الجمعة 18 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رب أوزعني أن أشكر نعمتك وأن أعمل صالحاً

رب أوزعني أن أشكر نعمتك وأن أعمل صالحاً
4 يونيو 2017 15:34
أحمد محمد (القاهرة) آتى الله سبحانه داود وسليمان عليهما السلام، علماً عظيماً، لم يزدهما إلا تقوى وخوفاً ورهبة من الله، وورث سليمان داود في هذا العلم، وقد زاده الله بعلم إضافي، فكان له جيش من الإنس والجن والطير، وتعلم كيفية التواصل معهم، علمه الله منطقهم، وكانت جنوده من الكثرة ينتظمون عند التحرك والمسير، من أجل المحافظة على النظم، ويخضعون للانضباط. فلقد أعطى الله تعالى سليمان عليه السلام النبوة والمُلك، وعلمه منطق الطير، فكان شاكراً لأنعم الله عليه، حتى إذا بلغ هو وجنوده وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يهلكنكم سليمان وجنوده، وهم لا يعلمون بذلك، (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)، «سورة النمل: الآية 19»، وهذه من الدعوات المباركة التي وردت في كتاب الله. وجاء في التفسير الميسر، تبسم سليمان ضاحكاً من قول هذه النملة لفهمها واهتدائها إلى تحذير النمل، واستشعر نعمة الله عليه، فتوجه إليه داعياً، رب ألهمني ووفقني، أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ، وأن أعمل عملاً صالحاً ترضاه مني، وأدخلني برحمتك في نعيم جنتك مع عبادك الصالحين الذين ارتضيت أعمالهم. توجه نحو ربه عز وجل داعياً وشاكراً مستزيداً فضله، وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي، لتكون لي القدرة أن استعمل هذه النعم جميعها فيما أمرتني به وما يرضيك، ولا أنحرف عن طريق الحق، فإن أداء شكر هذه النعم لا يكون إلا بتوفيقك وإعانتك، وأن أعمل صالحاً ترضاه، وهو يشير إلى أن بقاء هذا الجيش وتشكيلاته الواسعة غير مهم بالنسبة إليه، بل المهم أن يؤدي عملاً صالحاً يرضي به ربه. وطلب سليمان من ربه، أن يجعله في زمرة الصالحين، ومما يلفت النظر أن يبدأ طلبه بعبارة بكلمة أوزعني، ومفهومه الإلهام الوجداني وإعداد القوى الباطنية كلها لأداء هذا الهدف الكبير، ومعناها اللهم تفضل علي بقدرة وطاقة تجعلني أعبئ كل قواي الداخلية لأداء شكرك، وأداء ما عليَّ من مسؤولية، ودلني على السبيل إليك، لأن الطريق طويل صعب محفوف بالمخاوف والمخاطر، يطلب في الوقت ذاته أن يؤدي الشكر على المواهب والنعم التي أنعمها الله على والديه، لأن كثيراً من مواهب وجود الإنسان يرثها عن والديه، ومما يلفت النظر أن سليمان رغم ملكه الذي لا نظير له، وتلك القدرة الواسعة، إلا أنه يطلب من الله أن يوفقه للعمل الصالح باستمرار، وأهم من ذلك أن يكون في زمرة عباده الصالحين، وهذه مرحلة أسمى من أداء العمل الصالح، لأن الأول يعني صلاح الذات، والثاني صلاح العمل. وفي التفسير الوسيط، بيّن سبحانه ما فعله سليمان بعد أن أدرك ما قالته النملة لأفراد جنسها، فسمع قولها، فاهتزت نفسه وتبسم ضاحكاً من قولها لفطنتها إلى تحذير أبناء جنسها، ولسروره بما قالته عنه وعن جيشه، حيث وصفتهم بأنهم لا يقدمون على إهلاك النمل إلا بسبب عدم شعورهم بهم، ثم حكى سبحانه ما نطق به سليمان بعد ذلك، وقال يا رب ألهمني المداومة على شكرك والامتناع عن جحود نعمك والكف عن كل ما يؤدي إلى كفران مننك التي أفضتها عليَّ وعلى والديّ، ووفقني كذلك لأن أعمل عملاً صالحاً ترضاه عنى وتقبله مني وأدخلني يا إلهي برحمتك وإحسانك في عبادك الصالحين الذين رضيت عنهم ورضوا عنك، وهكذا جمع سليمان عليه السلام في هذا الدعاء البليغ الموثر أسمى ألوان الخشية من الله تعالى والشكر له سبحانه على نعمه والرجاء في رضاه وعطائه الجزيل. وكان ضحك سليمان من قول النملة تعجباً لأن الإنسان إذا رأى ما لا عهد له به تعجب وضحك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض