«الأحجار الطبيعية» ممرات التاريخ في الحدائق المنزلية

هناك الكثير من المفردات التي تزين به الحديقة، ومنها الأحجار التي تنقلنا إلى العصور الرومانية والحضارات القديمة التي ازدهرت بفنون هذه الأحجار، وشكلت به الكثير من مظاهرها البنائية الفنية التراثية التي مازالت آثارها محطة مهمة لريشة أي فنان، حيث يدون بفرشاته تلك الآثار والمفردات التي ظلت صامدة باقية ثابتة في وجه عوامل التعرية متشبثة بعباءتها ونمنماتها الدقيقة التي مازالت خطوطها واضحة ومحفورة على الحجر. هذه الروح الباقية برحيل الأوائل الذين شيدوا أبنيتهم وحصونهم وقصورهم بالأحجار، وبالطبع لم تكن الحديقة بمنأى عن وجود الحجر فيها فشكلوا به عناصرها البنائية المتعددة. نتيجة للتطور الذي يشهده قطاع الإنشاءات ورغبة الأفراد في اقتناء الأحجار التي تتوافق مع ذوقهم من خلال تنوع في أشكال وألوانها، برز العديد من المتخصصين في إنتاج أحجار صناعية من وحي الأحجار الطبيعية والتي تفوق الأخيرة في خصائصها. يرى المهندس أسامة أبو جبارة من إحدى شركات تكنولوجيا الحجر الصناعي أن الحجر الطبيعي مفردة جمالية وإرث تاريخي يتمتع بخصائص فريدة في شكله ومظهره؛ لأنه نتاج مجموعة من العوامل الجيولوجية الطبيعية على مدى العصور، كان الإنسان على علاقة قوية بهذه القطعة التي استعان بها في تلبية الكثير من احتياجاته وظروف حياته وطبيعة منازله. يتابع أسامة: بالرغم من عراقة الحجر الطبيعي وحسناته، إلا أنه له عيوبه أيضاً، فهو محدود الأنواع والأشكال والألوان، ويصنف الحجر الطبيعي إلى ثلاث تصنيفات: أ، ب، ج، ونجد الحجر الطبيعي المصنف “أ” باهظ الثمن سميكاً، موحد اللون قليل الشوائب، ويمتص الماء بنسبة قليلة. وبشكل عام، يكون الحجر الطبيعي مناسباً، حيث المكان أو البيئة له، ولكنه يحتاج بعض العلاجات حتى لا يتأثر بالعوامل الخارجية التي يمكن أن تلحق به الأذى على مر السنين. وبضيف أبو جبارة قائلاً: إن أرضيات الحجر الطبيعي بحاجة إلى معالجة عالية نظراً لكونه متصلاً بالأرض مباشرة، وبعد فترة قد يتعرض للملوحة، ومن الممكن أن يتغير لونه وتتكسر أطرافه. ونظراً للنمو الكبير في قطاع الإنشاءات والتطور الذي تحقق في تكنولوجيا صناعة الحجر وحاجة السوق إلى بدائل تتمتع بمواصفات تضاهي الحجر الطبيعي من حيث مميزاتها وخصائصها إلى جانب قيمته المعقولة، توجه المختصون إلى إنتاج الحجر الصناعي بالتكنولوجيا لابتكار أنواع متعددة الأشكال والألوان والأحجام مع وجودة منتج الحجر المصنع. والحجر الصناعي –كما يتابع أبو جبارة - عبارة عن حجر طبيعي محسن، فمن خلال دراسة قمنا بها في السوق العالمي، وجدنا أن الحجر الطبيعي العربي محدود الأشكال والأنواع، في حين رغبة سوق العمل تتطلب المزيد من التصاميم المختلفة والمتعددة. فالأفراد يرغبون في التجديد والبحث عن أشكال وألوان أخرى، إلى جانب مدة وعمر الضمان. صناعة الأحجار الصناعية وحول كيفية صناعة هذا الحجر، يشير أبو جبارة إلى أن الحجر الصناعي عبارة عن حجر طبيعي يتم تفتيته للحصول على مسحوق من “البودرة”، يضاف له إسمنت أبيض ومادة السليكات وانتي فنكس وانتي بكتيريا، ومع إضافة مادة الكريلك ويتم مزجه جيداً ثم يدخل الفرن بحرارة عالية جداً ليكتسب قوة وسماكة، وبهذه المعادلة وجدنا أنه أفضل حجر طبيعي مقاوم للماء وقوة امتصاصه للماء بين 4-10% وعندما أضفنا المواد داخل الحجر قلت قوة امتصاصه للماء وأصبحت 2-4 %. وعندما أضفنا المواد انتي فنكس وانتي بكتيريا كانت النتيجة منع من حدوث تعفن الحجر الأمر الذي جعل الألوان أكثر ثباتاً ومحافظة على بريقها. ويتم خلط الألوان وإضافة لخليط المواد السابقة وبخط الإنتاج نفسه، فعند عمل النحت والتعرية يظل الحجر محافظاً على شكله ولونه. الجميل في الحجر الصناعي يمكن أن يكون أملساً ناعماً وخشناً، ذا وجه لامع أو مطفي، ومعتق، وإضافة تعتيق برونزي، أو عفني، حيث يخلق إيحاء بقدم الحجر. فمجالات التشكيل واسعة بالنسبة للحجر الصناعي، وهناك ما يقارب 1080 تصميماً وبمواصفات وألوان مختلفة، يمكن أن تستعمل ديكورات داخلية وخارجية. الإبداع بالحجر ويؤكد أبو جبارة قائلاً: استطعنا أن نطلق مفهوم الإبداع وابتكار أعمال فنية من خامات الحجر الصناعي التي هي بمثابة المادة التي نشكل بها أي تصميم وأي فكرة قد تراود المرء وباللون والحجم والمقاسات المطلوبة، إلى جانب ما يتمتع به الحجر الصناعي من مقاومته لظروف المناخ، فهو عازل جيد ضد الرطوبة، والحرارة أيضاً يتمتع بجودة عالية، كما يمكن تحسين خواصه بإضافة بعض المواد الكيميائية التي تكسبه مميزات وخواص تظل محافظة على شكلها ولونها فترة طويلة من الزمن، كما يمكن علاجها بين فترة وأخرى من خلال استخدام تقنية الضغط بالرمل، حيث تزيل الطبقة الأولى حتى تظهر الطبقة الجديدة بألوانها الجميلة. ومجالات انتقاء الأشكال والألوان واسعة، كما يمكن اختيار اللون وفق طلب الزبون وانطلاقاً من تفاصيل ونمط بناء المنزل. وكما يتميز بتماثل قطع الحجر الصناعي، حيث يمكن إنتاج كميات كبيرة بالمواصفات نفسها. والحجر الصناعي صلب ويتمتع بقوة كسر عالية، حيث يتم فحصها في مختبرات مخصصة، وهي مناسبة تماماً للأعمال الخارجية مثل عملية تبليط الأرصفة والساحات الخارجية والشوارع والطرقات والممرات لقدرتها العالية على تحمل الأوزان الثقيلة، ويتميز الحجر الصناعي الذي نقوم بإنتاجه بأنه عديم المسامات مما يجعله قليل الامتصاص للماء بنسبة 2 إلى 4% فيكون الحل الأمثل لمشكلات الرطوبة والضغط السلبي، بالإضافة إلى مقاومة الملوحة والفطريات والبكتيريا والتآكل وملاءمته للكساء الخارجي، حيث لا تعلق الأتربة والغبار ولا يحتاج إلى عناء التنظيف مقارنة بالحجر الطبيعي المعرض للكثير من التربة وعوامل التعرية. ممرات الحدائق ويشير أبو جبارة إلى مراحل تركيب الحجر الصناعي ممرات للحدائق، فعادة ما يتم وضع أساس من الكونكريت من 5 إلى 10 سم، يعتمد على طبيعة الأرض وعلى المساحة، ثم نضيف حديداً مسلحاً بقطر 6 ملي في أرضية الإسمنت حتى نضمن عدم حدوث تشققات في الإسمنت، ثم نضع طبقة من المادة العازلة حتى نمنع الماء من أن يصل إلى الحجر، ثم يرص الحجر الصناعي ويلصق بمادة لاصقة أو إسمنت، ثم نضع طبقة عازلة بضمان 10 سنوات، لا يتعرض للكسر أو أن يكون عرضة للأملاح والفطريات ولا يتغير لونه. ويرى أبو جبارة أن للحجر استخدامات متنوعة، حيث يتم تصنع نماذج متنوعة بأشكال متعددة لمفردات الحدائق مثل الممرات، والأحواض، والشوايات والأرضيات والشلالات وبركة السباحة والكرانيش والزخارف الإسلامية ولحاء الشجر، والرسومات بأنواعها، إلى جانب الأعمدة والجداريات، حيث صممت بأشكال وأنواع مختلفة، فمنها ما ينقلنا إلى عوامل فنية أقرب إلى لوحة فنان من خلال رص قطع الأحجار الصغيرة مثل الموزاييك لتقبع كتحفة جمالية جدارية على جدران سور الحديقة أو تشكل أرضية استراحة الحديقة برسمه أقرب ما تكون إلى قطعة من السجاد في تفاصيلها، إلى جانب مداخل الحديقة وأحواضها التي تبني بالأحجار بشكل متدرج الواحدة تلو الأخرى فتحتضن عدداً من الشجيرات المزهرة، والنخليات، ويمكن أن تحتضن باقة من الزهور الموسمية. كما أن الحجر الصناعي يمتلك نوعاً من المرونة في عملية تشكليه، حيث يمكن أن نصنع منه ممرات متعرجة بطريقة أكثر انسيابية، في حين الحجر الطبيعي يصعب تطويعه وفق الشكل والانحراف المطلوبين. حجارة الخطوة نجد عدداً من الممرات التي تتخذ أشكالاً متنوعة منها ما يطلق عليه حجارة الخطوة، ويفضل هذا النوع في بعض الحدائق الصغيرة، وذلك بوضع قطع من حجارة المنبسطة حوالي 30 سم في وسط المسطح للمرور عليه على بعد خطوة من بعضها حتى يمكن استعمالها، كما أن وضع مثل هذه الحجارة في وسط مشاية خضراء متسعة يسهل الحركة عليها في الأيام الماطرة مما يزيد من جمالها، ولكن لا بد أن تكون الحجارة في مستوى المسطح أو المشاية الخضراء حتى لا تعوق عملية قص المسطح، إلى جانب ذلك صممنا بعض الأرضيات والممرات بإيحاء خشبي مما يضفي على الحديقة رونقاً وجمالاً ما أن وزعت بين ثناياها.