دبي- سامي عبدالرؤوف: تحت رعاية الفريق اول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع راعي جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم تواصل الجائزة فعالياتها الثقافية لليوم الثالث على التوالي بمحاضرتين للرجال في غرفة تجارة وصناعة دبي وللنساء في جمعية النهضة النسائية· فيما شهدت فعاليات اليوم الثاني محاضرة للدكتور زغلول النجار للنساء عن ' الاعجاز العلمي في السنة المطهرة' ومحاضرة للرجال قدمها الدكتور صفوت حجازي أمين عام دار الانصار للشؤون الاسلامية بمصر وعضو المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة، تحت عنوان ' كيف نكون رجالا'·
فروق جوهرية
في البداية فرَق الدكتور حجازي بين الذكورة والرجولة، مشيرا الى ان الثانية- الرجولة- هي التي تحدث عنها القرآن والسنة باستفاضة واهتمام وهى صفات واخلاق يتميز بها الانسان سواء كان ذكرا او أنثى، فيما يقصد بالذكور الامور الطبيعية التي وهبهاالله للذكر كالخشونة واللحى، لافتا الى أن السيرة النبوية عرفت نساء خيرا من الرجال ، ممثلا لذك بأم عمار التي كانت أول شهيدة في الأسلام وضحَت في سبيل الاسلام بحياتها، وايضا أم عمارة التي دافعت عن الرسول حين فرَ الرجال في معركة أحد، حيث لم يبق حول الرسول الا قلة قليلة تحمي النبي من الكفار وكانت هى رضي الله عنها واحدة من هؤلاء، لافتا الى مثال ثالث من النساء التي وصفت بالرجولة وهى أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها التي وقفت بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحت بمالها وكل ما تملك من أجل نصرة ذلك الدين·
وأشار الدكتور حجازي الى ان معاني الرجولة ما زالت ممتدة لدى النساء في العصر الحديث، مستشهدا على ذلك بنساء فلسطين اللواتي يقدمن الشهيد تلو الشهيد ولا يمتنعن عن الاستمرار وحماية الاوطان رغم كل التضحيات التي تقدم منذ سنوات طويلة، مشيرا الى أن الأم الفلسطينية تربي ابنها وتقدمه فداء للوطن ثم ما تلبث وتجهز الابن الذي يله ولا تنحني او تلين·
وذكر عضو المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة بمصر أن الله أخبر عن صفات الرجال في القرآن وجاء الحديث بصفة العموم من خلال استخدام لفظ الرجل نكرة وهو ما يدلل على أن هذه الصفات قد يشترك فيها الذكور والاناث، ومن ذلك ما ورد في سورة التوبة في قوله تعالى:' لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطَهرين'، فالله سبحانه وتعالى عدد لنا من صفات هؤلاء الرجال أنهم موجودون في المساجد باعتبارها مصانع الرجال والمحضن الخصب لتكوين نماذج جيدة، وأيضا من صفاتها - الرجال- أنهم يحبون الطهارة والنظافة من كل الادران المادية والمعنوية حتى أنهم يحافظون على الطهارة في كل وقت وحين بالرغم من غياب السبب الذي يستدعي ذلك كالصلاة·
رجال النور
ثم انتقل الداعية الاسلامي الدكتور صفوت حجازي للحديث عن صفات الرجال في سورة النور التى قال الله فيها: ' في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار'، حيث ركز المولى من جديد على صفة المداومة على المسجد والانشغال بطاعة الله والاستمرار في الذكر، لانه من المهم أن ينشغل المسلم بالتسبيح في بيوت الله في أوقات الغدو والاصال دون أن يلهيه عن ذلك متع الحياة الزائلة، وأيضا يذكر المولى لنا من صفات هؤلاء الخوف من الله ومن يوم القيامة التي تتقلب فيه القلوب والابصار، مشيرا الى ان الخوف نوعان، الاول فطري يشترك فيه كل البشر كالخوف من الحيوانات المفترسة والآلات الحادة، أما النوع الثاني فهو خوف العبادة والذي يجب أن يختص به الله وحده، فلا يصح أن يخاف مخلوق من مخلوق مثله أن يقطع رزقه·
أما بالنسية لصفات الرجال الأخرى فقد أشارت اليها سورة الأحزاب في كلام الخالق عز وجل حين قال: ' من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ·· '، فالله يرسم الطريق أمام من يريد أن يكون في مكانة عالية وهو مقام الرجوله بأن يصدقوا وعد الله الذي أخذوه على أنفسهم بأن يكون سبحانه لهم ربا ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا وأن يرضوا بالاسلام دينا·
ودعا أمين عام دار الانصار للشؤون الاسلامية بمصر المسلمين الى مراجعة عهدهم مع الله وتجديد الالتزام بأوامر الخالق دون أن يبدلوا دين الله بالعادات أو الثقافة المختلفة·
جهد الصادقين
واضاف الدكتور صفوت حجازي إن الله أكمل صفات الرجال الذين يحبهم في سورة القصص والتي اشار فيها الى نوع مختلف من الرجال وهو النوع الذي يهتم بأمور الدين بصورة فردية ويتحمل توضيح سماحة الاسلام بنفسه، فقد قال الله تعالى: ' وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا موسى أن الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج اني لك من الناصحين '، فهذا الرجل التزم بصفات الشهامة وقدّم النصيحة المخلصة، ولذلك فالله يريد من الرجال الصادقين ان يبذلوا الجهد في نصح الناس الى الخير حتى يطبقوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي خاطب فيه الصحابة :' أتدرون لمن النصيحة، قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال صلى الله عليه وسلم النصيحة لله ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم'·
ثم استعرض الداعية الاسلامي الدكتور صفوت حجازي نموجا آخر للرجولة الفردية معتمد في ذلك على القصة التي وردت في سورة ياسين والتي ذكرها قول الحق سبحانه وتعالى: ' وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى، قال يا قوم اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجرأ وهم مهتدون ···'، مؤكدا ان الله يريد من الرجال الذين اختصهم بالذكر ان يبلغوا كل أية عرفوها او حكما أدركوه، على أن يكون ذلك بالحسنى وباللين ويبذلوا من أجل ذلك الغالي والنفيس·