أحمد مراد ? (القاهرة)
ينسب والد عالم الكيمياء الشهير جابر بن حيان إلى قبيلة «الأزد»، وهي قبيلة عربية كانت تعيش في اليمن، وقد عاش فترة في الشام، وبعدها هاجر إلى بلاد فارس، واستقر في قرية طوس التابعة لمدينة مشهد، وعمل في دكان للعطارة، وبعد فترة ولد جابر في عام 102 هجرية 720 ميلادية. عمل جابر مع أبيه في العطارة، وقد حرص على تعلم كل ما يتصل بعلم النباتات والأعشاب والدواء والكيمياء، كما تعلم العديد من معارف الفلاسفة القدماء، حتى أصبحت لديه ذخيرة كبيرة من المعارف الطبية والفلسفية والطبيعية والكيميائية.
وبعد وفاة والده، عكف جابر بن حيان على الدراسة والقراءة، ودراسة علوم الطبيعيات والرياضيات، وانتقل إلى الكوفة عاصمة الخلافة العباسية، بغرض التوسع في طلب العلم، وبعد فترة طويلة من الدراسة والتحصيل عزم على بناء معمل خاص به، بدأ باختبار تجارب القدماء في الكيمياء، واعتاد على كتابة وتسجيل الملاحظات والنتائج، وكثيراً ما اكتشف أن ما نقلته الكتب القديمة غير صحيح، وكان أول كشفين له هو ماء الذهب والماء الملكي، حيث إنه وضع خاتم ذهب في كأس من الماء وراح يجرب عليه الأحماض، وإذ به يرى أن الماء يذيب الذهب، ويرى بعينه الذهب يصبح ماء. توالت اكتشافات ابن حيان العلمية، ومنها ماء الفضة، والورق الذي لا يحترق، وحجر الكي أو حجر جهنم، والمداد المضيء من صدأ «بيريت» الحديد، كما حضّر طلاء يقي الثياب من البلل، وطلاء يقي الحديد من الصدأ، وطلاء يقي الخشب من الحرق، واكتشف عنصر البوتاسيوم، وملح النشادر، وحامض الكبريتيك، وأكسيد الزرنيخ، وكربونات الرصاص، وعنصر الأنتيمون، والسم السليماني، وعنصر الصوديوم، وزيت الزاج النقي، وحامض النيتريك، وحامض الهيدروكلوريك، والصودا الكاوية.
أوجد جابر أيضاً طرائق لتقطير الخل المركز، وطرائق لصبغ القماش ودباغة الجلود، وفصل الفضة عن الذهب، واستعمل لصناعة الزجاج أكسيد المغنيسيوم، وقام بأبحاث في التكليس وإرجاع المعدن إلى أصله بوساطة الأكسجين، وابتكر آلة لاستخراج الوزن النوعي للمعادن والأحجار والسوائل وللأجسام التي تذوب في الماء، كما اكتشف أن الزئبق المصعد بالتبخير يزيل العفونة ويسهل البطن، وتحدث عن السموم، ودفع مضارها فوضع بذلك أساس علم السموم.
كما وضع جابر بن حيان العديد من النظريات العلمية التي سبقت العلم الحديث بأكثر من ألف سنة، ومن هذه النظريات، نظرية إن كل المواد القابلة للاحتراق والفلزات القابلة للأكسدة تتكون من أصول زئبقية وكبريتية وملحية، وضع نظرية الاتحاد الكيميائي، وقال إنه يمكن نظرياً تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة والعكس بالعكس، ولعل هذا كله ما جعله المؤسس الأول لعلم الكيمياء التجريبي، حيث يعد أول من استخلص معلوماته الكيميائية من خلال التجارب والاستقراء والاستنتاج العلمي، حتى أن الكيمياء اقترنت باسمه فقالوا «كيمياء جابر»، و«الكيمياء لجابر»، كما أُطلق عليه لقب «شيخ الكيميائيين». ومن أبرز مؤلفات جابر بن حيان كتب الخواص الكبير، وكتاب الأحجار، وإخراج ما في القوة إلى الفعل، والأسرار، والسموم ودفع مضارها، والتصريف، والحاصل، والسر المكنون، والموازين، والزيج اللطيف، والرياض، والحدود، والاستتمام والاستيفاء، والتكليس، والكمال.
توفي جابر بن حيان عام 194 هجرية «814 ميلادية» عن عمر يناهز التسعين عاماً.