6 ابريل 2011 21:40
يبدو الليل طويلا باهتا وبجوفه كنه الأشياء الغريبة
ولغة مختلفة بيني وبين هذا العالم الكبير..
يوما ما قطفنا السهر من شجرة كبيرة
وعند انتصاف ذاكرة الآلام الغريبة تبادلنا النظرات
ووفق شواذ الصمت المقيت رسمنا حديثنا على ورقة خضراء
يتوجنا الظِل بحكمته/ ينهرنا الغبار بضجته حول الأحياء وأزقة المدن العتيقة
ما بين لحظة وأخرى كانت فضاءاتنا مليئة بالحكم/ بتلك الأمثال الضوئية
موسيقانا توقن أننا لسنا على خطأ، وخلف إيماءاتهم كانت دمعة وحيدة تنتظرُ مناديل الرحمة
الإنسان.. هذا المتهم الأول
الموت.. هذا الأخير.. ينادينا هل من مزيد؟
وأنتَ يا صديقي تعاني ومثلُك يشرب من صقيع اليتم صبيبا مراً
كل شيء غامض حتى لفحة الشمس ونسمات الليل الباردة
البدر.. حدثني عن طيبين يجوبون الأرض بوحدتهم
وخلفهم هالات من الحنين
تجري خلفهم وتخلق فوق رؤوسهم دوائر من الصمت لا تنتهي
أنتَ أيها الطيب الكبير.. هاربا نحو كثافة الشجر
خلف غابات الشجن واختصارات الطرق المؤدية إلى وطنك..
وإن يبدو الليل طويلا
وما بين فضاءاتك حقيقة توقفت عند الثواني الليلية الحزينة
دون توازن اعتقلني السجان وتركني فارغة العقل.. مقيدة المشاعر
ساكنة الوجدان..
أحلامي مكتظة حولهم
حين أحببت خيالك لم ألاحظني إلا وسط حقل الرمان وحدي
للفضاءات البعيدة هربنا..
لكزنا أضلع الحياة ومع الخطوة الأولى تعثرنا
ترسبت أحاديثنا في قعر فنجاة القهوة
كانت العرافة تحكي بخوف/ تحملق بخوف/ تبتسم أيضاً بخوف
تقاسمنا نافذة واحدة للهرب وبابهم مؤصد حولنا
عند آخر الممر اغتسلنا من شياطين الهوى
تحجرت مآقينا والشمس غائبة عن تجفيف ملابسنا
الجروح توقدت مع النار المشتعلة جوف الروح
النوم اهتزت أشرعته وطفقت تفاصيلنا راحلة نحو البحر الميت
كأن الصباح باغت أنفاسنا ذات فجر يتيم
كل الطرق بدأت موحشة وذاك الاحتفال التقليدي لبداية العام مطرزاً بالوجع
ثوبي الأزرق بللته أمطار الشتاء ومزقته صرخة الحناجر..
ذاكرتنا عطبت وبدا عقلي فارغا إلا من حديث تثائب على مضض مع فجر الشتاء البارد
وليل كئيب/ ثقيل احتمل أجسادنا المتوجعة كل يوم..
تلك السماء البعيدة تنادينا للأفق.. إلى حرب جديدة.. إلى تجرد التفاصيل الجميلة
قبل منتصف الليل البعيد تذكرت فضاءات أصواتنا.. كانت كصدى الأنين
خالية من عبث الرياح واعصار الموت.. مبحوحة الأنفاس
لها أصابع تناطح السماء.. وأقدام تفلطحت على رصيف الخذلان
وحدي أسمع تغريدة البلبل على عتبة نافذتي في الصباح
أناديه.. أصرخ
إليَُُّ بفنجان قهوة
إليَّ بجناحيك ليُخرجني مني نحو الفضاء..
نحو الغرفة المجاورة للمدينة المسحورة
إليَّ بحجِر أمي كي أصبح سحابة ماطرة على أرض الساعات الثقيلة
إليَّ.. بتلك القصيدة المعلقة على أبواب قلب شاعر ما زال في رحم أمه جنيناً
تلك الأشياء لها رؤية تُجبرك على أن لا تخاف أن لا ترتعب..
تدرك أن المواقيت الملقاة على الرصيف الخلفي من منزلك تناوشك يوميا
تئن وأحلامها باتت تجتاحنا..
اعلم يا صديق فضاءاتي..
إنني
بحاجة إلى مباغتة السطور كي تُنجب منها قوة هائلة تحرر قيد عقلي
بحاجة الى جهة مختلفة أرى فيها أعماقنا الى أين ستصل..
فالحقيقة تتبلور مع مصابيح الغرف المقفلة وتبدأ الشمعة بالانحسار قرب مدفأة الشعور
إليكَ.. خيالٌ بحجم فضاءات أبجدياتنا وصوتي الجاف من حنجرة الوفاء
إليكَ.. أنزع صورة الحنين وأرميها خلف مستنقعاتهم الرثة
سأمحي ذاكرة الألم من جديد وقد أغفو على صدرك ساكنة..
كي نعود كالأمس.. علينا أن نجري خلف أحفاد الغيم ورذاذ المطر البِكر
أن نبلل وسادة الحب بعطر شرقي يبعث فينا نشوة العصور القديمة
أن تندلق أمنياتنا على سطوح ملساء قابلة لشهوة الروح
أن نبتسم ولو قليلاً...
أن ننزلق على حرائر النور..
أن نشاهد البدر من بدايته
أن نعود صغارا..
وننام على أرضنا الطيبة.. على حصيرنا الممزق أطرافه
أن نحصي تلك النجوم التي تحرس تفاصيل طفولتنا ولم تنته بعد..