عدد اليوم
أحمد مراد (القاهرة)
هو أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار بعد الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة بأربعة عشر شهراً، وعندما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان عمره تسعة أعوام.
هو الصحابي الجليل، النعمان بن بشير، ويكنى أبو عبدالله، لم يدرك زمن الجاهلية، حيث ولد مسلما بالمدينة المنورة في شهر جمادى الأول في السنة الثانية من الهجرة النبوية، فأتت به أمه - شقيقة الصحابي عبدالله بن رواحة رضي الله عنه - تحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فحنّكه، وبشرها بثلاث بشرات: الأولى بأنه يعيش حميدا، والثانية بأنه يقتل شهيداً، والثالثة بأنه يدخل الجنة.
يروي النعمان أن أباه نحله غلاما، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده، فقال: «أكل ولدك نحلته مثل هذا؟»?، ? قال: لا، قال: «فاردده».
اجتهد النعمان في طلب العلم النبوي، ورغم صغر سنه حرص على رواية الأحاديث، وقد أتاحت له ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم والقرب منه فرصة سماع الأحاديث وروايتها مباشرة، ومن الأحاديث التي رواها قال: سمعت رسول الله يقول: «إن الحلال بيّن والحرام بيّن وبين ذلك مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشتبهات، فقد استبرأ لدينه ولعرضه، ومن وقع في المشتبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى أوشك أن يقع فيه، ألا إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه».
وروى النعمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»، وقال: صلى بنا رسول الله ذات يوم ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: «سووا صفوفكم ولا تختلفوا فيخالف الله عز وجل بينكم يوم القيامة»، فلقد رأيتنا وإن الرجل منا ليلتمس بمنكبه منكب أخيه وبركبته ركبة أخيه وبقدمه قدم أخيه.
اشتهر النعمان بن بشير بالفتوى والقضاء، وقد ولاه معاوية بن أبي سفيان على الكوفة، تسعة أشهر، ثم عينه قاضيا في الشام، وكان كريما سخيا يحسن إلى الفقراء والمساكين.
ويروى أن أعشى همدان قدم على النعمان بن بشير وهو على حمص، وهو مريض، فقال له النعمان: ما أقدمك؟ قال: لتصلني وتحفظ قرابتي وتقضى ديني، فقال: والله ما عندي، ولكني سائلهم لك شيئاً، ثم قام فصعد المنبر، ثم قال: يا أهل حمص إن هذا ابن عمكم من العراق وهو مسترفدكم شيئاً فما ترون؟، فقالوا: احتكم في أموالنا، فأبى عليهم، فقالوا: قد حكمنا من أموالنا كل رجل دينارين، وكانوا في الديوان عشرين ألف رجل، فعجلها له النعمان من بيت المال أربعين ألف دينار، فلما خرجت أعطياتهم أسقط من عطاء كل رجل منهم دينارين.
ومات النعمان بن بشير شهيدا سنة 65 هجرية.
