الثلاثاء 15 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبناء فلسطين: الإمارات بلد في منزلة الوطن

أبناء فلسطين: الإمارات بلد في منزلة الوطن
24 مايو 2019 00:20

أحمد النجار (دبي)

يعيش في الإمارات منذ 41 عاماً، لا يكتفي بوصفها بلده الثاني، بل إنه يعتبرها بمثابة الوطن لكل جاليات العالم التي تنشد الأمن والأمان والرخاء والاستقرار المعيشي، ولا يبالغ الفلسطيني إبراهيم بركة الذي استطاع خلال فترة إقامته التي تمتد عقوداً من الاستثمار في هذا البلد الذي منحه الكثير من الفرص الذهبية في العيش والاندماج في المجتمع كشخصية ملهمة ومنتجة ساهم في بناء مؤسسة تربوية عريقة هي سلسلة مدارس الشعلة، والتي كان لها دور مهم في صياغة المستقبل للأجيال من خلال تخريج أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة في المرحلة الثانوية من الكوادر التي رفدت المجتمع بالأطباء والمهندسين والطيارين، والمهن المختلفة في قطاعات عديدة ساهمت في مسيرة النهضة الحضارية وقطار البناء والتنمية المزدهرة.

التعايش والإيجابية
بركة تحدث تفصيلاً عن أبناء الجالية الفلسطينية بصفته من أقدم الشخصيات القديمة في الإمارات، وقدم صورة واضحة عن عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني والقواسم الثقافية والاجتماعية التي تربط الشعبين، مشيداً بأجواء الإيجابية ومناخ التعايش والتسامح الذي يميز الإمارات كبلد عن غيرها لا سيما بأنها منذ بدايات تأسيسها كانت ترفع شعار تلك القيم النبيلة.
وقال إبراهيم إن تاريخ وجود الجالية الفلسطينية في الإمارات يعود إلى فترة الخمسينيات من القرن الماضي، حيث حضرت الكثير من الأسماء والرواد من الفلسطينيين، وكان لها بصمات مشهودة في مجالات مهمة في حقل التعليم والصناعة والعقارات والبناء والمقاولات، ونجحوا بالفعل في تأسيس مشاريع وشركات كبرى، وفتح مصانع ومدارس ومستشفيات، سواء في إمارة الشارقة أو دبي رأس الخيمة وعجمان وغيرها، وهو ما انعكس إيجاباً على صيغ اندماجهم مع المجتمع الإماراتي الذي يوصف بأنه مجتمع حضاري مثقف وخلاق ومنفتح ومتفتح يقبل الآخر، ويرحب به ويحترم قيمه وخصوصياته، ويمنحه حرية ممارسة عاداته وتقاليده وطقوسه واحتفالاته وحتى حريته الدينية من دون أي تفرقة أو عنصرية.
وأشار بركة إلى أن أبناء الجالية الفلسطينية، يعتبرون من أقدم الجاليات العربية، ويتذكر أن هناك نادياً ثقافياً واجتماعياً لأبناء الجالية كانوا يجتمعون فيه قديماً، ثم ذابت كل الجاليات في بوتقة كيان جامع هو النادي الثقافي العربي بمنطقة الخان بالشارقة، والذي يجمع كل الجاليات العربية في الشارقة، وأصبح وجهة اجتماعية لإحياء المظاهر الاحتفالية والمناسبات الاجتماعية، وهذا ساهم في تحقيق التعايش والاندماج مع أبناء الجاليات العربية الأخرى، ما عزز الترابط والأواصر لتحقيق التواصل كأبناء مجتمع واحد.

منزلة الوطن
المناسبات والعادات والتقاليد الاجتماعية التي يمارسها أبناء الجالية الفلسطينية بكل حرية ورفاهية في أرض الإمارات، والتي يلقي بركه الضوء عليها، قائلاً إنه لا يختلف اثنان بأن الفلسطينيين يعتبرون هذه البلد بمنزلة وطنهم، ولا يكاد يشعر أحدهم بأي نوع من الغربة، وهذا لا يقتصر فقط على الجالية الفلسطينية بعينها، بل إنه لسان حال كل فرد من أي جالية عربية أو أجنبية، فإذا سألتهم عن صيغ الاندماج، فهي عديدة لكنهم يتفقون جميعاً على أن الحياة في الإمارات، هي رديف الاستقرار المعيشي الذي كانوا يتأملونه ويتمنونه، فضلاً عن الأمان والأمن والعدالة الاجتماعية واحترام الآخر والتعايش تحت مظلة التسامح والألفة والأخوة الإنسانية التي أصبحت عنواناً ونبراساً لكل أفراد المجتمع بكل أطيافه وأجناسه وأعراقه وثقافاته.

