأساس، ويلفت إلى أن التاريخ علمنا أن الدواء يمكن أن يكون أسوأ من الداء، مستشهداً بأن الأنظمة التوتاليتارية قدمت نفسها كوسيلة لشفاء المجتمع البورجوازي من نقائصه، فأنتجت عالماً أكثر خطورة من ذاك الذي كانت تحاربه، غير أنه يعود ليؤكد أنه لا يزال هناك متسع من الوقت كي نغير هذا الاتجاه وننجو من هذه الهاوية التي أفرزتها إشكالية صراع الحضارات. ضعفاء وأقوياء يقول المؤلف “بعض ما مضى ما يقرب من عشرين عاماً على سقوط الاتحاد السوفييتي وما أتبعه من تحلل الكتلة الشرقية وانتهاء الحرب الباردة، انزوى الوهم الكبير الذي راود كثير من المفكرين آنذاك بحلول التفاوض مكان الحروب وسيادة السلم وانتشاره في أرجاء العالم، فالتوترات وأعمال العنف لا يبدو أنها سوف تختفي من التاريخ العالمي، لقد كانت المواجهة الكبرى بين الشرق والغرب قد أبعدت عن الواجهة عداوات وتباينات لن تتأخر عن أن تطفو على السطح، لم يكن من الممكن أن تختفي هذه النزاعات بسحر ساحر؛ لأن أسبابها العميقة كانت لا تزال قائمة، بل تعمقت في كثير من الأحيان، وأُضيفت تطورات جديدة زادت من حدة هذه الصراعات وجعلت تأثيرها أسرع من ذي قبل”. وتبعاً للواقع الجديد في عالم اليوم، يوضح تودورف أن هناك صراعاً بين الضعفاء والأقوياء، وهذا الصراع يولد لدى الفريق الأول الحسد والرفض، ولدى الفريق الثاني الازدراء أو التنازل أو الشفقة، يعتمد الفريق الأول على التفوق العددي وعلى الغضب، ويعتمد الثاني على التكنولوجيا والقوة. ويمكن أن تقسم بلدان العالم اليوم إلى عدة مجموعات وفق الطريقة التي يتعاملون بها مع الواقع الجديد، ويبين تودوروف أنه يمكن لأي بلد أن ينتقل بسهولة من مجموعة إلى أخرى، بحسب هوية الأهواء السائدة فيها وكذا التبدلات التي قد تنشأ على تراتيب هذه الأهواء. ويسمي تودوروف الشعور الجامح لدى المجموعة الأولى من البلدان “الشهية”، حيث انتاب شعوب هذه البلدان في أغلب الأحيان ولأسباب متنوعة، شعور بأنها نُحيت عن تقاسم الثروات وها قد حان دورها اليوم؛ لذا نرى السكان يريدون الإفادة من العولمة، ومن الاستهلاك ومن وسائل الترفيه وهم لا يوفرون أي وسيلة من أجل بلوغ هذا الهدف، حيث نجد أن اليابان هي التي فتحت هذا الطريق منذ عدة عقود وتبعتها بالسير بلدان جنوب شرق آسيا ومؤخراً الصين والهند، كما أن البرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا تسير في الاتجاه ذاته، ومعها روسيا التي تحاول تبديل هزيمتها في الحرب الباردة إلى مكاسب. حقد وخوف أما المجموعة الثانية من البلدان، فهي تلك التي يلعب فيها “الحقد” دوراً أساسياً، ونجم هذا الموقف عن إذلال حقيقي أو متخيل فرض عليها من قبل البلدان الأكثر ثراءً ونفوذاً، وينتشر هذا الموقف بنسب متفاوتة في قسم كبير من البلدان ذات الغالبية المسلمة، وبعض أقطار أميركا اللاتينية وفي بلدان أخرى آسيوية. أما سهام هذا الحقد، فتتوجه إلى البلدان الأوروبية المستعمرة سابقاً، وبشكل متزايد إلى الولايات المتحدة التي تُحمّل مسؤولية فقر الأفراد وعجز الدول، كما أن هناك حقداً قوياً تجاه اليابان في كل من الصين وكوريا، وهذا الحقد لا يهيمن بالطبع على كل الأذهان والقطاعات، إلا أنه يلعب دوراً بنيوياً في الحياة الاجتماعية؛ لأنه مثل بقية الأهواء الاجتماعية الأخرى، يطبع أقلّية مؤثرة وفاعلة. والمجموعة الثالثة من البلدان تتميز بالموقع الذي يحتله فيها “الخوف”، وهي البلدان التي يتشكل منها الغرب وسيطرت على العالم منذ عدة قرون، وخوفها يأتي من المجموعتين السابقتين، ولكنه ليس خوفاً من طبيعة واحدة، فمن بلدان الشهية يخشى الغرب من القوة الاقتصادية والقدرة على الإنتاج بأسعار أقل، وبالتالي استقطاب كل الأسواق. أما من بلدان “الحقد”، فإنها تخاف الهجمات المادية التي قد تأتي من جانبها، الاعتداءات الإرهابية، التفجيرات العنيفة، بالإضافة إلى الإجراءات الانتقامية التي يمكن لهذه البلدان أن تتخذها على صعيد الطاقة، كون أكبر احتياطي نفطي يوجد لديها. أخيراً، هناك مجموعة رابعة من البلدان موزعة على عدة قارات، ويمكن أن نطلق عليها اسم “التردد”، إنها المجموعة المتبقية التي يخشى أن يهيمن على أعضائها يوماً إما “الشهية” وإما “الحقد”، لكنها في الوقت الحاضر لا تزال متحررة من هذه الأهواء.. والموارد الطبيعية لهذه البلدان تنهب من قبل رعايا دول المجموعات الأخرى، بالتواطؤ الفاعل مع المسؤولين الفاسدين فيها، وتأتي الصراعات الإثنية لتزيد من أسى هذه البلدان، في الوقت الذي نرى فيه قسماً من سكانها، وهم غالباً ما ينتمون إلى الطبقات المعدمة، يسعون للنفاذ إلى “بلدان الخوف”، وهي بلدان أكثر ثراء من أجل أن يكسبوا معيشتهم. فشل مزدوج بالعودة إلى الحديث عن ما يعرف بـ “الخوف من البرابرة”، يذكر تودوروف أن ردة الفعل المفرطة أو المخطئة في تحديد الهدف من قبل “بلدان الخوف” تتمظهر في طريقتين تبعاً لحصولها على أرضها أو على أرض الآخر، حين يتعلق الأمر بأرض الآخر، فإن ذلك يعني الخضوع لإغراء القوة والرد على الاعتداءات بنشر قدرات عسكرية غير متكافئة والقيام بأعمال حربية، مثلما فعلت الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر من تدخلات في بلدان مثل أفغانستان والعراق ولبنان، إلا أن هذه السياسة تقود إلى فشل مزدوج، إنها تجعل الخصم أكثر قوة، فيما تجعلنا أكثر ضعفاً، أولاً لأن الاعتداء الذي ترد عليه لم تقم به دول وإنما أفراد لن يطالهم القصف المكثف ولا الاحتلال الذي تنفذه قوى عسكرية نظامية، وثانياً لأن الأمر يتعلق بالحقد والثأر الناجمين عن الإذلال الذي لن يزول من خلال تكبيد البلد هزيمة جديدة -بل على العكس من ذلك- باستطاعة الجيش الأميركي وحلفائه تدمير الجيوش المعادية، لكنهم بذلك لا يقومون سوى بتغذية حقد السكان، وهو المصدر الأساسي للاعتداءات التي حصلت في أساس المشكلة. كما أن عمليات التعذيب التي تحدث تغذي الرغبة في الانتقام، وترسخ لدى الأفراد المسؤولين عن التفجيرات المعادية للغرب إحساساً بأن مشاعرهم الجامحة محقة وبأن أفكارهم صحيحة، أي أن هذه السياسة تدمر العالم الغربي من الداخل؛ لأنه من أجل حماية القيم الديمقراطية التي نحب أن نجد أنفسنا مدفوعين للتخلي عنها، كيف لنا أن نفرح بالانتصار على عدو شنيع إذا كان علينا من أجل تحقيق النصر أن نصبح مثله. البربرية والحضارة يؤكد تودوروف ما سبق بالقول، أنه حين يصبح “كل شيء مسموحاً” في محاربة الهلع يبدأ التصدي للإرهاب بتلبس صورة الإرهابي الأساسي، إذا كل الإرهابيين في العالم يعتقدون أنهم يتصدون للإرهاب وأنهم لا يقومون سوى بالرد على عمل مروّع سابق.. إنهم ليسوا الوحيدين الذين يعتمدون هذا المنطق، الواقع يشير إلى أننا نجد دوماً ودون أية صعوبة عمل عنف سابقاً يبرر عنفنا الحالي، ولكن بهذه الطريقة لن تتوقف الحرب أبداً. ثم يعرج الكاتب على تحليل العلاقة بين البربرية والحضارة، لافتاً إلى أن العلاقة بين الشعوب أو بين المجتمعات قد يحدث لها الأسوأ على الإطلاق عندما نقع في براثن ذوي الأحكام المطلقة والذين يتخذون من رؤاهم منطلقاً لاحتلال الشعوب الأخرى وفرض رؤيتهم عليها، وهو المنطق الذي اعتمده منظرو الاستعمار في الماضي. ويعود تودوروف إلى أصل كلمة البرابرة التي وصلتنا من اليونان القديمة، حيث كان استعمالها شائعاً خاصة بعد الحرب ضد الفرس، ومن خلال هاتين الكلمتين كان بالإمكان تقسيم سكان العالم إلى قسمين غير متساويين: اليونانيون أي “نحن”، والبرابرة أي “الآخرون”، أي الأغراب. ولكي يتم تحديد الانتماء إلى هذه المجموعة أو تلك، كان المقياس هو امتلاك اللغة اليونانية، فالبرابرة كانوا إذا كل هؤلاء الذين لا يفهمون هذه اللغة ولا يتكلمونها، أو الذين كانوا يتحدثونها بشكل سيئ. ثم يؤكد المؤلف أن توحش البربري غير محدد بدقة، ومن وثيقة لأخرى لا تتقاطع الإشارات دائماً، إلا أنه من الممكن أن نستخلص مجموعة مواصفات متقاربة وذات دلالة، منها: 1- ان البرابرة هم الذين يتجاوزون القوانين الأساسية للحياة المشتركة، فلا يعرفون تحديد المسافة المطلوبة في علاقتهم بذويهم، إن قتل الأم وقتل الأب وقتل الولد من جهة، وزنى المحارم من جهة أخرى هي علامة على البربرية. 2- البرابرة هم الذين يقيمون قطيعة فعلية بينهم وبين سائر البشر، ونقيض البربرية، يكمن هنا في ممارسة الضيافة حتى إزاء من لا نعرفهم، أو تعزيز الصداقة، بحيث نعطي للآخرين ما نود أن نتلقاه. 3- البرابرة هم الذين يعيشون في عائلات منعزلة بدل أن يتجمعوا في مساكن مشتركة أو أن يشكلوا مجتمعات تحكمها قوانين توافقوا عليها جميعاً، أي أن البرابرة هم من أنصار الفوضى والتعسف ولا يعترفون بالنظام الاجتماعي، وبالإجمالي، فالبرابرة هم أولئك الذين ينكرون الإنسانية الكاملة للآخرين. حرب العوالم في المقابل، يوضح الكاتب أن المتحضر هو الذي في كل مكان وزمان يعرف كيف يقر بإنسانية الآخر التامة، ولتحقيق ذلك لا بد من المرور بمرحلتين: في الأولى، نكتشف أن للآخرين أنماط عيش مختلفة عنا، وفي الثانية نتقبل أنهم يتشاركون معنا بالإنسانية نفسها، بحيث يكون المقتضى الأخلاقي ترافقاً تماماً مع البعد الفكري. ويؤكد تودورف معتقده بالقول بأن الانغلاق على الذات يتعارض مع الانفتاح على الآخرين، وترفض بأن تتعرف إلى أي شيء لا ينتمي إلى تجربتها الخاصة، ولا تقدم شيئاً للآخرين، وأن تبقى عمداً متقوقعة في بيئتها الأصلية، فذاك هو مؤشر البربرية. أما الاعتراف بتعددية المجموعات والمجتمعات والثقافات الإنسانية والوقوف على قدم المساواة مع الآخرين، فهذا جزء أساسي ومحوري في الحضارة، والانفتاح التدريجي لا يختلط مع مناصرة الأجانب أو مع التفضيل المنهجي للأغراب، ولا مع أي تعلّق جامح بالمغايرة، بالمقصود بكل بساطة بمفهوم الحضارة هو القدرة المعقولة على الإقرار بإنسانيتنا المشتركة. ويدلف تودوروف إلى ما يعرف بـ”حرب العوالم”، مشيراً إلى أنه حين يتطبع أي إنسان بعدة ثقافات في الوقت ذاته فلا يمكن أن نضع موضع التشكيك إمكانية تعايشها السلمي، ولكن يمكننا أن نتصور أن الوضع يتغير حين ننتقل إلى المستوى الجماعي، خاصة حين تتخطى الثقافة حدود البلد أو عدة بلدان، وتلك حال الأمم في أوروبا وقد صدر كلام كثير في الماضي حول خصوصية التقاليد الألمانية أو الإنجليزية، وأنماط التعرف الإسبانية أو الإيطالية والذهنية الفرنسية والروحية البولونية، وحول استحالة التوفيق بينها. غير أنه منذ أصبحت هذه البلدان تنتمي إلى كيان سياسي واحد هو الاتحاد الأوروبي، راح السؤال نفسه يطرح على مستوى أعلى، وصار يجري التساؤل إذا ما كانت الاختلافات الثقافية بين الأوروبيين والأميركيين، أو بشكل أشمل بين الغربيين والصينيين أو الهنود أو المسلمين قد تؤدي إلى نزاعات مستترة أو مفتوحة، وهو ما قد عبر عنه صمويل هنتنجتون عبر مؤلفه الأشهر “صدام الحضارات”، الذي تناول بالتفصيل ما يموج به عالم اليوم من صراعات بين أمم وأقطار عديدة فيه محللاً أسبابها وغاياتها، وكذا وسائل تلك الصراعات ودوافعها، والذي تبلور آخر الأمر إلى صراع بين الإسلام والغرب. الغاية والوسيلة يعرض الكاتب إلى مفهوم “الإبحار في قلب المخاطر”، مؤكداً أن الغاية لا تبرر الوسيلة، وهي لا تعلمنا كذلك ما هي الوسائل التي تتيح لنا التوصل إليها، أن يتمكن كل الناس من العيش بكرامة مهما كان جنسهم أو دينهم أو وضعيتهم الاجتماعية، فتلك بدورها غاية تستحق أن يعمل لتحقيقها، لكننا نجهل ما هي الوسيلة الفضلى لبلوغ ذلك، غير أننا نجد صعوبة في عدم الوقوع في الدوجمائية أو العدمية ولا في التمركز الإثني، بحيث يصبح كل واحد منا يجد نفسه منقاداً للتنقل بين خطرين “أحياناً أكثر”. والخطر الذي يكمن في الحفاظ على قدر كبير من التسامح إزاء الفروقات الثقافية التي غالباً ما تكون مزعجة، وذلك الذي يقودنا إلى محاربة هذه الفروقات بدرجة عالية من التشدد تقود إلى تعزيزها، وهذا ما تبرزه عدة وقائع من الحياة العامة في الفترة الأخيرة. ويخلص المؤلف في نهاية كتابه إلى أنه كي يكون الحوار مجدياً، يجب أن يلبي شرطاً مزدوجاً من جهة، عليه أن يعترف بتنوع الأصوات المنخرطة في تبادل الآراء ولا يفترض مسبقاً أن واحداً منها يشكل المقياس السمح فيما الآخر ينظر إليه كانحراف، أو تخلف أو عزيمة سيئة. وهذا الحوار بين رعايا من مختلف البلدان ومن مختلف الثقافات لا يجري في فراغ ولا يمكننا محو قرون التاريخ التي سبقته وهي قرون سيطرت خلالها “بلاد الخوف” الحالية على “بلاد الحقد” الحالية، إننا ندرك إذن ما هي المستلزمات التي تترتب على النخب السياسية والفكرية الغربية إذا رغبت في الانخراط بهذا الحوار، إن الشرط المسبق في هذا المجال يكمن في توقف هذه النخب عن اعتبار نفسها تجسيداً للحق والفضيلة والعالمية، وهو ما يقدم التفوق التكنولوجي البرهان عليه، وبالتالي عليها التوقف فوراً عن وضع نفسها فوق قوانين وأحكام الآخرين، إن الحق في التدخل العسكري الذي منحته لنفسها بعض القوى الغربية لا يخلو فقط من أي مرتكز باستثناء القوة، وإنما يحتمل أن يجعل المثل العليا التي يدافع عنها الغربيون -الحرية والمساواة والعلمنة وحقوق الإنسان- تبدو وكأنها تمويه ملائم لرغبتها في السيطرة، وهذا بالتالي ما يفقد هذه المثل قيمتها، علينا أن نكرر القول: لا يمكننا نشر الحرية بالإكراه، ولا المساواة عن طريق الإخضاع. الكرامة للجميع من أجل أن يكون الاندماج في مجموعة واحدة سهلاً، من الضروري الاعتراف بكرامة متساوية لمختلف أعضاء المجتمع، فحين يشعر المرء بأنه محترم ضمن ما يعتبره هويته الجماعية فذلك يقوده إلى الانفتاح على الآخرين، وليس إلى الانغلاق الدفاعي داخل جماعته، إننا ندرك جيداً هذا المبدأ التربوي، إن الولد يتقدم من خلال التشجيع بسرعة أكبر مما يفعل من خلال تلقي الملامات، والبالغون لا يختلفون كثيراً في هذا المجال عن الأولاد، لا يكفي أن نشجب مظاهر التمييز المخالفة للقانون والقواعد الرسمية، سواء تعلّق ذلك بالحصول على عمل أو مسكن، بل يجب كذلك اتخاذ إجراءات إيجابية مشجعة، لهذا السبب من المفيد أن نرى في عالم السياسة والإعلام وجوهاً وأسماء تمثل الأقليات الموجودة في البلاد؛ لأن هذين المجالين تسلّط عليهما الأضواء. مسؤولية الغرب إذا كان رجال السياسة الغربيون يريدون لهذه المثل العليا أن تبقى ناشطة، فعليهم أن يبادروا إلى سحب قواتهم من البلدان التي يتدخلون فيها “في الوقت الحاضر في العراق وأفغانستان”، وإقفال السجون غير المشروعة ومراكز التعذيب، والمساعدة على قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، فمن أجل أن يتمكن المواطنون المسلمون في هذه البلدان من الالتفات إلى الأسباب الداخلية للخيبات التي يعيشون، لا بد من إزالة الأسباب الخارجية النافرة، تلك التي يتحمّل الغرب مسؤوليتها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©