السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البيمارستان القَيمُري بدمشق.. مشفى للمحتاجين وجامعة طبية

البيمارستان القَيمُري بدمشق.. مشفى للمحتاجين وجامعة طبية
25 مايو 2019 00:01

أحمد شعبان (القاهرة)

من المعالم التاريخية المهمة بدمشق، يعد البيمارستان القَيمُري أو الصالحية من أشهر الآثار العربية الإسلامية الباقية في العالم الإسلامي، حيث لا يزال يحتفظ بالكثير من عناصره المعمارية والزخرفية والكتابية، ويعبر عن التقدم العلمي والحضاري للعرب المسلمين، وكان بمثابة جامعة تدرس فيها العلوم الطبية، إلى جانب مهمته الأساسية في معالجة المرضى المحتاجين والمساكين وإطعامهم.
يقع البيمارستان القَيمُري بسفح قاسيون وسط حي الصالحية القديمة، بناه وأوقفه سيف الدين القَيمُري العام 646 هـ - 1256م، وهو أحد الأمراء الأيوبيين، وكان ذا ثروة ومال وهيبة، اشترك في معركة دمياط الشهيرة، وأسر فيها ملك الصليبيين الفرنسي، وتوفي وهو يقاتل الصليبيين، ودُفن تجاه شمال البيمارستان القيمري الذي بناه.
كان البيمارستان يعالج سائر المرضى، ومنهم المجانين، وهو موقوف على الفقراء والمساكين، إضافةً إلى كونه بمنزلة كلية للطب يدرّس فيها كبار الأطباء، فبعد أن يتفقد الطبيب مرضاه ومعه طلابه، يأتي إلى إيوان خاص مزود بكل الآلات والكتب ثم يلقي عليهم دروسه، أو يناقش معهم بعض الحالات، وكان بعض كبار الأطباء يجعل له مجلساً عاماً في منزله أو في المدارس الخاصة لتدريس الأطباء الجدد.
ويذكر المؤرخون عن سبب بناء هذا البيمارستان أن الأمير سيف الدين تزوج من ابنة الأمير عز الدين على صداق كبير، وعندما توفيت من غير ولد أخذ صداقها ومصاغها، وصرفه جميعه في بناء البيمارستان وأوقافه، ليكون صدقة جارية لها، وشُيد لهدف أساسي هو معالجة الفقراء وتخريج الأطباء.
وتصف المصادر التاريخية هذا البناء بأن مخططه تأثر بمخطط بناء البيمارستان النوري، الذي بناه نور الدين زنكي في دمشق القديمة، وهو يتألف من الداخل من صحن أوسط مكشوف وفي وسطه بركة عظيمة تزود بالماء من ناعورة، وفيه خدام للرجال والنساء، وكحال، وطبيب وشرباتي، ويوجد عدد من القاعات لمعالجة أمراض متنوعة بحسب الاختصاص، منها قاعة لتجبير العظام، وللجراحة وللأمراض النفسية، والباطنية وغيرها، تطل نوافذ جميع الغرف على دمشق وحدائق الصالحية، والتي وُضعت لتعجيل الشفاء أثناء الاستطباب للمرضى.
تولى حسن باشا بن عبد الله، الأمين المعروف بشوريزه أحد صدور دمشق وأعيانها المتوفى سنة 1027، البيمارستان القَيمُري، وممن تولى النظارة محمد بن قباد المعروف بالسكوني الدمشقي الحنفي مفتي الشام المتوفى سنة 1053هـ، وممن خدم من الأطباء إبراهيم بن إسماعيل بن القاسم بن هبة الله بن المقداد القيسي.
وجاء في موسوعة خطط الشام لمحمد كرد علي: قرأت في كتاب الجوامع والمدارس صورة وقف البيمارستان القيمري، فإذا فيه: هذا وقف أبي الحسن بن أبي الفوارس القيمري على بيمارستانه في الصالحية على معالجة المرضى المحتاجين والأشربة وأجرة الطبيب، في كل شهر لواحد سبعون درهماً ونصف غرارة من قمح، وللمشارف أربعون درهماً ونصف غرارة قمح، وللكحال خمسة وأربعون درهماً ونصف غرارة قمح، ثم ذكر القرى والبساتين والحوانيت والطواحين التي وقفها على بيمارستانه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©