عادات الزواج
وبالحديث عن عادات الزواج والخطبة والاحتفاء بالمولود الأول وفق الثقافة الفلسطينية، قال بركة إن هناك قواسم مشتركة في الزواج بين كل الشعوب العربية، وتكمن الخصوصية لدى الفلسطينيين في طريقة التعارف التي تتم عن طريق الأهل لتتم الخطبة والزواج على الطريقة التقليدية، ونفى وجود بعض قصص التحرر في مفهوم الزواج والعلاقات قبل العقد، مؤكداً بحسب احتكاكه ومعايشته لأبناء جاليته بأن 90% من الفلسطينيين لا يشترطون المهر الذي يثقل كاهل الزوج، ولا توجد مبالغات وتمظهرات في احتفالية الزواج، وانطلاقاً من تجربته الشخصية، فقد احتفل بزواج 4 من بناته لم يشترط مهورهن سوى بليرة ذهب واحدة لكل منهن.
أما الخطبة فتقام لها مظاهر احتفالية بسيطة بحسب رغبة العريس، بينما الزفة، فإن لها تقاليدها الخاصة تحييها فرقة الدبكة وتعد أحد عناصر الاحتفال وتستمر يومين، لافتاً إلى أن الاحتفاء بالمولود له بهجة كبيرة لدى العائلة ككل، ويتم الاحتفال به بعد مرور أسبوع، ويتم أحياناً تمليسه بالملح كعادة قديمة ويحتفى به من خلال تبادل جلسات بين العائلتين لتبادل التهاني.
41 عاماً من التعايش والاندماج والشعور بالانتماء والمسؤولية إزاء هذا المجتمع، عاشها إبراهيم بركة، مدير مدارس الشعلة الخاصة في الشارقة وعجمان، في كنف الإمارات، وقال إن هذا العمر لو كان ينطق لكان عبر عن تلك العناصر التي ينشدها أي إنسان في هذا العالم، وهي عناصر قلما تتوافر في بلد بعينه، مشيراً إلى أن الـ 41 عاماً لم تكن وليدة المصادفة، فقد لقيت في الإمارات وطناً مريحاً ومنفتحاً وآمناً ومزدهراً، وتنعمت كغيري من المقيمين على خيرها واحتوائها، وتوافرت لي كل عناصر الاستقرار والعيش الرغيد والأمان على الرغم من أنني تنقلت بين دول عربية كثيرة، لكنني وجدت الروح ترفرف في هوى الإمارات. وبالمناسبة فإن أغلب عائلتي عاشوا هنا ودفنوا هنا، فهي الوطن لكل أسرتي.
وقال بركة: نحن في عام التسامح وقبل أن يطلق هذا العام كاحتفالية وطنية، فإن الإمارات منذ قيام الاتحاد تجسد روح التعايش والتعاون بين الشعوب وكل الجاليات دون استثناء تعيش نفس الظروف في حرية ممارسة المعتقد، والاحتفاء بمظاهر العادات والتقاليد، كما لو أنهم في بلدهم الأم.

وطن آمن للعيش
ومن بين النساء الفلسطينيات اللواتي استطعن وضع بصماتهن الخاصة في مجال الأزياء، مصممة الأزياء نيفين القاضي التي عبرت عن استعراض محطات نجاحها في بلدها الثاني «الإمارات»، فقالت: «تجربة نجاحي لها عدة زوايا، الزاوية الأولى تحد لنفسي كأم وزوجة تخطت عمر الأربعين، والزاوية الثانية هي غيرتي على هويتي العربية، وحث الجيل الصاعد على الحفاظ هويته وأصوله حتى لو كان عن طريق الملابس.
وأضافت: نشأت وترعرعت في بيت عريق، يحب التراث ويشجع على حفظ التقاليد، ومن جدران ذلك البيت بدأت قصتي، ونمت البذور الأولى لحب التراث في داخلي خاصة أن والدي، رحمه الله، مناضل فلسطيني كبير، ودرست الحقوق في مصر، وانصرفت بعدها للعمل في الصحافة والإعلام، كما كان للعمل الأهلي والتطوعي جانب في حياتي، حيث عملت مع اتحاد المرأة الفلسطينية في مصر، وفي ذلك الحين أسست علامة تجارية للأزياء الرجالية، بعد أن خضعت لدراسة برامج عدة في صناعة الأزياء، لألتقي شريك حياتي «خليل» الذي يعتبر الداعم الأكبر لي اليوم، وانتقلنا للعيش في الولايات المتحدة الأميركية لمدة سبع سنوات لاتخذ القرار بعدها باختيار وطن يحتضنني وأطفالي، ويؤمن لنا بيئة آمنة متكاملة ومناسبة للعيش، ولم ألق حينها أفضل من أرض الإمارات الحبيبة التي ما زالت حتى الآن الحضن الدافئ للعرب قاطبةً.
وتابعت: سعيت لإحياء تراث وطني الأم فلسطين الذي أخشى عليه من الاندثار، أما هذا التطور السريع للحياة وانصراف الأجيال الحديثة عن الاهتمام بهذه الأشياء، فبذلت كل ما بوسعي للدمج بين القديم والحديث بطريقة عصرية تناسب أذواق مختلف السيدات واليافعات منهن على وجه التحديد. كما حرصت مواءمة التطريز الفلسطيني مع الزي التراثي لمختلف الدول العربية.

الزي التراثي
وبالحديث عن عاداتها وتقاليدها الاجتماعية، قالت: «نحن في بلد يرفع شعار التسامح لا يمكن أن يسأل قاطنه عن الطريقة التي يمارس بها عادته وتقاليده، فلكل فرد حريته واحترامه لا فرق بين جنس أو دين أو انتماء هذا ما عودتنا عليه أرض الإمارات التي اعتز بوجودي فيها، وأطفالي هم جزء من نسيج دولة الإمارات العريقة وأطياف المجتمع على تعددها تنصهر في بوتقة التسامح والحب والعطاء.
وأشارت إلى أن مكسبها الكبير الذي حققته خلال وجودها في الإمارات، هو بناء الأسرة وتقدم أبنائي، كم استطعت أن أبدأ مشروعي الحلم في تأسيس بوتيك «بيت أف مودا»، وما زال العطاء مستمراً لتحقيق مزيد من النجاحات لي ولأبنائي، أهم ما أسعى إليه هو تحقيق رسالتي في الحفاظ على الزي التراثي العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص من الاندثار، وإيصاله بطريقة معاصر للأجيال القادمة، كما أسعى ليصبح بوتيك بيت أوف موضة علامة تجارية عالمية يقصدها الناس في كل مكان وأن أضيف للخزانة العربية خطاً جديداً من الأزياء فيه ابتكار وعراقة وتراث.

عادات رمضانية
قال خالد العلي، فلسطيني، إن الفلسطينيين كغيرهم من أبناء الثقافات العربية، يهتمون بإحياء ليالي شهر رمضان بالطاعات والعبادات والروحانيات، وتكثر مظاهر الصدقة والمحبة ويشيع الخير بين الناس، وتنتشر الموائد التي ترعاها الجمعيات الخيرية والمؤسسات المختلفة، ويتنافس في تقديمها أصحاب الأيادي البيضاء ورجال الخير، وتحرص النساء بالتناوب في تحضير وجبة الإفطار والذهاب بها إلى بيت الأب أو كبير العائلة، ويكثرون من زيارة الأقارب والأرحام لتوطيد العلاقات الاجتماعية وتعزيز أواصر المحبة بين أفراد الأسرة الواحدة، كما اعتادوا على تبادل الأطباق بين الجيران، وتقديم الاحتياجات الضرورية من مؤونة وطعام إلى المساكين والفقراء في الحي.
أما أشهر الأكلات الفلسطينية، فهي المسخن الفلسطيني، والمفتول بالدجاج، والكنافة النابلسية، وموطنها الأصلي مدينة نابلس، وهي عبارة عن شعيرية على شكل خيوط يتم إضافة السمن والقطر والجبنة العكاوي عليها لضمان عدم ذوبانها، وإعطاء مذاق حلو للكنافة، ويتم تزيينها ببعض مسحوق الفستق الحلبي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض