الإثنين 11 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات 33 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التسامح.. سُنة نبوية أحيتها الإمارات

التسامح.. سُنة نبوية أحيتها الإمارات
18 مايو 2019 02:13

إبراهيم سليم (أبوظبي)

أكد علماء الدين أن التسامح سنة نبوية أحيتها الإمارات، وقدمت للعالم الصورة المشرقة للإسلام، الذي يقبل الآخر، ويتعامل مع الجميع من دون تفرقة، موضحين لـ«الاتحاد» أن دولتنا حاضنة لقيم التسامح والسلم والتعددية الثقافية، وكفلت قوانينها للجميع الاحترام والتقدير، وعدم التمييز، وأنشأت وزارة للتسامح لتعزيز هذه الثقافة على مر الأجيال، وهذا انعكاس لما يتحلى به شعب الإمارات من قيم الإسلام، والعادات العربية الأصيلة.
وقالوا عامل الإسلام غير المسلمين بتسامح ولين، وأقر مبدأ «لا إكراه في الدين»، ووضع أسساً من البر والإحسان في التعامل معهم، وقدم لنا صورة راقية تبين كيف يكون التعاون الإنساني القائم على التسامح واحترام حقوق الآخرين، وأثر ذلك في البناء الحضاري، حيث حرص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على توطيد العلاقات بين المسلمين، وغيرهم من سكان المدينة على أساس من التسامح، فكانت وثيقة المدينة خير شاهد على ذلك.
وأكد العلماء أن التسامح من القيم الإنسانية الراقية، والمبادئ الإسلامية الفاضلة، وحقيقته: حب الخير للناس، واحترامهم وتقديرهم، واللين في التعامل معهم، ومقابلتهم بالإحسان، ورؤية فضلهم وحسناتهم، والصفح عن أخطائهم وزلاتهم.

ريادة الدولة
الدكتور محمود توفيق، عضو هيئة كبار العلماء والأستاذ في جامعة الأزهر، ومن ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة قال: من فضل الله على هذه الدولة أن تأخذ الريادة بأن تحيي سنة النبي صلى الله عليه وسلم «سنة التسامح»، والعفو وهي وفية للعهد، وبينت للعالم أن الإسلام دين التسامح والصفح لا دين التصادم والعنف.
وأضاف: المعروف لدى كل مسلم أن الله وصف رسوله صلى الله عليه وسلم بصفات منها وصفه الرحمة، وهي تتخلق من انشراح الصدر، هذا الصدر الذي وسع العالم كله، وأرسله الله رحمة للعالمين، ولا تتحقق تلك إلا بانشراح صدره للعالمين، فقد وسع صدر النبي كل العالم، وكان رحمة للعالمين، ولم يجعله الله رحمة للمسلمين فقط بل للكون كله.. فكان متسامحاً مع أعدائه وكل من خالفه.
وأضاف: التسامح انشراح صدرك لمن يخالفك، في معتقدك ومذهبك وسلوكك، والخلاف حق وعلينا تقبل الناس، كما هم فليس هناك أحد نسخة من الآخر، ولكل شخص تحمل مسؤولية قراره، وليس مهمة البشر محاسبة البشر فحسابهم عند ربهم، ولكل أحد بيئته الخاصة، ولا نريد أن يكون الناس نسخة منا، ولكل شخص ما يميزه.

