بدر اللمكي*
غالباً ما تغفل جلسات النقاش العالمية التي تتناول قضايا التغير المناخي عن الدور البالغ الأهمية الذي تلعبه حلول تبريد المناطق المبتكرة في المساهمة في خفض استهلاك الطاقة والحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة.
في ظلّ الزيادة السكانية، والتوسع الحضري إلى جانب النمو الاقتصادي وتحسن المستويات المعيشية، شهد الطلب العالمي على تبريد المباني نمواً ملحوظاً خلال العقدين الأخيرين، ونتيجة لذلك تجاوز معدل استهلاك الطاقة المستخدمة لتبريد المباني الثلاثة أضعاف منذ العام 1990، مؤدياً إلى زيادةٍ حادة في انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون التي وصلت إلى 1.130 مليون طن على مستوى العالم، وفي ذلك أثر بيئي كبير.
وعلاوةً على ذلك، يتطلب تبريد المباني نحو 15% من إجمالي الطلب على الكهرباء خلال أوقات الذروة، في حين تصل هذه النسبة إلى 70% في البلدان ذات المناخات الحارة كمنطقة الشرق الأوسط، وبالتالي، فإن الطلب المتزايد على التبريد يؤدي إلى ارتفاع التكاليف الإجمالية لتوليد وتوزيع الكهرباء.
ومع استمرار تحوّل النمو الاقتصادي العالمي نحو مناطق الجنوب، حيث الدول النامية ذات المناخات الحارة، يستمر ارتفاع الطلب على التبريد، وما يترتب عليه من آثار بيئية واقتصادية.
وتشير تقديرات الوكالة الدولية للطاقة إلى أنّ حجم استهلاك الطاقة المستخدمة في تبريد المباني سيتجاوز الثلاثة أضعاف بحلول عام 2050، أي ما يصل إلى أكثر من 6 آلاف تيراواط ساعة سنوياً، ليصبح بذلك ثاني أقوى محرك لارتفاع الطلب الإجمالي على الكهرباء.
وعلى نحوٍ مشابه، ستستمر حصة التبريد في ذروة الطلب في الارتفاع بشكل حاد، ولاسيما في الدول ذات المناخات الحارة، ما يتطلب استثمارات باهظة لتطوير قدرات توليد وتوزيع الطاقة. وفي مواجهة هذه التحديات، فإنه من الضروري اتخاذ إجراءات حاسمة وفاعلة للتخفيف من حدة هذه الآثار، وتحديداً من خلال تعزيز وتطوير أجهزة وحلول لكفاءة الطاقة.
ويلعب تبريد المناطق دوراً محورياً في مواجهة التحدّيات العالمية، حيث يستهلك طاقة أقل بنسبة 50% مقارنةً بوسائل التبريد التقليدية. وفي حين أنّ تبريد المناطق ينمو بمعدلات ثابتة، إلا أن انتشاره لا يزال محدوداً.
وأعلن أعضاء تحالف التبريد الذي تشكل في أبريل 2019، خلال أعمال قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي 2019، عن التزامات رئيسة جديدة تتعلق بتوفير حلول تبريد ذات كفاءة عالية وصديقة للبيئة من شأنها أن يكون لها أثر إيجابي كبير على تغير المناخ، وتساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتوفير تريليونات الدولارات.
كما تم تسليط الضوء خلال مؤتمر الأمم المتحدة الخامس والعشرين للتغير المناخي، الذي انعقد في مدريد نهاية العام الماضي، على أهميه تزايد اعتماد تبريد المناطق على الصعيد الدولي، إلى جانب كفاءة الطاقة والتنمية المستدامة التي ستكون محور المناقشات في أسبوع أبوظبي للاستدامة المقبل، الذي سيتعقد في الفترة من 11- 18 يناير 2020. ونحن إذ ندرك جيداً الأثر السلبي الحقيقي لهذه الانبعاثات المتزايدة من جراء التغيرات غير المتوقعة في الأنماط المناخية ولتدهور الأنظمة الإيكولوجية الطبيعية، ستلعب شركة «تبريد» دوراً فاعلاً خلال هذه النقاشات بغية تسليط الضوء على التحدّيات الناتجة عن ارتفاع الطلب على الطاقة المرتبطة بالتبريد، فضلاً عن استعراض الحلول التي يوفرها قطاع تبريد المناطق.