أحمد مراد (القاهرة)
نشأ علي بن أبي طالب وتربى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم منذ أن كان في السادسة من عمره، وقد وجد في النبي حنان الأبوة.
قبل بعثة النبي، أصيبت قريش بأزمة اقتصادية، عانى منها أبو طالب، حيث كان ذا عيال كثيرة، فقرر النبي أن يخفف عنه، وأهاب بعميه حمزة والعباس أن يحملا عن أبي طالب شيئاً من أثقاله، فانطلقا حتى أتيا أبا طالب، فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما، فأخذ العباس جعفراً فضمه إليه، وضم رسول الله إليه علياً، وكان عمره ست سنوات، وقال رسول الله: «لقد اخترت من اختاره الله لي».
منذ ذلك الحين حظي علي باهتمام بالغ من النبي، ونشأ في أحضانه صلى الله عليه وسلم ورعايته، ورافقه أينما حل أو ارتحل، ويروي علي بن أبي طالب ملامح اهتمام النبي بتربيته وتوجيهه، قائلاً: لقد علمتم موضعي من رسول الله بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، أي: رائحته الطيبة، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة، أي: خطأ، في فعل، ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به.
وعندما بُعث النبي برسالة الإسلام، اتبعه علي وآمن به وصدقه، وكان ضمن أول ثلاثة أعلنوا إسلامهم، وأول من آمن من الصبية، ورغم حداثة سنه أدرك من شؤون الدعوة ما يعجز عن فهمه وإدراكه أقرانه في هذه المرحلة العمرية المبكرة.
وظهر أثر التربية المحمدية لعلي بن أبي طالب، عندما أخبر الله نبيه، صلى الله عليه وسلم، بمؤامرة قريش، وأمره بالهجرة من مكة إلى المدينة، وقد دعا علياً مكانه للمبيت في فراشه، وما زال فتى صغيراً، فقال له النبي: «يا علي، إن الروح الأمين هبط على الساعة يخبرني أن قريشاً اجتمعت على المكر بي وقتلي، وأوحي إلى عن ربي أن أهجر دار قومي، وأن أنطلق إلى غار في جبل ثور، وقد أمرني أن آمرك بالمبيت على فراشي وفي مضجعي، لتخفي بمبيتك عليهم أثري، فماذا أنت قائل؟»، فرد علي: أوتسلمنّ بمبيتي يا رسول الله؟، فأجابه النبي: «نعم بذلك وعدني ربي»، فتبسم علي ضاحكاً، وهوى إلى الأرض ساجداً شكراً لله.
كان علي بطل أول مبارزة في تاريخ الإسلام، فقد بارز عمر بن عبدود يوم الخندق في وقت أحجم الكثير عن مبارزته.
وعُرف علي بالبلاغة والفصاحة، حتى لقب بـ«إمام الفصاحة، وسيد البلغاء»، كما اشتهر بالعلم، وقد قال النبي في شأنه: «أنا مدينة العلم وعلي بابها».
تزوج علي بن أبي طالب من فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وأنجب منها الحسن والحسين وزينب، وتولى الخلافة بعد استشهاد عثمان بن عفان وقد دامت فترة خلافته أربع سنوات، ومات بعدها شهيداً سنة 40 هجرية.