12 أكتوبر 2009 23:18
يسود الوسط السينمائي في المغرب حالة من التفاؤل بمستقبل الفن السابع خصوصا في ظل وفرة الإنتاج وبروز جيل من المخرجين الشباب، ويؤكد مهنيو السينما المغربية أن الإنتاج السينمائي أصبح يشكل نشاطاً فنياً أساسياً في المغرب وأن لم يرتق بعد ليصبح صناعة حقيقية.
وحققت السينما المغربية خلال الفترة الأخيرة طفرة كبيرة بفضل مجموعة من العناصر الإيجابية التي ميزت المشهد السينمائي فإلى جانب الارتفاع النسبي في وتيرة إنتاج الأفلام الطويلة ظهر جيل جديد من المخرجين سيواصل رحلة التعبير بالصوت والصورة، كما توسعت خريطة المهرجانات السينمائية بظهور مهرجانات جديدة ليصبح المغرب على رأس قائمة الدول العربية التي تحتضن أكبر عدد من المهرجانات السينمائية. ومن العناصر الإيجابية الأخرى التي ميزت المشهد السينمائي بالمغرب ارتفاع الدعم الممنوح للأفلام حيث تجاوز الدعم الممنوح للأفلام 50 مليون درهم في السنة، وقد ساهم هذا الدعم في خروج مشاريع سينمائية متنوعة للوجود شملت أسماء جديدة على مستوى الإخراج والتأليف.
وتعد التجربة المغربية في مجال دعم الأفلام تجربة رائدة على مستوى العالم العربي، حيث يعمل صندوق دعم الأفلام بشكل مستقل عبر لجنة منتقاة من الوسط الفني والثقافي على تشجيع الصناعة السينمائية المغربية، ويخصص ميزانية مهمة لإنتاج كل شريط سينمائي ترى لجنة الانتقاء أنه يستوف الشروط اللازمة، ويساهم هذا الصندوق وهو هيئة تابعة للمركز السينمائي المغربي في تحقيق سينما حقيقية وفي الرفع من نسبة الإنتاج. ولا ينحصر دور الصندوق في تقديم الدعم المالي فقط ولكن أيضا في المساعدة على مستوى كتابة السيناريو.
ولم يكن من السهل أن تحقق السينما المغربية كل هذه الإنجازات دون توفر إرادة عمومية لتطوير السينما ودون وجود شخص على رأس جهاز صناعة السينما يؤمن بامكانية السينمائيين المغاربة ويمدهم بالدعم اللازم كل سنة لتحطيم الرقم القياسي في إنتاج الأفلام، فقد حقق الناقد نور الدين صايل الذي يرأس المركز السينمائي نجاحا كبيرا في إدارة دفة الصناعة السينمائية وتضاعف عدد الأفلام الطويلة والقصيرة خلال السنوات التي مضت منذ تسلمه رئاسة جهاز السينما.
ورغم ذلك لا زالت السينما المغربية تعاني من مشاكل كثيرة كضعف التوزيع وانخفاض قاعات العرض، ويجمع النقاد والسينمائيون المغاربة على أن اعتماد المركز السينمائي المغربي على سياسة تشجيع الإنتاج السينمائي دون فرض شروط صارمة على جودة ونوعية العمل، أثر سلبا على مستوى السينما المغربية، وجعل الإنتاج يتكاثر كما على حساب النوع فظهرت أفلام هزيلة لا ترقى إلى ما يتطلع له المغاربة في معالجة قضاياهم الاجتماعية سينمائيا ولا تعكس الزخم الإنتاجي والمواهب السينمائية والمناخ والدعم الممنوح لقطاع السينما. ورغم ظهور أفلام تتميز بجدية طرحها لمواضيعها، وأخرى حققت نجاحات جماهيرية استثنائية إلا أن البحث عن السبل الكفيلة بجذب الجمهور ومصالحته مع الفن السابع، ظل يشغل بال السينمائيين الذين اعتبروا أن هذا الزخم الإنتاجي والكم الكبير من المهرجانات السينمائية لا يساهم بشكل فعال في تسويق الأفلام المغربية ولا يفتح لها أبواب أسواق جديدة. ومن بين السلبيات التي ميزت المشهد السينمائي بالمغرب خلال الفترة الأخيرة عدم عرض الأفلام في قاعات السينما فقد ظل الفيلم المغربي رهين المهرجانات المحلية والدولية واقتصر عرض الأفلام في دور السينما على عدد قليل منها بينما يتم بيع باقي الأفلام للقنوات الفضائية دون عرضها في السينما.
وأثار هذا الموضوع جدلا واسعا بين السينمائيين وطرح أسئلة كثيرة حول جدوى إنتاج 18 فيلما وعرض خمسة منها فقط في دور السينما رغم وجود نص تشريعي خاص بصندوق الدعم يلزم كل منتج بضرورة إخراج فيلمه إلى القاعات في حدود 18 شهرا منذ بدء تصويره.
وتؤثر الأزمة التي تتخبط فيها القاعات السينمائية بالمغرب منذ عقدين من الزمن على عرض الأفلام، ففي الوقت الذي كان فيه من المفروض أن يزداد عدد صالات العرض السينمائي، سجل عدد القاعات السينمائية تراجعا مخيفا واقتصر عمل بعضها على فترة محددة في النهار دون العمل ليلا وفي العطل الأسبوعية فقط. ويوجد بالمغرب حاليا تسعون قاعة سينمائية بينما تحتاج السينما المغربية إلى نحو 250 قاعة لعرض أعمالها بالإضافة إلى الأفلام العربية والأجنبية التي يتم تسويقها في المغرب.