31 مارس 2012
غرفة الانتظار: جمعتنا غرفة الانتظار في المستشفى كان بقلق ينتظر مولوده الجديد وكل علامات الارتباك والخوف تراها واضحة في مشيته ذهابا وإيابا. كان ينتظر القادم الجديد بشغف أب وصبر وحب. الانتظار قد يكون صعبا عندما لا تعرف ماذا تنتظر، غرفة العمليات مليئة بالأسرار مادمت بعيدا في غرفة الاتظار. بفرحه حمدالله بعدها عندما عرف أن مولوده الجديد سليم ومعافى فقد كان أبا بارا لولدين من ذوي الاحتياجات الخاصة سخر لهما جل وقته لرعايتهما و جاء الثالث بصحة جيدة ومن هنا تبدأ الحكاية.
الصمت أحيانا لا يعني الصمت: هناك أشياء لا نعلمها عن معاناة آباء وأمهات ذوي الاحتياجات الخاصة وتفاصيل الحياة اليومية المتعبة جدا والمرهقة لهم وهم يروون فلذات أكبادهم يختلفون عن الأبناء الباقين هذا المشهد المتكرر اليومي يبعث على الحزن وفيه الكثير من الصعوبة على الآباء والأمهات الذين يواجهونه بكثير من الجلد والكتمان والصمت ويمارسون حياتهم بصورة طبيعية ويحاولون أن يرسموا ابتسامة طبيعية على وجوه أتعبها الحزن.
كنت أرى كل هذه الملامح على وجه صديقي وهو ينتظر مولوده الجديد وأملا من الله أن يأتي إلى هذه الدنيا معافى وسليماً.
قلت له محاولا تهدئته : ما قدره الله سوف يكون.
قال لي: ونعم بالله و لكن أمنيتي ألا يعاني أبنائي في صغرهم وكبرهم وتمتم بعدها “ربي حقق لي أمنيتي”.
الأمل صديق مخلص يعرف متى ينقذك: هناك آباء وأمهات تغلبوا على الصدمة الأولى وبجهد مضاعف تأقلموا مع أبنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة على الحياة الجديدة و مارسوا دورهم بكل اقتدار وتفان في المجتمع وحققوا الكثير من الإنجازات الفردية والمجتمعية ولهم دور فعال ومهم يتفوق على كثير من الأشخاص الذين لم يمروا بنفس تجربتهم.
هذه التجارب جعلتهم ينظرون إلى الدنيا بنظرة مختلفة يرونها من خلال أبنائهم و من خلال مساعدتهم لهم بصفة يومية حتى يتغلبوا على كل ما يقف بطريقهم. هناك قصص نجاح تستحق أن تروى لهؤلاء الآباء عنوانها الصبر و العمل والكثير من الرحمة.
البكاء لا يعبر عن الحزن والابتسامة تشرح السعادة..تأمل بعمق.. هناك أشياء خلف تعابير الوجوه مؤلمة نظرة الانكسار عند الرجال ومحزنة نظرة الحزن عند المرأة خاصة عندما ترى أبناءك في حالة بدنية مختلفة ولا تقدر أن تفعل الكثير لتغير هذا الوضع. قد يستطيع الآباء مواساة أبنائهم لكن من يواسي نظراتهم وانكسارهم؟
هنا يأتي دور حسن المعاملة من الأفراد والمؤسسات، وتفهم الوضع المختلف لهذه الفئة وفي اعتقادي أن الكثير منا بدأ يعي هذا الوضع و أن الكثير من المؤسسات تفوقت على نفسها في تقديم الخدمات والأمل لهذه الفئة، لكن البعض وأقول “البعض” ما زال يراوح مكانه وبجهل يحاول أن يعزل هذه الفئة ويعاملها بثقافة دخيلة علينا ليس بها من الرحمة والعدالة الشي الكثير.
لن يخذلك مادمت ترفع يدك، هناك رب يسمعك: كلنا لنا أمنيات نود تحقيقها أيادينا معلقة في السماء، قلوبنا دعاء ورجاء، في غرفة الانتظار دعوت له من كل قلبي ساعتها ورغم فرحته الكبيرة بمولوده لن أنسى نظرات انكساره.
jamal.alshehhi@gmail.com