الأربعاء 16 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدولة الطولونية.. أول جيش مستقل بمصر

الدولة الطولونية.. أول جيش مستقل بمصر
22 مايو 2019 00:31

القاهرة (الاتحاد)

قويت شوكت الطولونيون، فتدخلوا في شؤون الخلافة العباسية، وهم الذين استقدموهم لاستخدامهم في الجيش ومناحي حياتهم بعد أن دب الضعف والانحلال في جسد الدولة العباسية، فغلب سلطان الطولونيين وظهر عليهم نزعة الميل إلى الانفصال، فقام أحمد بن طولون باستغلال الأوضاع وانفصل بولاية مصر وأسس الدولة الطولونية في القرن الثالث الهجري.
عكف الطولونيون على إرساء قواعد دولتهم وتمكنوا من قمع الفتن الداخلية، فاستقامت أحوال دولتهم فاتجهوا إلى بناء عاصمة لها واختاروا سفح جبل «يشكر» وأطلقوا عليه مدينة القطائع، وظلت مقراً للحكم حتى العام 905م.
حرص الطولونيون على تكوين أول جيش مستقل بمصر في العصور الوسطى وتقويته وتزويده بالمعدات، وبلغ عدد أفراده بعد سنوات قليلة مئة ألف فرد، مسلحين بمختلف أنواع الأسلحة المعروفة في ذلك العهد، وأنشأوا أسطولاً بحريّاً لحماية شواطئ دولتهم والحفاظ على طريق الاتصال البحري، وإقامة الحصون المنيعة، وخرجوا بحملات عسكرية حتى اتسعت رقعة أراضيهم ووصلوا إلى الشام لتثبيت نفوذهم وحماية حدودهم الشمالية، ودخلت في حوزتهم مدن الشام الكبرى كدمشق، وحمص، وحلب، وأنطاكية، وواصلوا الزحف حتى مدينة الرقة بليبيا.
اتسم النظام الطولوني بالإصلاحات الاقتصادية والإدارية والثقافية وساعدهم الموقع الجغرافي لدولتهم على ازدهارها، وكانت الزراعة أحد عوامل النجاح، حيث بلغت الأراضي الزراعية مساحات شاسعة وتم توزيعها على الفلاحين وإمدادهم بالآلات الزراعية والبذور، والتخفيف عن كاهلهم في الخراج، وقاموا بتطهير نهر النيل وإصلاح مقايسه لمتابعة الزيادة والنقصان في منسوب المياه، إلى جانب شق الترع وإقامة الجسور، مما نتج عنه انخفاض أسعار الغلال والمزروعات، كما ازدهرت الصناعة خاصة الأسلحة ونشطت صناعة السفن البحرية والنيلية لنقل التجارة، بالإضافة إلى صناعة النسيج والفخار والمعادن والورق والسكر، وكان الطب على درجة عالية في عصرهم فبنوا المستشفيات وجلبوا الأطباء والأدوية من الخارج، ووصلت الحركة العلمية أوج تطورها، وفي المجال العمراني شيد الطولونيون المنشآت المعمارية، وأنشأوا جامع أحمد بن طولون على مساحة ستة أفدنة ونصف والذي يعد من روائع الفن الإسلامي وأقدم الأبنية الإسلامية في الشمال الأفريقي، وشاهداً على ما بلغته الدولة الطولونية من رقي في فنون العمارة، وما زال قائما بمنارته، كما شملت الإصلاحات الشؤون الإدارية للدولة ورعاية المصالح العامة وأقاموا نظماً جديدة لها تقاليدها ورسومها ودواوينها المختلفة وأسسوا نظام البريد، كما أصلح الطولونيون النظام النقدي وأصدروا العملة الطولونية التي تميزت بقوتها الشرائية، وخلوها من الغش والفساد، ومن نتيجة هذه النهضة أن عمَّ الرخاء، وازدادت مالية الدولة، وامتلأت الخزانة بفائض من المال ساهم في استقرارها وتحقيق الحياة الكريمة لأهلها.
في العام 292 هـ تولى شيبان أخو أحمد بن طولون الحكم فضعفت الدولة في عهده، مما أغرى الخليفة العباسي المكتفي بالله فأرسل جيشاً إلى الفسطاط واستولى عليها، ثم اتجه إلى القطائع وأحرقها ولم يبق منها سوى جامع بن طولون وعادت مصر لحكم العباسيين مرة أخرى.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض