أسماء الحسيني (القاهرة)
أعلن حزب الأمة القومي السوداني أحد أكبر الأحزاب المعارضة بالسودان وأحد مكونات قوى الحرية والتغيير، أمس، رفضه الدعوة التي وجهتها قوى التغيير للإضراب العام الذي من المقرر أن يبدأ غدا الثلاثاء، بعد تعثر المفاوضات مع المجلس حول تشكيل السلطات الانتقالية. ويأتي ذلك وسط توقعات بضعف المشاركة، وأنباء متضاربة حول موقف المجلس العسكري، حيث ذكرت أنباء أن المجلس اتصل بقوى التغيير للاجتماع معها اليوم، وأنه أعلن موافقته على مقترح تشكيل مجلس السيادة في الفترة الانتقالية 5 من العسكريين و5 من المدنيين، وأن تكون الرئاسة دورية بين الجانبين، فيما ترددت أنباء أخرى عن تراجع المجلس العسكري عن اتفاقه مع قوى التغيير، وأنه لن يسلم السلطة السيادية لتجمع المهنيين أو قوى التغيير، وأن الفرصة المتاحة أمامهم هي المشاركة في الحكومة المدنية بعد اختيار شخصية قومية رئيسا للوزراء.
وأعلن حزب الأمة في بيانه أمس «رفض الإضراب العام المعلن من بعض جهات المعارضة، واعتبر سلاح الإضراب العام واردا في ظروف متفق عليها، ويقرره إن لزم مجلس قيادي للحرية والتغيير»، لافتا إلى اتفاق سابق على تشكيل ذلك المجلس. وتابع البيان أن «الاعتصام التاريخي أمام القيادة العامة يجسد الثورة الشعبية»، مؤكدا «ضرورة استمراره لحراسة مكاسب الثورة حتى تتحقق أهدافها».
إلا أن الحزب شدد كذلك على «الحرص على استمرار التفاهم مع المجلس العسكري»، موضحا أن ذلك يتطلب «انضباطاً من الجانبين حرصاً على تحقيق أهداف الثورة والمصلحة الوطنية»، و«الاتفاق على ميثاق شرف لتجنب الانزلاق بالفعل وردة الفعل إلى مواجهات لا تفيد إلا عوامل الثورة المضادة».
واعقب هذا الموقف من حزب الأمة صدور بيان من كيان أطلق على نفسه اسم التيار الثوري لحزب الأمة انتقد موقف الحزب من الإضراب، وأعلن رفضه التام لهذا الموقف والتزامه بالإضراب.
وأعربت مصادر أمنية في الخرطوم وخبراء لـ«الاتحاد» عن اعتقادهم أن الإضراب العام والعصيان المدني لن ينجحا بشكل كبير. وقال خبير سوداني: إن قوة القوى المدنية في الاعتصام، ولجوئها للإضراب يضعف فاعليتها، لأن الإسلاميين وأنصار النظام السابق ما زالوا يسيطرون على دولاب الدولة.
وقالت المصادر الأمنية: «إن قوى التغيير تريد شل حركة الدولة ووقف خدماتها من صحة وكهرباء ومياه وتعليم ومواصلات، وأن هذا لن يتم». وأضافت المصادر ذاتها: «قوى التغيير تريد استلام كل شيء، والبلد يواجه مهددات كبيرة، والسلاح منتشر فيها بكثافة، ولابد أن تكون هناك سيطرة نسبية للعسكريين لضبط الانفلاتات، والوصول بالوضع إلى انتخابات ديمقراطية، لكن هؤلاء في إشارة إلى قوى الحرية والتغيير يريدون تكرار تجربة الإنقاذ، من أجل تمكين يساري جديد وعزل باقي القوى السياسية، مؤكدا أن المجلس العسكري لن يتنازل عن أغلبية مجلس السيادة ورئاسة المجلس، وإلا سينظم انتخابات في ديسمبر القادم.
من ناحية أخرى وصل إلى الخرطوم ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال، لأول مرة منذ 8 سنوات قضاها في منفى اختياري متنقلا بين عدد من البلدان. وحظي عرمان باستقبال من قبل قادة المعارضة السودانية وأنصار الحركة الشعبية التي كانت تقاتل حكومة الرئيس المعزول عمر البشير في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ورحبت قوى وشخصيات سودانية بعودته، واعتبرتها إضافة حقيقية في توقيت صعب يمر به السودان، وأنه سياسي ذكي وعملي.
وفي تصريحات له عقب وصوله الخرطوم أرسلها لـ«الاتحاد» قال عرمان: عدنا إلى الخرطوم لنتعلم من ثورتها العظيمة، وليس لدينا دروسا نتلوها على الآخرين، وسنمضي للعمل من أجل بناء سودان جديد، ونعمل من أجل السلام العادل، وسنركز جهودنا على قضايا النازحين واللاجئين والأسرى، والدعوة لترتيبات أمنية جديدة وشاملة» وأكد أنه لا يمكن حل قضية السودان دون حل قضية الحرب».
وأكد «نحن جزء من قوى الحرية والتغيير وندعم وحدتها، ونسعى لقيام جبهة وطنية ضد الفاشية والتمكين، ودون الحفاظ على وحدة قوى الحرية والتغيير لا يمكن تنفيذ البرنامج الانتقالي الذي يهدف إلى قيام دولة ديمقراطية مدنية». وشدد عرمان: لن نقبل بحكم عسكري جديد، ولن ندعو لاستبعاد الجيش والقوات النظامية من الترتيبات الانتقالية، وسندعو لقيام حكومة مدنية سيدة نفسها وقادرة على نقل السودان من الحرب إلى السلام ومن الشمولية إلى الديمقراطية»، وأشار إلى أن السودان يمر بمرحلة حرجة قد تنقلب إلى صراعات إثنية.