إبراهيم سليم (أبوظبي)
أكد الدكتور أنور سلام، المدير التنفيذي لدائرة الشؤون الطبية والفنية في شركة «صحة» رئيس مؤتمر صحة الدولي الرابع عشر لطب الأطفال، أن القيادة الرشيدة تحرص أشد الحرص على أن يتمتع جميع سكان أبوظبي بأرقى مستويات الرعاية الصحية، وتسخر كل الإمكانيات لتوفير رعاية صحية رفيعة المستوى لأبناء الإمارات، وتركز على توفير الرعاية الصحية من قبل ولادة الطفل ومواصلة الرعاية في جميع المراحل العمرية، وهذا ما رفع متوسط عمر الفرد في دولة الإمارات بحمد لله إلى 77.8 عام، وفقاً لتقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 2019.
وقال في تصريحات على هامش المؤتمر الذي تنظمه شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، المنعقد حالياً في فندق روزوود بجزيرة الماريا في أبوظبي، أن المشاركين في المؤتمر ناقشوا خلال اليومين الماضيين العديد من الموضوعات الطبية في مجال علاج أمراض الأطفال، وخصوصاً الأمراض الوراثية، إذ تحرص دولة الإمارات على الحد من انتشارها، خاصة تلك الناجمة عن زواج الأقارب، وتعمل شركة «صحة» على تثقيف أفراد المجتمع للحد من انتشار الأمراض الوراثية، من خلال مخاطبة الناس بما يناسبهم، وتوفير المعلومة بشكل صحيح وإيصالها للفئة المستهدفة، حتى يسهموا في الحد من أنتشار الأمراض الوراثية التي تعد تكلفتها عالية جداً.
منصة مهمة
وأضاف: إن مؤتمر صحة الدولي الرابع عشر لطب الأطفال يعد منصة مهمة للكوادر الطبية والفنية الإماراتية، مشيراً إلى أن المؤتمر استقطب مجموعة من الكفاءات الطبية من أميركا وبريطانيا وبالمنطقة بشكل عام، بحيث يخلق منصة وساحة علمية يتم خلالها أحدث المستجدات في طب الأطفال، ومن أهمها أمراض الروماتيزم والغدد الصماء وخاصة الأمراض الوراثية والجينية، خاصة وأن المجتمع يشهد زيادة في عدد زيجات الأقارب، وبالتالي الحد من تكلفة العلاج من خلال تثقيف فئات المجتمع بمختلف شرائحه، وحسب الشرائح العمرية.
وقال سلام: إن المجتمع أصبح بحاجة إلى إنشاء مستشفى متخصص بعلاج الأطفال، بدلاً من أقسام متفرقة في المستشفيات، مستشفى متقدم ومتخصص لطب الأطفال، سواء بنفس مستشفى الولادة أو بالقرب منه، خاصة في حالة التدخل الجراحي العاجل، ويساعد وجود مستشفى متخصص على توفير مخرجات أفضل، وتحويل المرضى من الأطفال في ذات المستشفى في حالة الاحتياج إلى ذلك، مؤكداً أن المستشفى المتخصص المتقدم يسهم في الحد من التكاليف المادية، والدولة وفرت تواصل مع أفضل المراكز والمستشفيات والمنشآت الطبية بالعالم، وخاصة أن هناك برامج إقامة وتأهيل للأطباء.
أفضل الخدمات
وذكر رئيس المؤتمر، أن إمارة أبوظبي تقدم أفضل خدمات طب الأطفال في المنطقة، والكشف المبكر للأمراض لدى الأطفال حتى قبل الولادة، وأسهمت في الحد من تأزم الحالات، لافتاً إلى أن أطفال أبوظبي في أيد أمينة، وأنه تم التركيز على الصحة المدرسية، وجدول تطعيمات مطبق وفق أفضل المعايير العالمية، وبفضل قيادتنا الرشيدة التي لم تبخل على أفراد المجتمع، موضحاً أن ما يميز المؤتمر أنه يتناول «الابتكار والتميز والذكاء الاصطناعي» وشدد على أن الثقافة الصحية أصبحت من الضرورة تدريسها بالمدارس.
وحذر من الانسياق خلف المنتديات على الإنترنت وجروبات التواصل الاجتماعي المتعلقة بالوصفات عند تعرض الأطفال لأي مشكلة صحية، ولا عذر للأمهات، خاصة مع توافر 60 مركزاً صحياً بالإمارة، و6 مستشفيات من أرقى المستشفيات بخلاف القطاع الصحي الخاص، داعياً أفراد المجتمع تجنب النصائح العلاجية من غير المتخصصين.
أعمال اليوم الثاني
من جانبه، قال الدكتور صادق محمد الشريف، استشاري طب الأطفال ورئيس أقسام الأطفال في مستشفى العين، التابع لشركة «صحة»، أن اليوم الثاني للمؤتمر شهد تنظيم 3 جلسات رئيسة، وورش عمل مصاحبة تركزت حول المستجدات في علاج أمراض الأطفال، خاصة المستجدات في طب الجهاز الهضمي عند الأطفال، وضمور العضلات الشوكي، وطب العيون للأطفال، والتهاب المفاصل مجهول السبب للأحداث.
وسلطت الدكتورة شيخة الشحي، طبيبة أطفال في مدينة الشيخ خليفة الطبية التابعة لشركة «صحة» الضوء على نمط المقاومة للميكروبات في عدوى المسالك البولية عند الأطفال عبر دراسة مراقبة مدتها خمس سنوات في مدينة الشيخ خليفة الطبية، فيما تحدثت الدكتورة مها عباس، عن عبء مرض الأنفلونزا في مرضى طب الأطفال في المستشفى مستشفى المفرق التابع لشركة «صحة».
كما تحدثت الدكتورة منال النعيمي عن مسببات الحساسية الشائعة في مرضى التهاب الأنف الربو والحساسية عند الأطفال الذين يستخدمون وخز الجلد من خلال اختبار «SPT»، بين الأطفال الإماراتيين في إمارة أبوظبي.
وناقش المؤتمر الحالات التي يتعامل معها أطباء الأطفال في أقسام الطوارئ في المستشفيات، ومن أبرزها انسداد مجرى الهواء عند الأطفال، وحالات طوارئ الأورام، وحالات الطوارئ الأيضية لدى الأطفال.
الأمية الإحصائية
أما الدكتور عبد العلي الدبوسي، استشاري طب الأطفال، ورئيس قسم الأطفال في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، التابعة لشركة «صحة» فقد تحدث في محاضرته أمام المؤتمر حول الأمية الإحصائية عند الأطباء، والمتمثلة في سوء فهم الأطباء لنتائج الفحوص الطبية، وعدم المقدرة في إيصالها للمتلقي، حيث يتجه الأطباء عند تحليل وقراءة نتائج الفحوص الطبية إلى المبالغة في تأكيد الإصابة بمرض ما، وسوء تقدير أن النتيجة إيجابية بنسبة كبيرة، وأعلى مما هي في الواقع.
وقال: إن السبب في انتشار الأمية الإحصائية عند أطباء الأطفال يعود لقلة التدريب، وعدم تقديم المعلومات الإحصائية بطريقة شفافة تساعد المريض على فهم حالته، مشيراً إلى أن هذه الأمية غالباً ما تمنع التواصل الفعال بين الطبيب والمريض.
علاج جيني
وقدم الدكتور روبرت غراهام، استشاري العناية المركزة للأطفال في مستشفى الأطفال في بوسطن الأميركية، وعضو مشارك في قسم طب الرعاية الحرجة، وأستاذ مشارك في طب التخدير في كلية هارفرد الطبية الأميركية، خلاصة تجاربه وأبحاثه المهمة في علم الجينات، خاصة حول أحد الأمراض النادرة التي تصيب الأطفال، وتؤثر في الجهاز العصبي لديهم، وتسبب إعاقة في الحركة والتنفس.
وقال: إن هذا المرض لم يتوفر له أي علاج عند اكتشافه، وكان يكتفي بوضع الطفل المصاب على جهاز التنفس حتى الوفاة، ولكن بفضل الأبحاث التي أجريت تم اكتشاف علاج لهذا المرض من خلال التعرف على الجين المسؤول عنه، إذ توصل العلماء إلى دواء يقوم بإصلاح الشيفرة الجينية، ومن ثم توصلوا إلى دواء آخر يقوم باستبدال الجين.
وأضاف: إن الدواء الأول الخاص بإصلاح الجين تمت الموافقة عليه من قبل مؤسسة الدواء والغذاء الأميركية «FDA» عام 2016 وبدأ استخدامه وكانت له نتائج إيجابية وتأثير كبير جداً على منع حدوث المرض في حالات الولادة الجديدة، كما أدى إلى تحسن في الحالات المصابة واستقرار هذه الحالات، ومنع تطور المرض، مؤكداً أهمية أخذ العلاج فور الولادة مباشرة حتى يتم منع ظهور الأعراض، ويستخدم هذا الدواء عن طريق إعطاء المريض حقنة في العمود الفقري كل 4 أسابيع.
وأوضح أنه منذ اكتشاف الدواء تم علاج 10 آلاف طفل على مستوى العالم، وتم شفاء جميع الحالات بنسب متفاوتة، حيث كانت جميع الحالات يتم تحويلها إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج.
الاكتشاف المبكر يحسن النتائج
قال الدكتور روبرت غراهام: إن علاج هذا المرض الجيني النادر عند الأطفال متوافر منذ عامين في الدولة، ويتم علاج الأطفال المصابين بهذا المرض في مستشفيات شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» وبنجاح تام. أما الدواء الجيني الأحدث الذي تم اكتشافه لعلاج المرض النادر الذي يصيب الجهاز العصبي لدى الأطفال حديثي الولادة فيقوم بتغيير الجين من خلال إزالة الجين المصاب بجين آخر سليم، ويتم إعطاؤه للأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين، وحقق نتائج إيجابية مهمة، وتمت الموافقة عليه من قبل مؤسسة الدواء والغذاء الأميركية في مايو من العام الماضي. وقال الدكتور روبرت غراهام إنه كلما كان اكتشاف المرض مبكراً كانت النتائج أفضل، حيث تم علاج 10 حالات حتى الآن باستخدام هذا الدواء، وإحدى هذه الحالات، هي طفل إماراتي تم تحويله من مستشفى العين بعد تشخيص المرض من قبل الدكتور طارق العزاوي وهو في عمر 7 أشهر، حيث تلقى العلاج في الولايات المتحدة الأميركية على مدى 5 أشهر، وتحسنت حالته وأصبحت مستقرة، وهو يبلغ من العمر حالياً عاماً واحداً.