السبت 19 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تخمة كاذبة ونعاس لا يقاوم

تخمة كاذبة ونعاس لا يقاوم
10 أكتوبر 2005

صلاح الحفناوي:
نوبات من النعاس الذي لا يقاوم تطارد الكثير من الصائمين بعد تناول وجبة الإفطار، حتى أن بعضهم لا يقوى على النهوض من مكانه على مائدة الطعام··· لماذا؟· الكثيرون يعانون من عطش لا يرتوي، حتى أنهم يعجزون عن تناول الطعام بسبب كميات المياه التي يشربونها فور الاستماع إلى آذان المغرب، وإذا أكلوا عانوا من التخمة الكاذبة وعسر الهضم بسبب الكميات الكبيرة من المياه التي تملأ المعدة، يحدث ذلك كثيرا خلال الشهر الفضيل·· لماذا؟·
البعض يشكو من الصداع الشديد المؤلم في الجزء الأخير من نهار رمضان وقبل موعد الإفطار بساعة أو ساعتين، صداع يتكرر كل يوم تقريبا، رغم عدم الشكوى من أي متاعب صحية أخرى يمكن أن تسبب الصداع··· لماذا؟·
طرحنا هذه التساؤلات على الأستاذ الدكتور أحمد الفاروق عبد الفتاح استشاري الأنف والأذن والحنجرة في مركز المغربي بأبوظبي، ونبدأ بنعاس ما بعد الإفطار، يقول: الشعور بالنعاس بعد تناول وجبة الإفطار ليس عرضا مرضيا يستحق القلق، فالصائم يحتاج في الغالب إلى لحظات من الراحة والاسترخاء بعد الإفطار حيث يشعر بفتور يصل أحيانا إلى حد الرغبة الشديدة في النعاس· وتظهر هذه الرغبة بشكل واضح إذا تناول الصائم وجبة دسمة تحتوي على كمية كبيرة من الشحوم والزيوت النباتية الحيوانية وبكمية كبيرة، أو إذا أسرف في تناول الطعام، فالمعروف انه بعد تناول الطعام، فانه يتجه إلى الجهاز الهضمي لتبدأ عمليات الهضم والامتصاص المعقدة والتي تشمل الكثير من المراحل والمهام، مثل إفراز أحماض وأنزيمات هاضمة وتقليب الطعام، ودفعه عبر القناة الهضمية بكل مكوناتها، وعمليات امتصاص للعناصر الغذائية في الأمعاء الدقيقة، ويحدث نتيجة لذلك تدفق كميات إضافية من الدم إلى الجهاز الهضمي للوفاء باحتياجات عملية الهضم، مما يؤدي إلى انخفاض نسبي في نصيب مناطق أخرى بالجسم من الدم المحمل بالأكسجين والغذاء، ومنها الدماغ، وهو ما يؤدي إلى الإحساس بالخمول والرغبة في النعاس· ويستمر هذا الخمول المصحوب بتسارع نسبي في معدل دقات القلب حتى ترتفع نسبة السكر في الدم وتصبح ثابتة لتزويد الجسم بما يحتاجه من طاقة، وتتراوح هذه الفترة بين ساعة إلى ثلاث ساعات تبعا لنوع الطعام وكميته وكفاءة الهضم· فالشعور بالفتور إذن هو عرض طبيعي لا يستوجب القلق وهو يتزايد طرديا مع كمية ما نتناوله من طعام ونوع الطعام·· وأفضل طريقة لتجاوز حالة الفتور هذه هو أن نبدأ إفطارنا بتناول بضعة حبات من التمر، ثم نؤدي صلاة المغرب لنبدأ بعد ذلك في تناول وجبة الإفطار الرئيسية، والمعروف أن التمر يحتوي على سكريات عالية سهلة الهضم، وبما أن المعدة لن تكون ممتلئة بالطعام، فإن الجسم يمتص سكريات التمر بسرعة كبيرة مما يؤدي إلى رفع نسبة السكر في الدم إلى الحدود الطبيعية، وهذا من شأنه أن يكسر حدة الجوع فيقل ما نتناوله من طعام خلال وجبة الإفطار الرئيسية من ناحية، ومن شأنه كذلك أن يقلل حالة الفتور التي تعقب تناول الإفطار الرئيسي نظرا لارتفاع نسبة السكر في الدم، فإذا أضفنا إلى ذلك التقليل من تناول الأطعمة الدسمة ذات المحتوى المرتفع من الدهون والشحوم والتي تتميز بصعوبة هضمها، فإن الصائم سوف يتجنب تماما الشعور بالنعاس والفتور أو على اقل تقدير سوف تخف حدة هذا الشعور إلى حد كبير بحيث لا تؤثر في نشاطه·
إنذار طبيعي
ü وماذا عن الظمأ الذي لا يرتوي·· على الرغم من قيام الكثيرين بتناول الشاي والقهوة اعتقادا منهم بأنهما يكسران حدة الشعور بالعطش؟
يقول أحمد الفاروق: الإحساس بالعطش هو إنذار طبيعي من الجسم بحاجته إلى الماء، ومن الطبيعي أن نشعر بالعطش في نهاية نهار رمضان وبعد امتناع لعدة ساعات عن تناول أي سوائل، ولذلك ينصح الصائم بتناول الماء الفاتر والعصائر الطبيعية غير المثلجة والحساء الدافئ بعد آذان المغرب، ولا ينصح الصائم بالإفراط في تناول الشاي والقهوة سواء لتعويض حاجة جسمه من السوائل أو بحجة كسر حدة الإحساس بالعطش والتي ليس لها أي أساس علمي·· حيث تحتوي هذه المشروبات على محتوى مرتفع من الكافيين الذي يسبب الأرق، يضاف إلى ذلك أن الإفراط في تناول الشاي بعد الطعام يؤثر في عملية الهضم ويعوق امتصاص عنصر الحديد من المعدة والأمعاء حيث أن مادة التانين الموجودة في الشاي تحول دون امتصاص نسبة كبيرة من الحديد في الطعام، ونقص الحديد يؤدي إلى الإصابة بأحد أنواع الأنيميا أو فقر الدم، وهذه المادة تسبب أيضا الإمساك الذي تزداد حدته خلال الشهر الفضيل بسبب توقف الصائم عن تناول السوائل طوال نهار رمضان من ناحية، وبسبب غياب الخضراوات والفواكه والأطعمة عن موائد الإفطار في الكثير من الأحيان من ناحية أخرى، حيث تحل محلها أصناف المعجنات والحلوى واللحوم·
العصائر··· أفضل
والأفضل من تناول الشاي والقهوة في رمضان، تناول العصائر الطبيعية السكرية مثل شراب المشمش المجفف أو قمر الدين والعصائر الطازجة مثل عصائر التفاح والجزر والبرتقال·· فهذه كلها مواد غذائية غنية بالسكريات وسهلة الهضم وذات محتوى مرتفع من الفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم·
الإحساس الشديد بالعطش المستمر أو الظمأ الذي لا يرتوي يرجع ـ ما لم يكن هناك سبب مرضي كالإصابة بالسكري مثلا ـ سببه الرئيسي الى الإفراط في تناول أطعمة ذات محتوى مرتفع من ملح الطعام و أملاح الصوديوم الأخرى·· وهو ما يحدث كثيرا بسبب الإقبال على المخللات بأنواعها المختلفة مثل المكدوس وغيره من الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الملح، مما يؤدي إلى إحساسهم المستمر بالعطش وعدم الارتواء، بسبب ارتفاع نسبة الصوديوم في الدم، وكذلك الإفراط في تناول المواد السكرية غير الطبيعية مثل أصناف الحلوى يؤدي إلى نفس النتيجة، وافتقار الطعام إلى كميات كافية من الخضراوات الطازجة والفاكهة سبب آخر· فالإحساس المستمر بالعطش بعد تناول الطعام مؤشر مهم يوجب مراجعة ما نتناوله من طعام وبالتحديد مراجعة محتواه من السكر ومن ملح الطعام، ومن المشروبات القاتلة للظمأ والتي يكثر استعمالها خلال شهر رمضان شراب عرق السوس أو العرقسوس، والذي يحتوي على مواد طبيعية لها تأثير مشابه لتأثير الكورتيزون من حيث تحفيز احتفاظ الجسم بالماء، ولكن لا ينصح الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بتناوله حيث أن احتفاظ الجسم بالماء يتعارض من علاج الضغط المرتفع·
ونصل إلى شعور بعض الصائمين بالصداع خلال نهار رمضان·· يقول الدكتور أحمد الفاروق عبد الفتاح: خلال شهر رمضان تتغير عاداتنا الغذائية بشكل كبير فالصائم يتناول وجبتين بدلا من ثلاث، وتحل وجبة السحور محل وجبة الإفطار في الأيام العادية، وتحل وجبة الإفطار بعد آذان المغرب محل وجبتي الغداء والعشاء، والمعروف انه عندما يواجه أي إنسان ظروفا خاصة مختلفة عن المعتاد تحدث لديه ردود فعل تتناسب مع حجم التغيير في السلوك المعتاد، وبعد 11 شهرا من النظام الغذائي العادي والمألوف ينتقل الصائم وبشكل مفاجئ إلى نظام غذائي جديد وحتى يتأقلم الجسم ويتعود عليه يحتاج إلى عدة أيام· والتفسير العلمي لأعراض الصداع والتوتر أنها تنتج عن هبوط أو انخفاض مستوى السكر في الدم عما كان عليه قبل الصيام· ويمكن التغلب على هبوط نسبة السكر في الدم عن طريق تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة معقولة من البروتينات والدهون وبدون إفراط خلال وجبة السحور، فالمواد السكرية ترفع مستوى السكر في الدم بسرعة ولكن المستوى يهبط بسرعة أيضا، بعكس المواد الدهنية التي ترفع نسبة السكر في الدم ببطء وتهبط هذه النسبة ببطء أيضا·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض