الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

خبراء لـ«الاتحاد»: حكم «الجبهة الإسلامية» مارس الفساد المنظّم

خبراء لـ«الاتحاد»: حكم «الجبهة الإسلامية» مارس الفساد المنظّم
20 مايو 2019 03:26

الخرطوم (الاتحاد)

«ما يقال عن استشراء الفساد بالسودان حديث إفك»، هكذا رد الرئيس السوداني المعزول عمر البشير على منتقدي حكمه في 11 مارس 2010.
وفي مناسبات أخرى، بينما تكشف التحقيقات الجارية الآن في السودان مع رموز النظام السابق -كما يقول مراقبون ومختصون- أن جرائم الفساد المالي لا تقل خطورة عن جرائم الحرب المدوية في دارفور التي ارتكبها نظام البشير، وتلاحقه المحكمة الجنائية الدولية بسببها.
وبقراءة مؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية نجد أن منحنى الفساد في السودان أخذ منحنى تصاعدياً على مدى الثلاثين عاماً الماضية، ومما لا شك فيه أن هذا التصاعد كانت له آثاره السلبية على الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى مجمل حياة الناس في السودان، الذين عانت غالبيتهم الجوع والفقر والمرض والتشرد، بينما ظلت الفئة الحاكمة تستحوذ على غالبية مقدرات هذا الشعب.
وقال طارق بشرى، الكاتب السوداني، إن الفساد في عهد حكم «الجبهة الإسلامية» كان فساداً منظماً، وقد أخذ شكل منحنى متصاعد منذ انقلابها في عام 1989، ويقدر أن 25 مليار دولار أهدرت جراء هذا الفساد الكبير في الفترة فقط من عام 1998 وحتى عام 2009. ويرى بشرى أن «الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية» هيمنت على مفاصل الاقتصاد السوداني وموارده في هذه الحقبة، يساعدها الخطاب السياسي الإسلاموي، ويدعمها مفهوم التمكين، الذي يمنح الفساد الغطاء الأيديولوجي، فتمكنت من الاستحواذ على القدر الأعظم من الفائض الاقتصادي، واقتطاع جزء كبير من القوت الضروري للمواطنين وتحويله لمصلحتها، عبر آليات وقوانين السوق، مروراً بالفساد وجباية التبرعات القسرية، وانتهاء بالقهر الديني والسياسي إلى درجة التصفية الجسدية، مما أدى إلى تضاعف ثروات هذه الرأسمالية الطفيلية عبر نهب أصول القطاع العام، عن طريق البيع أو الإيجار أو المنح بأسعار بخسة لأغنياء «الجبهة الإسلامية» أو لمنظماتها، وقد كونت أكثر من 600 شركة تجارية تابعة لها.
ويرى بشرى أن هذا الفساد المنظم كانت تديره القوى النافذة في حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم، سواء كانوا سياسيين أو رجال أعمال أو من جهاز الأمن، وقد شمل ذلك عائدات البترول والذهب وغيرها. ومن جانبه يرى الصحفي مصطفى عبدالله محمد أن السودان لم يشهد مثل هذا القدر الهائل من الفساد منذ الاستقلال، الذي استشرى في كل مرافق الدولة، وأن الفساد لم يكن فقط في السطو على أموال الدولة أو تبديدها، بل طال الذمم والأخلاق، وأن تقارير المراجع العام كل عام أمام البرلمان تكشف عن عدد هائل من الاختلاسات وتبديد المال العام بالمليارات.
أما المفكر السوداني دكتور حيدر إبراهيم فيرى أن الفساد تحول إلى ظاهرة سودانية في عهد حكم «الجبهة الإسلامية» التي جاءت إلى السلطة ترفع شعارات الدين والأخلاق، والتي بدأت عهدها بإعدام الشابين مجدي وجرجس بتهمة تجارة العملة، ولكنها قامت بعد ذلك باستباحة المال العام، والمشكلة أننا لم نكن أمام نظام عادي بشري يمكن محاسبته ومساءلته، بل هو نظام ديني يعتبر نفسه وكأنه نص «مقدس»، وهذه خطورة الدولة الدينية، فهي لا تعترف بحق الشعب في اختيارها وبالتالي محاسبتها.
وقال حيدر إبراهيم إن حكم «الجبهة» اعتبر السودان ملكية خاصة بهم، ثرواتها ومقدراتها، فحكمت بقوانين استثنائية، وصادرت الممتلكات وجمدت الأموال وباعت القطاع العام والأراضي، واستحوذت على كل الوظائف التي تمكنها من إدارة البلد بصورة مطلقة، وقضت على الخدمة المدنية.
أما الكاتب السوداني فتحي الضو فيرى أن الطريق في عهد «الإنقاذ» كان ممهداً بثقافة التسهيلات والإعفاءات والعطاءات والهدايا والعطايا وفرص السفر وتوزيع الأراضي والسيارات ومنح الاستثمارات والمناصب والمال السايب. وأضاف الضو: أن حزب «الجبهة الإسلامية» الصغير عند توليه السلطة كان يريد أن يكبر، فقام بتسخير إمكانات الدولة من أجل ذلك.
وبدوره يرى الكاتب السوداني تاج السر عثمان أن نظام «الجبهة» سيطر عقب انقلابه عام 1989 على مفاتيح الاقتصاد السوداني عن طريق البنوك الإسلامية وشركات التأمين والاستثمار وحتى المنظمات الخيرية، وذلك عبر نهب أصول القطاع العام، والمرتبات العالية لكوادر «الجبهة»، وتكثيف جباية الضرائب والفساد، ونهب موارد الذهب والبترول، وتجارة العملة والسوق السوداء.
وأشارت تقارير إلى أن 77% من الميزانية السنوية للسودان كانت مخصصة للأجهزة الأمنية للجبهة، كما أكدت سوء إدارة الأموال العامة وإنفاقها خارج الميزانية، والاعتداء على أموال المودعين في البنوك.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©