خُلق التسامح
أكد الدكتور الحسن إد سعيد، الأستاذ بمعهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية بالرباط، أن التسامح هو الإسلام، فهو معنى جامع لكل وجوه الخير، وبعث النبي بالحنيفية السمحة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولابد للإنسان أن يكون متسامحاً مع الناس ليكون من المحسنين، ودولة الإمارات اتخذت من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه، وهو خُلق التسامح لترسيخ قيمه في المجتمع، وأن الرحمة التي بعث بها النبي هي من التسامح، والصفح وتحمل الآخرين، ومخالطتهم والصبر عليهم، وكظم الغيظ وغيرها من الشمائل المحمدية ما هي إلا نتاج التسامح.
وأضاف: التسامح قيمة إسلامية عليا بها بعث النبي صلى الله عليه وسلم، واستوحت القيادة الرشيدة لدولة الإمارات نهجها من سماحة الإسلام، وما توارثته الأجيال.
وقال: الإمارات تتسم بالسماحة في التعامل مع الآخرين، ومجتمعها متسامح وكل الناس متساوون، باختلاف الأعراق والأجناس، يطبقون العبادة الصحيحة، حيث يسلم الناس في أعراضهم ودمائهم وأموالهم، والعبادة الصحيحة أيضاً أن يسلم الناس من اللسان واليد والسلامة في كل شيء، وخلق التسامح من الأخلاق التي تحلى بها النبي صلى الله عليه وسلم، واعتبر المسلمون، واليهود وغيرهم وكل مجتمع المدينة المنورة أمة واحدة، ووصى بأن يكون المسلم سمحاً في كل ما يقتضيه الأمر في العمل والبيع والشراء حتى في سداد الدين.
من جانبه، قال الدكتور أحمد عبدالمرضي، الباحث في التراث الإسلامي بمشيخة الأزهر الشريف، إن التسامح هو الخلق الذي تستقيم به حياة الناس على هذه الأرض، التي أمرنا الله بإعمارها، ولا تتحقق العمارة في الأرض، وكيف يكون خليفة الله في الأرض، وهو لا يعلي قيمة التسامح، وهي جود وكرم وعطاء، وتعاون، والتعالي عن صغائر الأمور، وتحقيق عمارة الأرض.
وأضاف أن قيم التسامح تجسدت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم تمثيل، والذي ينظر في حياة النبي يرى أن هذه القيمة عالية، وكان للنبي غلام يهودي يخدمه، ومرض فعاده النبي في بيته، ومرت به جنازة يهودي قام لها، وقال أليست نفساً، وكان النبي ينظر إلى كل الناس من غير المسلمين بمنطلق إنساني، وبهذا عامل أهل الكتاب من حوله.
وقال إن الناظر إلى الشريعة الإسلامية يستقري مصادرها ومواردها يعلم أنها شريعة سمحة، وتسري السماحة في تشريعاتها كافة، سواء التشريعات بالعبادات أو المعاملات، وكأن الله يلقن عباده.
وأضاف فضيلته أنه من السهولة واليسر في تكاليف هذه الشريعة أن يكون التسامح روحاً تسري في أوصال المنتسبين إلى الإسلام فيما بينهم، وكذلك مع غيرهم، ومن دون تسامح لا تتعاون الأمم على عمارة الأرض، والإمارات تجسد التسامح وقيمه، وتسري بين أفراد المجتمع، وهي قيمة عالية لها مكانتها بالمجتمع الإماراتي، وتدعم كل خطوة باتجاه هذا التسامح إقليمياً وعالمياً.

الهوية الدينية
المفكر والباحث الدكتور يوسف حميتو قال، إن تسامح المسلم تسام عن كل ما يفسد قيمة الوجود الإنساني، وهو البحث عن عناصر الاتفاق التي يمكن الانطلاق منها لبناء علاقات سليمة ينتج عنها في نهاية الأمر سلام ديني ونفسي واجتماعي، وخاصة في زمن العولمة التي أصبحت تفرض الآخر فرضاً، وتسوق البشر إلى صراعات ونزاعات ليس بالضرورة لهم فيها مصلحة، بل قد يجد الإنسان نفسه في صراع لم يختره، يفرض عليه جراء أهداف دينية أو سياسية أو أيديولوجية، أو جراء احتكار شيء مشترك بين الناس، لكن توجد فئة تريد أن تجعله خاصاً بها دون غيرها، وهذا على مستويات عدة.
وقال إن محل التسامح في نفس المسلم، أن من طبيعة الإنسان المسلم المتحرر من ضيق الأفق ومن سلطة الأيديولوجيات أيا كان نوعها أن يعامل البشر بمنطق السماحة، من منطلق الأخوة، التي إن لم تكن أخوة دينية فهي في الأصل أخوة إنسانية، لذلك فمحل السماحة والتسامح في نفس المسلم واسع جداً يسع العالم كله، ولا يعني التسامح بحال من الأحوال أن المسلم مطلوب منه أن يتنازل عن معتقداته وثوابته التي تمثل هويته وأساس كينونته، بل بالعكس من ذلك، التسامح تشبث بمقومات هذه الهوية، وهو خلق عظيم يدخل في معنى قوله عليه السلام: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق»، لذلك حين يتسامح المسلم فهو يتسامح من منطلق الاعتقاد الراسخ أن الألفة أفضل من العنف، وأن مقام الدعوة بالنسبة للمسلم لا يسقط أبداً، وبالتالي فهو حين يقبل الآخر رغم كل الاختلاف الديني فهو إنما يجسد سلامة الصدر، قد يقول بعضهم: الآخر يرفضني، الآخر عنيف تجاهي، هذا كله قد يكون صحيحاً في الواقع لكنه لا يلغي قاعدة التسامح، لأن التسامح في نهاية الأمر لا يلغي حقي في الدفاع عن كينونتي إذا وصل الأمر إلى حد التهديد الوجودي، أنا أقوم بما علي القيام به فقط، ولست مسؤولاً عن النتائج، فالتسامح إقامة للحجة، وسعي إلى تغليب الخير على الشر.
الدكتور محمود منصور، أستاذ التفسير في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر ومشرف بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أشار إلى أن الناظر إلى القرآن بعين التدبر والمتأمل يجد أن قيمة التسامح ظاهرة في آيات القرآن الكريم، ووصف الله في كتابه عباده المؤمنين بصفات كثيرة، ومنها صفة التسامح وامتدحهم.
وقال إذا كان التسامح من القيم العظمى والصفات الفضلى التي جاء بها ديننا الشريف، فإن في مقدمة الدول التي سعت إلى تحقيق تلك القيمة على الأرض تأتي دولة الإمارات، التي طبقته على الأرض، ولقد عاينا بيئة صالحة يفعل فيها الإنسان كل ما يريد وفق الضوابط، بيئة يتعايش فيها الناس آمنين مطمئنين، ولا يكره أحد على فعل شيء، وهكذا كان مجتمع المدينة المنورة، حيث تعايشت كافة الأطياف في عصر النبي صلى الله عليه وسلم.
وأكد أن ما تبذله الإمارات من جهود في تعزيز السلم ونشر ثقافته في ربوع الأرض لا يمكن أن ينكره أحد، وغير ذلك من الجهود الإماراتية في إقرار السلام وبثه من خلال مؤسسات ضخمة تأخذ على عاتقها تنفيذ هذه المهمة، لا ينكره أحد، وآتت أكلها على أرض القائمين، وبفضل النوايا الصادقة والعمل الدؤوب من القيادة الرشيدة والقائمين على المؤسسات المعززة لجهود السلم.
وأضاف أنه يكفي المسلمين أن يعلموا أن نبينا أتى بالدين السمح، وأنه بعث ليتمم مكارم الأخلاق، وهو الذي قال، إن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وتتسع قاعدة السلام في الإسلام لغير المسلمين، فلابد أن يسلم الناس من لساننا وأيدينا وأن تسلم أموالهم وأعراضهم، والإمارات تحتضن أكثر من مئتي جنسية تعيش في مجتمع واحد.

السلام.. أساس شريعتنا
فضيلة الشيخ إبراهيم الخليل البخاري، أحد ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة أشاد في كلماته بمختلف المساجد في مدينة أبوظبي بعام التسامح الذي أعلنته الإمارات العربية المتحدة، مؤكداً أن المبادرة رسالة قوية حول أهمية تحلي المجتمع بمبادئ التسامح والتآزر، مضيفاً أن معظم قواعد الشريعة الإسلامية بنيت على أسس التسامح، مؤكداً أن المراد الإلهي هو اليسر والتسامح، وليس العسر والتشدد.
وقال: قواعد شريعتنا الغراء جاءت على عديد من الرخص التي تدعو المجتمع إلى أهمية اتباع اليسر والتسامح في أداء الفرائض التي أوجب الله على المسلمين، وفي نفس الوقت الذي أوجبت شريعتنا السمحة القيام عند الصلاة رخصت الجلوس لغير القادرين عليه، وكذلك رخص للمسافرين في قصر الصلاة والجمع بين الصلاتين حسبما ورد في الفقه الإسلامي، وهذه الرخص والعزائم التي وردت في الشريعة الإسلامية أبرز دليل على أهمية اتباع المسلم قيم التسامح والعفو وتجنب صور التشدد.
وأكد فضيلته أن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه في القرآن الكريم بعديد من الأسماء والصفات بما فيها صفات الجمال والجلال، ولكن صفاته الجمالية هي التي وردت في سورة الفاتحة بصورة مكررة، وهكذا نرى في حديث رواه الشيخان عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لمّا خلق الله الخلق كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي، وفي رواية: غلبت غضبي، وهكذا فإن عديداً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تنص بصراحة على أهمية تمسك المجتمع الإسلامي بمبادئ وقيم التسامح والصفح، وكذلك فإن التسامح من أهم مقاصد شريعتنا الغراء وركن أساسي في بناء قواعدها واستنباط أحكامها.
وأشار فضيلته إلى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كانت له مساع ملحوظة في تحقيق مبادئ التسامح والسلام، ليس فقط في منطقة الخليج، بل في أنحاء العالم كافة، كما كانت له إسهامات بارزة في نشر قيم الأخوة على مستوى العالم، مضيفاً أننا تضامناً مع إعلان دولة الإمارات 2019 «عاماً للتسامح» ما زلنا نقوم بتنظيم عدة فعاليات وأنشطة في الهند لنشر مبادئ التسامح والسلام ورسالتها التي ابتكرها الشيخ زايد سفير السلام. وأكد أن الأمة الإسلامية تواجه صعوبات وتحديات عديدة في هذا العصر الراهن، والحل الأمثل للخروج من هذه التحديات بالرجوع إلى طريق السلف الصالح، والذين كانوا قدوة مثلى في إخلاص القلب لله، واستطاعوا التغلب على التحديات بحسن النوايا وقوة اعتمادهم وتوكلهم على الله.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض